ماذا لو؟…. حلم جيل

ماذا لو؟…. حلم جيل
رصد المغرب/بدر الجنيدي
في عالم مواز اجتمعت مجموعة من الشباب ،وقرروا النزول إلى الشارع للمطالبة بحياة كريمة وإصلاح قطاعي الصحة والتعليم،فاستقبلتهم قوات الشرطة بالترحاب،وأمنت لهم جنبات الطرق،ومنعت الدخلاء من تعكير صفو مسيرتهم،ووقف رجال الأمن يشمون الأزهار التي يهديها لهم المتظاهرون عند عبروهم،ورفعت اللافتات و شعارات الاحتجاج بابتسامة تعلو محيا الجميع.
و بعد انتهاء المسيرة أطل السيد رئيس الحكومة،قائلا:” شكرا أبنائي الأعزاء ،فلقد بلغني صوتكم،و الآن حان وقت التغيير”.
هذه اللوحة الجميلة،لو كتب لها بالأمس وأول أمس التحقق على أرض الواقع في الرباط والبيضاء وطنجة و غيرها من المدن المغربية ،لارتفع ذكر المغرب عاليا،ولا أثبت أن المصالحة التي افتتح بها العهد الجديد أيامه منهجا وأسلوبا وليست شعارات أقبرت في أرشيف الهيئة ،أقصد هيئة الانصاف و المصالحة.
لقد آمنا بهذا الوطن أشد الإيمان،وتعلقنا بأهداب أهدابه حتى ونحن نرقب منسوب الحرية يتراجع،والمقولات الكبرى تتوارى ، وتمسكنا بالاصلاح في ظل الاستقرار وبلدان العرب تشتعل من حولنا.،قائلين مع درويش:” على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.
انشغلنا بالتنمية الذاتية انشغال الطالب للخلاص، وعكفنا على كتبها المخدرة في أغلب عناوينها ، وضعنا بين وضع الخطط و خطط الخطط،وتركنا السياسة عن قناعة شخصية،وركزنا على بناء الذات أولا و أن التغيير يبدأ من الداخل ثانيا،وأن لا تسأل عن ماذا أعطاك الوطن بل قل ماذا قدمت أنت للوطن؟.
لكن اليوم،والهراوات تتساقط على الورود التي تفتحت في بساتين البلاد،أدركت أنني كنت مخطئا وربما كل من انشغل بما انشغلنا به كان مخطئا أيضا،والسبب ببساطة أننا حاولنا نثر البذور في القفر والصحاري،وأقنعنا أنفسنا أن الخير قادم،وانتظرنا غودو الذي لا يأتي.
اليوم،الدولة أمام جيل جديد نشأ منغمسا في عالم الديجيتال،لا يؤمن بجميع المؤسسات التي آمنا بجدواها،وينظم نفسه خارج الأحزاب،لا يثق في الزعامات السياسية،وليست عنده رغبة في الوصول للسلطة أو الحكم،رغبته وحيدة وفريدة ” العيش الكريم وما جاوره”.
رسالتي لمن يهمه الأمر، منطق الزراوطة لا يزيد الوضع إلا تعقيدا و التجربة الداخلية والخارجية تتبث هذا،فما فتح أبواب جهنم على بلدان أخرى إلا هذا التسرع في الردع و المنع والقمع.
أنا من جيل المخضرمين ،أخذنا من آبائنا نظرتهم للحياة والدولة،و تعلمنا التعايش مع الاحتقان والتشبث بالأمل إلى أن تخف وطأته ، ثم فتحت علينا أبواب الرقمنة على غرة،فولجناها بعقول تحمل الأصالة في تلابيبها و متطلعة لحديث آت، لكن هذه الصور التي انهالت علينا تزيد منسوب اليأس في قلوبنا ارتفاعا وتجعل سقف أحلامنا يتهاوى أمامنا من جديد.
فأرجوكم أرجوكم … لا مهرب من الانصات والاستجابة ،فلا نريد لكرة الثلج أن تكبر و تكبر حتى تدهسنا جميعا.
إرسال التعليق