مستشفيات فاس العتيقة بين أطلال الماضي وانتظار الحياة من جديد

مستشفيات فاس العتيقة بين أطلال الماضي وانتظار الحياة من جديد
رصدالمغرب / عبدالعالي بريك
المدينة التي لطالما عرفت بكونها منارة للعلم والثقافة، وحاضنة لروح الكرم والنخوة والشهامة، تعيش اليوم واقعا صحيا صعبا يثير الكثير من الأسى في نفوس سكانها، لأن مستشفى ابن الخطيب المعروف لدى الفاسيين باسم “كوكار”، يبدو وكأنه خرج من دائرة الخدمة الصحية ليدخل خانة الصمت والفراغ، حيث يغيب الأطباء والممرضون، وتخلو أروقته إلا من بعض القطط والبعوض.
المشهد نفسه يتكرر ، حيث يصف المواطنون الوضع هناك بكونه مكان للأشباح، أبواب مفتوحة وحراس أمن خاص يقومون بأدوار ليست من اختصاصهم، وإدارات صامتة عاجزة عن بث الحياة في هذه الفضاءات التي شيدت أصلا لخدمة المريض وصون كرامته.
يتحسر سكان المدينة العتيقة على زمن لم يعد قريبا، حين كان الطبيب بلباسه الأبيض وسماعة القلب المعلقة على عنقه رمز الطمأنينة، وحين كان الممرض يسهر على راحة المريض بحرص ومسؤولية، وليس كما بات اليوم ، تبدو تلك الصورة بعيدة المنال في ظل مشهد يطغى عليه الفراغ والغياب.
هذا الواقع يطرح أسئلة ملحّة، وهي متى تستعيد مستشفيات فاس العتيقة دورها الحيوي؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا الخفوت في الخدمات الصحية؟ وكيف يمكن إعادة الاعتبار لهذه المؤسسات التي ترتبط في وجدان الفاسيين بتاريخ مدينتهم العريق؟
إن عودة الحياة إلى مستشفيات فاس لن تكون مجرد مطلب خدمي، بل استعادة لجزء من هوية المدينة وتاريخها، لأن فاس التي أنجبت العلماء والأطباء واحتضنت أول جامعة في العالم، تستحق أن تكون مؤسساتها الصحية في مستوى إرثها الحضاري والإنساني.
إرسال التعليق