قرارات مزاجية تهز العالم: دروس من أزمة جمركية عابرة
رصد المغرب /
في سابقة مثيرة للجدل، أصدر الرئيس الأمريكي قرارا بفرض إجراءات جمركية على جميع دول العالم، قبل أن يتراجع عنه بعد يومين فقط، إثر الزلزال الاقتصادي والسياسي الذي خلفته هذه الخطوة المتسرعة داخل الأسواق العالمية وحتى في بلاده ، هذه الحادثة رغم قصر مدتها، كشفت حجم الخطر الذي يمثله وجود شخص مزاجي على رأس أكبر اقتصاد عالمي، وقائد أول قوة عسكرية في العالم.
غير أن هذه الأزمة بكل سلبياتها، يمكن أن تحمل بين طياتها دروسا بليغة، تستحق التأمل ،ففي حالة الدكتاتورية المنتخبة وهي عندما تتركز السلطات بيد شخص واحد، يصبح من الصعب – إن لم يكن مستحيلا – كبح جماحه، خصوصا حين تكون المؤسسات التي يفترض أن تراقبه خاضعة له، إما بالولاء الحزبي أو التعيين المباشر. هذا ما يعرف بـ”الدكتاتورية المنتخبة”، وهي الوجه الآخر للديمقراطية حين تتحول إلى أداة لحكم استبدادي مغطى بشرعية انتخابية ، أما في الدول التي تكرس في دساتيرها حاكما فوق المحاسبة وفوق المؤسسات، فداك مسار يفضي إلى الاستبداد الكامل وتحويل المواطنين إلى مجرد “رعية”.
وهناك اجتماع السلطة والتجارة ، وهو حذر منه ابن خلدون قبل قرون ، حيث نبه من الجمع بين السلطتين السياسية والاقتصادية، لما في ذلك من مفسدة للإمارة وخراب للعمران ، وعندما يسعى الحاكم لتحقيق مصالح تجارية أو اقتصادية خاصة من موقع السلطة، فإن القرارات تصبح رهينة الحسابات الذاتية لا المصلحة العامة.
وأما الأمر الآخر وليس الأخير ، هي الأنظمة الشعبوية التي تتغذى على الخطابات العاطفية، وترفع شعارات وطنية جوفاء، قد تبدو في ظاهرها قريبة من الناس، لكنها تخاطب الغرائز لا العقول، وتدفع البلاد إلى حافة الأزمات ، هذه الخطابات تغري الناخبين، لكنها في النهاية تفقر الأوطان وتقوّض الاستقرار.
فلربما ليست الديمقراطية النظام الأمثل، لكنها تبقى – كما قال تشرشل – “أسوأ أشكال الحكم، باستثناء كل الأشكال الأخرى التي تمت تجربتها”. وما نراه من أزمات في كبرى الدول ، يؤكد الحاجة إلى أنظمة حكم متوازنة، تحمي الشعوب من نزوات الأفراد، حتى لو جاؤوا إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع.
إرسال التعليق