مراكش تختنق تحت المطر: عمدة المدينة على محك المساءلة
رصد المغرب / عبد الصمد الشرادي
مراكش ساعات قليلة من التساقطات المطرية كانت كافية لكشف المستور ، بنية تحتية مهترئة ، وأحياء غرقت في المياه ، وواقع عمراني هش يفضح سنوات من التدبير العشوائي بحي القصبة ، أحد أقدم وأعرق أحياء المدينة الحمراء ، غمرته المياه كليا ، وتحولت أزقته إلى برك آسنة ، وسط صمت رسمي وسخط شعبي يتزايد يوما بعد يوم.
في قلب هذه العاصفة السياسية ، تبرز فاطمة الزهراء المنصوري ، عمدة مراكش ووزيرة إعداد التراب الوطني ، كأول المسؤولات موضوعا للمساءلة ، نختز منها سؤالين هما أين ذهبت الملايير المرصودة لتأهيل المدينة؟ ولماذا تغرق مراكش مع كل زخة مطر؟
المفارقة القاسية أن المدينة التي تستقطب الملايين من السياح سنويا ، وتسوّق كوجهة عالمية ، لم تستطع أن تحمي سكانها من بضعة ميليمترات من المطر ، فإذا كان حي القصبة التراثي ، القريب من قصر الباهية وجامع الكتبية ، قد غرق ، فماذا عن الأحياء الشعبية البعيدة عن الأضواء؟
الواقع يفوق الخيال ، بسبب بنى تحتية غير مهيأة ، وقنوات صرف لم تصمد أمام أول اختبار ، وأموال طائلة صرفت على مشاريع تجميلية ، دون أدنى مراعاة لأولويات الساكنة.
فاليوم لا يطرح السؤال عن المسؤول فقط ، بل عن النوايا ، فهل كان هناك فعلا تصور جدي لتأهيل المدينة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه حملة تجميل سياسي لا تصمد أمام الماء والطين؟، ففي زمن الأزمات ، لا يكفي التبرير ، ولا تغني البيانات الرسمية عن الحقيقة على الأرض.
فالمطلوب اليوم ليس فقط محاسبة ، بل مشروع إنقاذ شامل لمدينة أصبحت رهينة للأمطار ، في بلد يفترض أنه دخل عهد “النموذج التنموي الجديد” ، فهل ستخرج المنصوري عن صمتها؟ وهل تملك الشجاعة السياسية للاعتراف بالإخفاق وتحمل المسؤولية؟ أم سننتظر موسم الأمطار المقبل لنعيد طرح نفس الأسئلة، على نفس الوجوه؟
إرسال التعليق