مدريد والجزائر نحو مصالحة دبلوماسية تعيد رسم موازين المتوسط
مدريد والجزائر نحو مصالحة دبلوماسية تعيد رسم موازين المتوسط
رصد المغرب
تتجه كل من مدريد والجزائر إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بعد فترة طويلة من البرود الدبلوماسي، بدأت منذ إعلان إسبانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وتعمل الحكومتان حالياً على تهيئة الظروف واستعادة الثقة، من خلال فتح قنوات تواصل سياسية وتفعيل التعاون في ملفات الطاقة والهجرة والأمن الإقليمي.
وحسب صحيفة ذا أوبجكتيف الإسبانية، يستعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للقيام بزيارة رسمية إلى مدريد خلال الشهر الحالي، وهي خطوة يُعوّل عليها رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لإعادة التوازن لعلاقات بلاده مع الضفة الجنوبية للمتوسط، بعد الشراكة المتقدمة التي عززتها مدريد مع الرباط منذ 2022.
وتعد الزيارة المرتقبة الأولى من نوعها لتبون منذ توليه الرئاسة في 2019، بينما كانت آخر زيارة لسانشيز إلى الجزائر عام 2020، قبل اندلاع الأزمة التي فجرتها المواقف المتباينة بشأن ملف الصحراء.
وفي إطار تهيئة المناخ السياسي، تستعد الحكومة الإسبانية لتعيين راميرو فرنانديز باتشيير سفيرًا جديدًا في الجزائر، خلفًا لفرناندو موران كالفوسوتيلو، في إشارة إلى رغبة مدريد في إعادة الدفء للدبلوماسية الثنائية.
العلاقات بين البلدين شهدت جمودًا دام 28 شهرًا، عقب سحب الجزائر لسفيرها وتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة عام 2002، لكن عودة السفير الجزائري إلى مدريد منذ نهاية 2023 أعادت فتح مسار تطبيع تدريجي ومتدرج.
وتعزز هذا المسار عبر لقاء وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بنظيره الجزائري أحمد عطاف على هامش اجتماعات مجموعة العشرين، حيث وصف ألباريس العلاقات الثنائية بأنها “ممتازة”، مع تأكيد رغبة الجانبين في توسيع التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي.
كما قام وزير الداخلية الإسباني بزيارة إلى الجزائر في أكتوبر الماضي، وهي الأولى منذ الأزمة، جرى خلالها الاتفاق على توسيع التنسيق الأمني والقضائي، ومكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب البشر، واسترجاع الأموال المهربة، فضلًا عن برامج التكوين والحماية المدنية.
من جهته، شدد وزير الداخلية الجزائري سعيد سعيود على أن بلاده تواجه “ضغوطًا متزايدة” بسبب موجات الهجرة القادمة من إفريقيا وآسيا، مشيرًا إلى منع أكثر من 100 ألف مهاجر من العبور خلال عامي 2024 و2025، وترحيل نحو 82 ألفًا بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
وتواجه مدريد ضغوطًا داخلية وأوروبية بعد ارتفاع عدد القوارب المنطلقة من السواحل الجزائرية نحو جزر البليار خلال الصيف الماضي، متجاوزًا أعداد القادمين إلى جزر الكناري في الفترة نفسها.
اقتصاديًا، ما تزال تداعيات الأزمة حاضرة، إذ تكبدت الشركات الإسبانية خسائر تصل إلى 3.2 مليار يورو، بعدما هبطت الصادرات الإسبانية نحو الجزائر من 1.9 مليار يورو في 2021 إلى 330 مليونًا فقط خلال 2023، دون أن تعود إلى مستوياتها السابقة رغم رفع القيود التجارية.
إرسال التعليق