فتح الأرشيف والاعتذار الرسمي… توصيات تعيد النقاش حول العدالة الانتقالية بالمغرب

فتح الأرشيف والاعتذار الرسمي… توصيات تعيد النقاش حول العدالة الانتقالية بالمغرب
رصد المغرب
في خطوة جديدة لإحياء النقاش حول ملف العدالة الانتقالية بالمغرب، أصدرت تنسيقية الكرامة واليقظة للعدالة الانتقالية توصيات رسمية عقب الندوة الصحافية التي نظمتها يوم فاتح أكتوبر 2025 بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تحت شعار: “شهادات التعذيب، سؤال الإنصاف، ومقاربة العدالة”. الندوة التي شهدت مشاركة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وهيئات حقوقية وسياسية، أفرزت مجموعة من الخلاصات حملت بعداً سياسياً وحقوقياً لافتاً، تعكس إصرار الفاعلين على إعادة فتح ملفات الماضي بما يتجاوز ما أنجزته هيئة الإنصاف والمصالحة.
محاور التوصيات
ركزت التوصيات على تسعة مستويات أساسية
: تصفية ماضي الانتهاكات: الدعوة إلى طي ملف الانتهاكات الجسيمة منذ الاستقلال حتى أواخر التسعينيات، مع التركيز على ملفات رمزية مثل معتقلي تازمامارت والمقاومين ضد الاستعمار.
الحق في الحقيقة: فتح الأرشيف الأمني والسياسي، والكشف عن المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة، في خطوة تعتبرها التنسيقية شرطاً لأي مسار جاد للعدالة الانتقالية.
جبر الضرر الفردي والجماعي: التأكيد على تعويض الضحايا ليس فقط مادياً، بل أيضاً عبر الرعاية الصحية والإدماج الاجتماعي والاقتصادي، مع الاعتراف الرسمي والعلني بمعاناتهم
. الإصلاح المؤسسي وضمان عدم التكرار: مطالبة بإصلاح شامل للمؤسسات الأمنية والقضائية، وتجريم التعذيب بشكل صارم، وربط الأجهزة الأمنية برقابة ديمقراطية فعلية. الاعتراف الرسمي والاعتذار: دعوة الدولة إلى تحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية، وتقديم اعتذار علني وصريح يعيد الثقة بين الضحايا والدولة.
إشراك الضحايا: تأكيد على ضرورة تمثيل الضحايا وتنظيماتهم في صياغة سياسات الذاكرة والإنصاف.
مسار وطني شامل: إطلاق نقاش وطني موسع تشرف عليه هيئات مستقلة وائتلافات حقوقية، من أجل وضع مسار حقيقي للعدالة الانتقالية بالمغرب.
التحضير لندوة وطنية كبرى: كخطوة عملية لمأسسة الحوار والضغط من أجل تفعيل الإصلاحات المقترحة.
أبعاد سياسية وحقوقية ما يميز هذه التوصيات هو نزوعها نحو المساءلة السياسية المباشرة، سواء عبر المطالبة بفتح الأرشيف الأمني أو عبر الاعتذار الرسمي، وهو ما يعيد النقاش إلى جوهر العدالة الانتقالية: الحقيقة، المحاسبة، الإنصاف، وضمانات عدم التكرار. كما أن الدعوة إلى جبر الضرر الجماعي للمناطق التي تعرضت للتهميش (الريف، الجنوب، الأطلس) تحمل رسالة سياسية واضحة: لا يمكن بناء مصالحة وطنية دون معالجة الاختلالات التنموية التي ورثت عن عقود من القمع والإقصاء.
بهذه التوصيات، تحاول تنسيقية الكرامة واليقظة للعدالة الانتقالية إعادة الاعتبار لضحايا الانتهاكات وإحياء النقاش العمومي حول ملف ظل مؤجلاً. غير أن التحدي الأكبر يبقى في قدرة هذه المبادرات على خلق ضغط وطني وسياسي حقيقي لدفع الدولة نحو فتح صفحة جديدة عنوانها: الحقيقة والإنصاف والمصالحة الكاملة.
إرسال التعليق