
“كلير ديبورا”سقوط قناع الإنسانية في بوركينا فاسو وأسئلة عن دورها في اليمن
رصد المغرب / واغادوغو
في مشهد لا يخلو من الدهشة والرمزية، شهدت قاعة الاحتفال الوطني في واغادوغو لحظة غير مسبوقة في تاريخ بوركينا فاسو، حين عرضت السلطات أمام الآلاف من المواطنين وعلى مرأى من رئيس الدولة إبراهيم تراوري، أدلة دامغة تثبت تورط المسؤولة الدولية “كلير ديبورا” في أنشطة تجسسية لصالح دول غربية، تحت غطاء العمل الإنساني.
هذه الخطوة الجريئة من حكومة بوركينا فاسو جاءت بعد شهور من المراقبة الدقيقة، والتنصت القانوني على مكالمات ومراسلات ديبورا، لتجمع خيوط عملية معقدة تكشف عن حجم التلاعب والاختراق الذي كانت تمارسه باسم “الدعم التنموي” و”بناء القدرات”.
فلم تكن كلير مجرد موظفة أممية عادية، بل تم تقديمها لسنوات كـ”صديقة للشعوب الفقيرة”، تتنقل بين دول الساحل الإفريقي والمنطقة العربية، وتطرح خطابا مفعما بالمصطلحات الإنسانية، ولكن ما جرى في واغادوغو دفع كثيرين للبحث في هل كانت ديبورا وحدها؟ وهل كانت بوركينا فاسو المحطة الوحيدة؟
وحين نعود بالذاكرة إلى اليمن، بلد النزاعات المزمنة، نجد أن العمل الإنساني فيه كان دائما محل تساؤل في من يعمل فعلا من أجل الإنسان اليمني؟ ومن يتخذ منه غطاءا لنشاطات استخباراتية أو سياسية؟
وتشير مصادر محلية وخبراء في الشأن اليمني إلى أن أسماء كـ”كلير ديبورا” تكررت في تقارير متعددة تخص وجودا دوليا مثيرا للريبة في بعض المناطق اليمنية، خصوصا تلك التي تقع تحت سيطرة قوى أجنبية أو مليشيات مدعومة غربيا.
فهل كانت كلير جزءا من هذه البنية الدولية الممتدة التي وجدت في اليمن مساحة خصبة لتجنيد المعلومات، ورصد التحولات، وتقديم تقارير مخفية إلى عواصم القرار الأوروبية؟
إننا أمام تساؤل مركزي، وهو هل ستقوم دول أخرى – كاليمن – بمراجعة الأدوار “الإنسانية” على أرضها؟ أم ستبقى بعض المنظمات الدولية تمارس عملها دون مساءلة؟
فمنذ لحظة كشف الفضيحة، توالت الضغوط الدولية على بوركينا فاسو لإطلاق سراح ديبورا ببيانات من منظمات كبرى ودول أوروبية عبرت عن “قلقها” و”رغبتها في توضيحات”، لكن الرد البوركينابي كان واضحاً، وهو العدالة ستأخذ مجراها.
وفي ظل هذه المواجهة الدبلوماسية، يبدو أن بوركينا فاسو فتحت الباب أمام دول إفريقيا والعالم الثالث للبدء في مساءلة النخب الدولية التي تعمل تحت لافتات إنسانية، دون رقابة حقيقية على النوايا والأهداف، حيث تكشف قصة كلير ديبورا، كما كشفت قضايا أخرى قبلها، أن العمل الإنساني بات ساحة مزدوجة، فهناك ساحة للخير أحيانا، وساحة للاختراق الجيوسياسي أحيانا أخرى، و ما جرى في واغادوغو يجب أن يكون جرس إنذار لكل الدول ذات السيادة الضعيفة والمؤسسات الرقابية المحدودة.
فمن يدري؟ قد تكون “كلير” قد مرت من هنا وهناك، وتركت وراءها أكثر من سؤال، لا يزال معلقا دون إجابة.
إرسال التعليق