مفهوم الحاكمية

آخر الأخبار

مفهوم الحاكمية

رصد المغرب /الدكتور عبد النور بزا 

توطئة

الحديث عن مفهوم الحاكمية؛ هو عين الحديث عن المرجعية تحديدا، وهذا يعني أن ما من أمة أو دولة أو جماعة أو أفراد إلا ولهم مرجعيتهم الحاكمة التي تؤطر حياتهم ويستمدون منها رؤاهم الكلية للعالم بما فيه ومن فيه، وعلى أساسها ينظمون علاقاتهم الخاصة والعامة، ولا يقدمون على أي فعل كيفما كان وفي أي مجال كان حتى يعلموا حكمها فيه؛ فيستأذنونها في فعل ما يريدون ابتداء؛ فإن أدنت لهم فعلوا، وإلا أحجموا ولم يقدموا حتى يؤذن لهم؛ من قبل هذه المرجعية أو تلك.

وعليه؛ فليس في الدنيا من لا حاكمية له ولا مرجعية له، كل ما هنالك أن المرجعية الحاكمة تختلف باختلاف مصدرها ليس إلا. وهي في محصلتها النهائية لا تخرج عن حاكميتين؛ وهما: الحاكمية الشرعية ذات المصدر الإلهي الواحد الأحد، والحاكمية الوضعية ذات المصادر البشرية المختلفة. وما يهمنا في هذه الورقة هو بيان مفهوم الحاكمية الإلهية تحديدا. فنقول:

إن قضية الحاكمية الإلهية قضية قديمة متجددة؛ بدأت بما تنزل فيها من الوحي، (  كتابا وسنة ) ومرت بما ثار بشأنها من خلاف منذ عهد الصحابة، ( رفع المصاحف على السيوف وترديد الخوارج لمقولة لا حكم إلا لله، ونقض عروة الحكم ) وتوسعت الأنظار فيها مع علماء الكلام؛ في مبحث:                ( التحسين والتقبيح العقليين ) وعلماء أصول الفقه؛ في مبحثي: ( الحاكم و الحكم )، وأئمة المقاصد في مبحث: ( قصد الشارع في وضع الشريعة لدخول المكلف تحت أحكامها )، واستمر النظر فيها مع رواد الفكر الإسلامي الحديث ولما ينقطع إلى اليوم. ( كتابات المودودي وسيد قطب وغيرها ). وفيما يلي ما تيسر من النظر فيها مفصلا في المطالب التالية:

 

المطلب الأول: مدلول الحاكمية في اللغة والاصطلاح

المطلب الثاني: الحاكمية في القرآن والسنة والتراث

المطلب الثالث: الحاكمية في الفكر الإسلامي الحديث

خلاصة

 

 

المطلب الأول: مدلول الحاكمية في اللغة والاصطلاح

الحاكمية مصدر صناعي حديث؛ يتميز بخصائص العموم والشمول والإطلاق، وأصله في لسان العرب؛ من” الحُكْـمُ ” الذي هو المنع من الظلم، والقضاء بالعدل، والحكمة والعلم، والفقه في الدين.[1] وكل هذه المعاني؛ ليست إلا وجها من أوجه مفهوم الحاكمية كما هي في حقيقة مدلولها الاصطلاحي الشامل.  

هذا؛ وعلى الرغم من كثرة ما نحثه علماؤنا القدماء من مصطلحات ومفاهيم في مختلف التخصصات العلمية؛ فلا نعثر لهم على ” مصطلح الحاكمية ” ضمن ما صنفوه من قواميس مصطلحية؛ ولعلهم اكتفوا بدلا منه بما قرروه في تعريف ” الحكم ” بمعناه الأصولي.  وهو: ” خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، اقتضاءً أو تخييراً أو وضعاً.”[2]

وإلى هنا توقف الحديث عن الحاكمية في بعدها التشريعي الخاص بأفعال المكلفين، ولم يتردد الكلام عنها طيلة قرون، في أبعادها الكلية إلا مع الأستاذ أبو الأعلى المودودي. فهو أول من عني بنحث     ” مصطلح الحاكمية “. واستفرغ قصارى جهده في تداوله وبيان معناه، بحيث لا يكاد يخلو كتاب له من بسط الكلام عنه. ومن جملة ما قاله فيه ما يلي:

الحاكمية بكل معنى من معانيها لله تعالى وحده؛ فإنه هو الحاكم الحقيقي في واقع الأمر، ولا يستحق أن يكون الحاكم الأصلي إلا هو وحده. ومن أراد أن يفهم هذه الكلمة حق الفهم؛ فعليه أن يدرك أولاً كلمة ( الحاكمية ) ومدلولها إدراكاً تاماً.”[3] فـ ” ليس لفرد أو أسرة أو طبقة أو حزب أو مجموعة أو لسائر القاطنين فى الدولة نصيب من الحاكمية، فإن الحاكم الحقيقى هو الله، والسلطة الحقيقة مختصة بذاته تعالى وحده … وليس لأحد من دون الله شيء من أمر التشريع، والمسلمون جميعا لا يستطيعون أن يشرعوا قانونا، ولا يقدرون أن يغيروا شيئا مما شرع الله لهم.”[4] إذ ” قد بت الإسلام في مسألة الحاكمية القانونية، وقضى أنها لله تعالى وحده، الذي لا يقوم هذا الكون ولا تسير شؤونه إلا على حاكميته الواقعية، والذي له حق الحاكمية على الناس من غير مشارك ولا منازع. وذلك ما بينه القرآن وأبدأ في ذكره وأعاد في ما لا يكاد يعد من آياته وبقوة من البيان لا يمكن أن يؤتى بمثلها لإثبات أمر ما، فقال: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ.﴾ ( يوسف / 40 ) وقال في موضع آخر:﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء.﴾ ( الأعراف / 3 ) وقد عبر عن الانحراف عن حاكمية الله القانونية بالكفر الصريح في آية ثالثة حيث قال:﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.﴾ ( المائدة / 43 ). ويتضح وضوحاً تاماً من هذه الآية أن الإسلام والإيمان إنما هما عبارة عن التسليم بحاكمية الله القانونية والاذعان لها، وما الجحود بها إلا كفر صريح.”[5]

وحاصل هذه المقولات -وغيرها- أن ” الحاكمية هي السلطة التشريعية العليا المطلقة التي اختص بها الله وحده، وتفرد بها دون غيره؛ سواء على مستوى الخلق الطبيعي؛ أم على مستوى التشريع القانوني الذي لا حق لأحد في وضعه أيا كان؛ فردا أو جماعة أو حزبا أو حكومة أو أي جهة كانت … إلخ”

وهذا المعنى الذي قرره ذ. المودودي بشأن مصطلح الحاكمية الإلهية؛ قد بادر الشهيد سيد قطب؛ إلى إحيائه وتداوله أكثر، وإفراده بما لا مزيد عليه، ولا مثيل له من البيان الموسع عند غيره من قبل ومن بعد، وهو أول من دقق في تحديد معناه فيما نصه:

” و لا بد أن نبادر فنبين أن التشريع لا ينحصر فقط في الأحكام القانونية – كما هو المفهوم الضيق في الأذهان اليوم لكلمة الشريعة – فالتصورات والمناهج، والقيم والموازين، والعادات والتقاليد … كلها تشريع يخضع الأفراد لضغطه …

إن مدلول “ الحاكمية ” في التصور الإسلامي لا ينحصر في تلقي الشرائع القانونية من الله وحده. والتحاكم إليها وحدها. والحكم بها دون سواها … إن مدلول ” الشريعة ” في الإسلام لا ينحصر في التشريعات القانونية، ولا حتى في أصول الحكم ونظامه وأوضاعه. إن هذا المدلول الضيق لا يمثل مدلول ” الشريعة ” في التصور الإسلامي !

إن شريعة الله تعني ما شرعه الله لتنظيم الحياة البشرية … وهذا يتمثل في أصول الاعتقاد، وأصول الحكم، وأصول الأخلاق، وأصول السلوك، وأصول المعرفة أيضاً.

يتمثل في الاعتقاد والتصور – بكل مقومات هذا التصور – تصور حقيقة الألوهية، وحقيقة الكون، وغيبه وشهوده، وحقيقة الحياة، غيبها وشهودها، وحقيقة الإنسان، والارتباطات بين هذه الحقائق كلها، وتعامل الإنسان معها.

ويتمثل في الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والأصول التي تقوم عليها، لتتمثل فيها العبودية الكاملة لله وحده.

ويتمثل في التشريعات القانونية، التي تنظم هذه الأوضاع. وهو ما يطلق عليه اسم ” الشريعة ” غالباً بمعناها الضيق الذي لا يمثل حقيقة مدلولها في التصور الإسلامي.

ويتمثل في قواعد الأخلاق والسلوك، في القيم والموازين التي تسود المجتمع، ويقوم بها الأشخاص والأشياء والأحداث في الحياة الاجتماعية.

ثم … يتمثل في ” المعرفة ” بكل جوانبها، وفي أصول النشاط الفكري والفني جملة. وفي هذا كله لابد من التلقي عن الله، كالتلقي في الأحكام الشرعية – بمدلولها الضيق المتداول- سواء بسواء.”[6]

وبهذا يتضح أن الحاكمية هي المرجعية الشرعية العليا التي تشمل كل شيء، ولا يخرج عنها أي شيء في حياة الإنسان على جميع المستويات وفي كل المجالات العقدية والتعبدية والقيمية والعلمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفنية والإعلامية والعسكرية وغيرها؛ مما يقطع ببطلان ما ذهب إليه وحيد الدين خان[7] ، وأبو الحسن الندوي[8]، وغيرهما من دعاوى مفادها:

1- أن الحاكمية من البدع التي لا أصل لها في شرع الله، ولا في التراث الثقافي للأمة.!!

2- أن كل ما كتب عن الحاكمية؛ ما هو إلا تفسير سياسي للإسلام ليس إلا .!!

3- أن الحاكمية تنحصر في السلطة السياسية والتشريعات القضائية ولا تتعداهما إلى باقي المجالات !!

والحقيقة بخلاف هذه الدعاوى كلها؛ لمن تأمل ما بذله كل من المودودي، وسيد قطب بالخصوص من جهد في تصحيح معنى الحاكمية وبيان حقيقتها في جميع أبعادها العقدية والتعبدية والقيمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمعرفية والفنية والحضارية؛ وتأكيدهما المتكرر على أنها أخص خصائص الألوهية، وأنها هي عين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. أو قل بعبارة أخرى هي؛ شهادة أن لا حاكم إلا الله، ولا معبود بحق سواه، ولا مبلغ لحكمه سبحانه إلا رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم دون سواه.

فهذه هي حقيقة مفهوم الحاكمية؛ بعيدا عن كل ما تعرضت له من تعطيل أو تحريف جزئي أو كلي على امتداد وجودها التاريخي، ومنه نسير إلى بسطها كما جاءت في القرآن والسنة والتراث.

 

المطلب الثاني: الحاكمية في القرآن والسنة والتراث

 

1- الحاكمية في القرآن

إذا استقرأنا آيات الكتاب العزيز؛ وجدناها مشحونة ببسط ” حقيقة الحاكمية “؛ بحيث يمكننا القول: إن الحاكمية هي جوهر الخطاب القرآني، وقطب رحى قوانينه كلها؛ بل هي كلية الخطاب الإلهي للبشرية برمتها، وهذا يعني أنه في البدء كانت الحاكمية؛ حيث ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.﴾        ( البقرة / 213 ).

وفي الختم كانت الحاكمية؛ وبها أرسل الله خاتم المرسلين؛ إذ قال له: ﴿ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ.

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.

وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ  وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ؛ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ، أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.﴾ ( المائدة / 42، 50 ).[9]

فهذا مجمل بيان حقيقة الحاكمية؛ كما تأصلت في القرآن الكريم؛ بهذا التوسع في البيان، وبهذا الوضوح في العرض، وبهذا التكرار والتنويع في أساليب الخطاب بالاستقراء التام؛ المفيد للقطع بمركزيتها العقدية وشموليتها التشريعية، سواء على المستوى الكوني أو على مستوى الاجتماع البشري؛ منذ بدء الخلق إلى نهاية التاريخ. وإذا وضحت هذه الجملة؛ فلنسر إلى بيانها في السنة النبوية بما يدل على حضورها الواقعي وتنزيلها العملي.

 

2 – الحاكمية في السنة النبوية

وأما الحاكمية في السنة النبوية؛ فهي كثيرة؛ ولا بأس من التذكير ببعض ما جاء فيها؛ كما في حديث معاذ، حين بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، فقال له: ” بم تحكم ؟ قَالَ: بكتاب الله، قَال: ” فإن لم تجد ؟ قَال: بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَال: ” فإن لم تجد ؟ قَال: أجتهد رأيي.”[10]

ومنها ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته لمن أمره على الجيش “… وإذا حاصرت أهل حصن؛ فأرادوا أن تنزلهم على حكم الله؛ فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك؛ فإنك لا تعلم أصبت حكم الله فيهم أم لا.”[11]

ومنها قوله لسعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة:” لقد حكمت فيهم بحكم الملك.” [12]

فهذه النوازل وغيرها مما في معناها، تفيد أنه متى وجد حكم الله في أي نازلة؛ فلا حكم إلا له؛ ولا بديل عنه مطلقا، ومتى فقد ولم يعلم، فلأهل الاجتهاد أن يبذلوا قصارى جهدهم فيما يرونه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد؛ فيحكموا بما بدا لهم منه؛ عملا بمقتضى السياسة الشرعية؛ كما هو المستفاد من قول ابن عقيل فيما نقله عنه ابن القيم:” السياسة: ما كان من الأفعال بحيث يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، ولو لم يشرعه الرسول -صلى الله عليه وسلم، ولا نزل به وحي.”[13] وذلك باعتبار أن السياسة الشرعية هي مجموع الإجراءات والتدابير المصلحية التي تتخذها السلطات العامة لفائدة الخاصة والعامة، ولو لم يأت فيها حكم شرعي خاص؛ كما قال ابن نجيم:        ” السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي.”[14]

وهكذا؛ فحاكمية السنة لا تخرج في معناها الكلي عن حاكمية القرآن، وذلك بحكم أن ” السنة راجعة في معناها إلى الكتاب؛ فهي تفصيل مجمله، وبيان مشكله، وبسط مختصره.”[15] ولهذا لما سئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها-؛ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، قالت: ” كان خلقه القرآن.”[16] ” واقتصرت في خلقه على ذلك؛ فدل على أن قوله وفعله وتقريره راجع إلى القرآن؛ لأن الخلق محصور في هذه الأشياء، ولأن الله جعل القرآن تبيانا لكل شيء.”[17]

والسنة بهذا المعنى؛ هي الترجمة العملية للحاكمية الإلهية على جميع المستويات وفي كل المجالات؛ العقدية والتعبدية والأخلاقية والمعرفية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والفنية … وغير ذلك مما يندرج ضمن مجموع التصرفات النبوية.

سواء بالتبليغ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ.﴾   ( المائدة / 67 ).

أو بالبيان؛﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.﴾ ( النحل / 44 )

أو بالقدوة؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا.﴾ ( الأحزاب / 21 ).

أو بالإمامة السياسية؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.﴾ ( النساء / 59 ).

وهو ما يقطع بأن السنة النبوية هي الترجمة العملية لحقيقة الحاكمية الإلهية بكل ما تعنيه من عموم وشمول؛ سواء في خاصة حياته الشخصية، أو في عامة تدبير شؤون أمته كلها. فهذا محصل القول في معنى الحاكمية في السنة النبوية؛ ومنه نسير إلى بيان ما جاء بشأنها في التراث.

 

3- الحاكمية في التراث

إذا تقرر تأصيل ” الحاكمية الإلهية “، في الكتاب والسنة؛ فما قول التراث فيها ؟

 

 

أ- أقدمية الكلام في قضية الحاكمية

إذا استقرأنا قضية الحاكمية الإلهية في تراثنا؛ وجدنا الكلام فيها قديم، ولعل أول مقالة فيها؛ مقالة الخوارج؛ حين رفعوا شعار: ” لا حكم إلا لله ” وقد كانوا يقصدون به؛ لا إمرة إلا لله؛ لإلغاء إمارة الحكم؛ بدعوى أن الحكم لله لا للناس؛ ولذلك بادر الإمام علي -عليه السلام- للرد عليهم؛ بما يفيد تصحيح حقيقة الحاكمية الإلهية، ويكشف عن الفرق بينها وبين الإمارة السياسية فيما نصه:

” كلمة حق يراد بها الباطل ! نعم إنه لا حكم إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلا لله، وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، وَيُبَلِّغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر.

وفي رواية أخرى أنه عليه السلام لما سمع تحكيمهم قال: حكم الله أنتظر فيكم. وقال: أما الإمرة البرة فيعمل فيها التقي، وأما الإمرة الفاجرة فيتمتع فيها الشقي، إلى أن تنقطع مدته، وتدركه منيته.”[18]

فالحاكمية لله بشرعه، وولاية الناس للناس باختيارهم الرضائي لمن يتولى تدبير شؤونهم العامة بأحكامه سبحانه. ولذلك لا مجال للخلط بين الحاكمية الإلهية والإمارة السياسية في دين الله.

ومنذ ” واقعة المطالبة بالتحكيم “؛ لم يتردد الكلام عن الحاكمية الإلهية إلا مع المتكلمين في مبحث:” التحسين والتقبيح العقليين.” ثم عند الأصوليين؛ في مبحثي: ” الحاكم ” و ” الحكم “.                والمقاصديين؛ في مبحث ”  قصد الشارع في وضع الشريعة لدخول المكلف تحت أحكامها “. وفيما يلي بسط ما تيسر من مقالات هذه المدارس الثلاث.

 

ب- الحاكمية في الفكر الكلامي

جاء في “ميزان الأصول ” لعلاء الدين الحنفي: ” إن علم أصول الفقه والأحكام؛ فرع لعلم أصول الكلام …”[19] وهو ما يفيد أن علم الكلام هو الأصل الذي تفرع عنه النظر الأصولي في قضية الحكم الإلهي؛ بحيث لم تستطع المباحث الأصولية أن تتحرر من التأثير الكلامي فيها.

ومن المباحث الكلامية ذات العلاقة العضوية الوطيدة بقضية الحاكمية؛ مبحث ” التحسين والتقبيح ” الذي أجمع فيه المتكلمون على أن حاكمية الشرع هي الأصل؛ والعقل نائبه متى غاب؛ كما قال الإمام الصنعاني فيما عبارته: ” فاعلم أنه لم يبق بعد تَقَرُّر الشريعة لمسألة الخلاف في التحسين والتقبيح فائدة؛ إذ بعد حكم الشرع، لم يبق للعقل مجال في إثباته لشيء من الأحكام، إنما هذه الأبحاث فرضية مبنية على انفراد العقل عن الشرع … فإذا فُقِدَ حكم الشرع؛ كان حكم العقل تبعاً له، وخلفاً عنه في فَقْدِ الحكم؛ ولذلك قلنا:   

إذا دليل الشرع في الحكم انتفـى               كان دليل العقـل عنـه خلفا.”[20]

فلا حكم للعقل في حضور الشرع، اللهم إلا إذا شغر الزمان عنه، فالعقل خليفته، وإلا فـ” قد عرفت أنه بعد ورود الشرع. لم يبق للعقل إلا تحسين ما حسنه وتقبيح ما قبحه.”[21]  وهذا المعنى هو مما فصل فيه الأصوليون أكثر بما لا مزيد عليه؛ وهو ما نتبينه فيما يلي:

 

ج- الحاكمية في الفكر الأصولي

ما قرره المتكلمون في قضية الحاكمية الإلهية؛ هو ما ذهب إليه الأصوليون؛ مع مزيد بيان؛ كما هو المستفاد من قول الإمام الغزالي:” أما استحقاق نفوذ الحكم؛ فليس إلا لمن له الخلق والأمر، فإنما النافذ حكم المالك على مملوكه، ولا مالك إلا الخالق، فلا حكم ولا أمر إلا له. أما النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والسلطان والسيد والأب والزوج، فإذا أمروا وأوجبوا لم يجب شيء بإيجابهم، بل بإيجاب الله تعالى طاعتهم، ولولا ذلك لكان كل مخلوق أوجب على غيره شيئا كان للمُوجَبِ عليه أن يقلب عليه الإيجاب، إذ ليس أحدهما أولى من الآخر. فإن الواجب طاعة الله تعالى وطاعة من أوجب الله تعالى طاعته.”[22]

وقال الإمام الأبياري:” لا حاكم على الحقيقة، باعتبار الشرع إلا الله – عز وجل – فالحكم يرجع إلى كلام الله القديم. وإذا قلنا: أمر الرسول، أو القاضي، فبمعنى أنهم يبلغون أحكام الله – عز وجل -، لا أنهم مستبدون بحكم من قبل أنفسهم. فإذا جردوا النظر، وميزوا الحكم، بان أن الحاكم هو الله تعالى خاصة، وإن نظروا إلى المبلغ المعرف، فهو الرسول خاصة، فإن الله تعالى إنما علمنا أحكامه بواسطة الرسل، ولا حاكم إلا الله، ولا مبلغ إلا الرسول عليه السلام.”[23]

وما قرره هذان الإمامان؛ هو مما لا خلاف فيه بين الأمة؛ كما قال ابن نظام الدين الأنصاري:” لا حكم إلا من الله تعالى بإجماع الأمة.”[24] وهذا الإجماع الذي حكاه الأنصاري هو ما نجده يتردد عند باقي الأئمة من مختلف المدارس الإسلامية بدون استثناء. كما في مجموع الآثار الواردة في الهامش أدناه.[25]

 

 

د- الحاكمية في الفكر المقاصدي

 

وأما  الحاكمية في الفكر المقاصدي؛ فهي من مقاصد الشارع في وضع الشريعة، على حد ما نص عليه الإمام الشاطبي بـ” قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة.”[26] ولذلك؛ فإن جميع المخاطبين بها مطالبون بالرجوع إليها في كل ما يتعلق بفلسفة الوجود والمعرفة و القيم، والتشريع والحياة والممات، والغيب والشهادة، والعمل على تطبيقها في حياتهم الخاصة والعامة، ظاهرا وباطنا؛ ” لأن الشريعة كما أنها عامة في جميع المكلفين، وجارية على مختلف أحوالهم، فهي عامة أيضا بالنسبة إلى عالم الغيب والشهادة من جهة كل مكلف، فإليها نرد كل ما جاءنا من جهة الباطن كما نرد إليها كل ما في الظاهر”.[27] وهو ما يفيد أن العموم والاطراد من أهم الخصائص المميزة لأحكام الشريعة.” فلا عمل يفرض ولا حركة ولا سكون يدعى إلا والشريعة عليه حاكمة إفرادا أو تركيبا، وهو معنى كونها عامة، وإن فرض في نصوصها أو معقولها خصوص ما، فهو راجع إلى عموم ( … ) فلا خاص في الظاهر إلا وهو عام في الحقيقة، والاعتبار في أبواب الفقه يبين ذلك.”[28] وهو ما يقطع بأن جميع البشر متساوون في أصل التكليف الشرعي.” لأن الشريعة بحسب المكلفين كلية عامة، بمعنى أنه لا يختص بالخطاب بحكم من أحكامها الطلبية بعض دون بعض، ولا يحاشى من الدخول تحت أحكامها مكلف البتة.”[29] ذلك ” أن الأحكام إذا كانت موضوعة لمصالح العباد، فالعباد بالنسبة إلى ما تقتضيه من المصالح مرآة.[30] فلو وضعت على الخصوص لم تكن موضوعة لمصالح العباد بإطلاق. لكنها كذلك، فثبت أن أحكامها على العموم لا على الخصوص ( … ) إعلاما بأن الأحكام الشرعية خارجة عن قانون الاختصاص.”[31]

فهذا مجمل قول التراث قديما في الحاكمية؛ باعتبارها من المفاهيم الشرعية الأصيلة التي لم تختلف فيها أنظار أهل العلم على اختلاف مذاهبهم الكلامية ومدارسهم الأصولية والمقاصدية. ومنه نسير إلى مقاربتها في الفكر الإسلامي الحديث.

 

 

المطلب الثالث: الحاكمية في الفكر الإسلامي الحديث

 

إذا كانت قضية الحاكمية الإلهية؛ مسلمة عقدية في الخطاب الشرعي بالاستقراء، ومسلمة علمية في تراثنا المعرفي بالإجماع، فما قيمتها في الفكر الإسلامي الحديث ؟  ذلك ما نتبينه فيما يلي.

ليس الغرض من هذا المطلب سرد ما كتبه أعلام الفكر الإسلامي الحديث في قضية الحاكمية؛ وما لها من قيمة مميزة؛ فذلك أمر مقرر معلوم؛ من أراده فليراجعه في مظانه. وإنما الغرض منه مراجعة الأخلال الواقعة في نظر البعض لمفهوم الحاكمية؛ ممثلة في مجموع الدعاوى الفاسدة التي ما فتئ يرفعها خصوم الحاكمية الإلهية في وجه دعاتها، وكل من يطالب بإنزلها منزلتها التي أنزلها الشارع الحكيم؛ سواء في واقع الحياة الخاصة، أو في مجال التدبير العام، وفيما يلي عرض أهم الدعاوى المخلة بحقيقة الحاكمية، ومراجعتها بما يدل على فسادها وبطلانها بعلم وعدل فيما يلي:

 

أ- الحاكمية الإلهية ليست بدعا من الفكر الإسلامي المعاصر

 

أما الدعوى الأولى فخلاصتها؛ أن الحاكمية مفهوم محدث مبتدع جاء به المودودي وسيد قطب، ولا تأصيل له في المرجعية الشرعية ولا سنده في قواعدها. والحقيقة بخلاف هذه الدعوى تماما، وذلك لسبب بسيط وهو أن ما قرره أعلام الفكر الإسلامي الحديث عموما، والمودودي وسيد قطب بالخصوص بشأن الحاكمية؛ هو عين ما تأصل في الكتاب العزيز، وتفصل في السنة النبوية، وتقعد في مدونات علماء الأمة بالاتفاق؛ كل حسب اختصاصه الكلامي أو الأصولي أو المقاصدي؛ كما سلف بيانه مفصلا في مطلب: الحاكمية في القرآن والسنة والتراث. وحاصله ما عبر عنه الأستاذ عبد الوهاب خلاف فيما نصه:” لا خلاف بين علماء المسلمين في أن مصدر الأحكام الشرعية لجميع أفعال المكلفين، هو الله سبحانه … وهذا مصداق قوله سبحانه:﴿ إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين.﴾ ( الأنعام: 57 ) … فلا خلاف في أن الحاكم هو الله.”[32]

والآيات والأحاديث ومأثورات أهل العلم متضافرة في هذا المعنى كما مر، ولا داعي لتكرارها هنا. وعليها بنى أعلام الفكر الإسلامي الحديث كل ما قرروه بشأن الحاكمية باعتبارها ” أخص خصائص الألوهية.”[33] التي تعبر عن حقيقة الإسلام كما قال سيد قطب:” إن هذا الدين له حقيقة مميزة لا يوجد إلا بوجودها … حقيقة الطاعة لشريعة الله، والاتباع لرسول الله، والتحاكم إلى كتاب الله. وهي الحقيقة المنبثقة من عقيدة التوحيد كما جاء بها الإسلام. توحيد الألوهية التي لها وحدها الحق في أن تعبد الناس لها، وتطوعهم لأمرها، وتنفذ فيهم شرعها، وتضع لهم القيم والموازين التي يتحاكمون إليها ويرتضون حكمها. ومن ثم توحيد القوامة التي تجعل الحاكمية لله وحده في حياة البشر وارتباطاتها جميعاً، كما أن الحاكمية لله وحده في تدبير أمر الكون كله. وما الإنسان إلا قطاع من هذا الكون الكبير.”[34] و” أن هذا الدين يقرر أن التحليل والتحريم هو من شأن الله وحده، لأنهما أخص خصائص الألوهية.” [35] كما ” أن وجود هذا الدين هو وجود حاكمية الله. فإذا انتفى هذا الأصل انتفى وجود هذا الدين … فهذا الدين؛ ليس هو مجرد عقيدة تستكن في الضمير، ولا مجرد شعائر تقام وعبادات، ولا مجرد تنظيم دنيوي منقطع الصلة بالعقيدة، وبالشعائر التعبدية … إنما هو منهج يشمل هذا النشاط كله، ويربط بين جوانبه ، ويشدها جميعا إلى الأصل الأصيل. وهو توحيد اللّه. والتلقي منه وحده – في هذا النشاط كله – دون سواه. توحيده إلها معبودا. وتوحيده مصدرا للتوجيه والتشريع لكل النشاط الإنساني أيضا. “[36]

وهذا الذي ذكره سيد قطب هو عين ما نص عليه أبو حامد الغزالي من زمان؛ إذ قال:” وفي البحث عن الحاكم؛ يتبين أن لا حكم إلا لله، وأنه لا حكم للرسول، ولا للسيد ولا لِمخلوق على مخلوق، بل كل ذلك حكم الله تعالى ووضعه لا حكم لغيره.”[37] وهو نفس ما لخصه سيف الدين الآمدي أيضا فيما عبارته:  ” اعلم أنه لا حاكم سوى الله تعالى، ولا حكم إلا ما حكم به”.[38]

وهذا كاف في الدلالة على أن أعلام الفكر الإسلامي الحديث؛ لم يأتوا بأي جديد من عند أنفسهم، فيما يتعلق بمفهوم الحاكمية؛ ولم يعطوه أي تأويل غير ما يدل عليه في حقيقته؛ بل كل ما فعلوه؛ أنهم بذلوا قصارى جهدهم في إحياء معناه الأصلي، وأشاعوه على أوسع نطاق ممكن، وأعطوه ما يستحقه من أولوية قيمية في الخطاب الدعوي والتربوي والإعلامي والسياسي، وكرروا الكلام عنه بشكل مستفيض، كما أشار إلى ذلك سيد فيما نصه:” فأخص خصائص الألوهية- كما كررنا ذلك – هو الحاكمية، والتشريع للبشر، ووضع الأسس التي تقوم عليها حياتهم وارتباطاتهم. والسياق ما يني يكرر هذا الارتباط الدقيق وينبه إلى هذه الخاصية من خصائص الألوهية.”[39]

وعليه؛ فإن قضية ” الحاكمية الشاملة “[40] أو ” الحاكمية الجزئية “[41] من آكد ما يجب الإيمان به والعمل على إحيائه واسترجاعه، والمطالبة بتفعيله في واقع الحال الخاص والعام، وذلك باعتبار أن ما من فعل بشري كيفما كان، وفي أي مجال كان، وعلى أي مستوى كان، إلا وله حكم شرعي نصا أو استنباطا؛ سواء كان من أفعال القلوب، كالإيمان والإحسان والإخلاص والصدق والحب … أو من أفعال العقول؛ كالعلم والتفكر، والنظر والمعرفة[42]، والاجتهاد، والاختراع، والسياسة[43] والفلسفة[44]… أو من أفعال الجوارح؛ كالصلاة والذكر والجهاد والعمل …

ولذلك لا يجوز للمكلف أن يقدم على أي فعل في أي مجال كان حتى يعلم حكم الله فيه، فيعمل به متى أُمر به؛ وجوبا أو ندبا أو إباحة. ويتركه متى نُهي عنه؛ تحريما أو كراهة. وهو ما يقطع بأن الحاكمية الإلهية -بجميع أبعادها- ليست بدعا من الفكر الإسلامي المعاصر؛ جاء بها العلامة أبو الأعلى المودودي أو الأستاذ سيد قطب، كما يظن البعض؛ بل هي أصل من أصول العقيدة، ومقصد من مقاصد الشريعة الضرورية التي تأصلت في الخطاب الإلهي من جهة، وتفصلت في أدبيات علمائنا قديما وحديثا من جهة. ومن أبلغ ما انتهى إليه الفكر الإسلامي الحديث في بيانها ؛ ما نص عليه الأستاذ علال الفاسي فيما عبارته تحت عنوان ” الحاكم والحاكمية “؛ إذ قال:

” وقد أجمع المسلمون على أن الحاكم الذي يصدر عنه الطلب الشرعي المتعلق بأفعال المكلفين هو الله سبحانه. وتعرف أحكامه عن طريق رسله بما يبلغون الناس عنه. إما بالوحي الواضح، وإما بما للرسول من سلطة التبيين التي كلف بها من قبل.

فخطاب الله ” مأخوذا في حقيقة الحكم ” يترتب عليه أن لا حكم إلا لله. قال تعالى: ﴿ إن الحكم إلا لله ﴾ ( يوسف / 40 ).  وقال سبحانه: ﴿ فالحكم لله العلي الكبير ﴾ ( غافر / 12 ). وقال عز وجل:       ﴿ يقولون: هل لنا من الأمر من شيء ؟ قل إن الأمر كله لله.﴾ ( آل عمران / 154 ).

فسلطة الأمر والتشريع خاصتان بالله، وذلك ما يسمى بالحاكمية؛ أي المصدر الأصيل للسيادة ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إنما السيد الله ”

وعلى هذا الأساس؛ فالسلطة التشريعية منفصلة عن السلطتين التنفيذية والقضائية، لا فصلا تنظيميا فقط، ولكن فصلا مبدئيا، لأن الحاكم المشرع هو الله وحده، وسواء كان الحكم بطريق الوحي أو البيان النبوي، أو الاستنباط عن الاجتهاد الشرعي، لأن ذلك كله داخل في خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين طلبا أو تخييرا.”[45] وهو ما يقطع بـأصالة الحاكمية الإلهية، وأقدميتها المتجددة، ومركزيتها الفكرية، في التصور الإسلامي بالأمس واليوم وغدا.

 

ب- الحاكمية الإلهية ليست مقولة خارجية

 

وأما الدعوى الثانية فمفادها؛ أن الحاكمية لا تخرج في دلالتها عن مقولة: ” لا حكم إلا لله “، بمعناها الخارجي، والحقيقة أيضا بخلاف هذه الدعوى، ولا تمت إليها بصلة من قريب ولا من بعيد. وذلك لسبب بسيط؛ وهو أن لفظ المقولة صحيح؛ لكن قصد الخوارج منها باطل، وهو ما تفطن له الإمام علي -عليه السلام- في حينه؛ فسارع إلى بيان الفرق بين الحاكمية الإلهية؛ ممثلة في المرجعية الشرعية، والإمامة السياسية؛ ممثلة في تولية من يحكم بها بين الناس ، وذلك باعتبار أن الحاكمية الشرعية من أخص خصائص الألوهية التي لا تنبغي إلا لله وحده، ولا حق لأحد فيها سواه؛ لا نبي مرسل ولا ولي مجتبى، ولا إمام عادل، ولا جماعة من المقربين أيا كانوا. وهي بهذا المعنى تختلف تماما عن معنى الإمارة السياسية التي تعني اختيار الأمة برضاها لمن يحكمها بأحكام الله، كما تختلف عن انتداب من يكون حَكَماً فيما قد يقع من شقاق بين الزوجين مثلا؛ كما في قوله تعالى:  ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا.﴾ ( النساء: 35 ). وغير ذلك مما يقتضيه الاجتهاد في أحكام النوازل الاجتماعية أو السياسية مثلا. كما وقع في قضية التحكيم السياسي بين علي ومعاوية.[46]

وبهذا يتبين بطلان القول بأن الحاكمية الإلهية؛ ما هي إلا وجه من أوجه الشعار الخارجي الذي بقي طي الإهمال عن التداول الإسلامي قرونًا طويلة، إلى أن أعاده الأستاذ أبو الأعلى المودودي والشهيد سيد قطب -رحمهما الله- إلى التداول العام من جديد.!!  كما أنه لا علاقة لذلك الادعاء بفكر الرجلين، ولا مجال للمقارنة بينهما أصلا؛ لأنه لا مقارنة ولا قياس مع وجود الفوارق.

 

ج- براءة فكر سيد قطب من التكفير وتوابعه

 

وأما الدعوى الثالثة فحاصلها؛ أن مصطلح الحاكمية عند سيد قطب قد حظي بالاهتمام والتداول أكثر من غيره، لدى أقطاب الفكر الإسلامي وشباب الحركات الإسلامية عموما، ولذلك كان فكره هو السبب في شيوع ظاهرة التكفير، بكل ما استتبعها من مفردات خطيرة كالجاهلية والهجرة والمفاصلة والعنف والخروج المسلح … إلخ.  فإلى أي حد يمكن التسليم بصحة هذه الدعوى ؟

هذه الدعوى هي أخطر وأكثر ما تداعى خصوم الإسلام بمختلف توجهاتهم إلى ترويجها؛ وإلصاق التهمة بها لكل من يدعون إلى حاكمية الشريعة؛ ومتابعتهم بما لا قبل لهم به من العذاب؛ كما هو واقع الحال منذ ما يناهز القرن من الزمن.

وما حدث ويحدث في مصر وسوريا والسعودية وغيرها في حق المعتقلين بتهم الدعوة إلى الحاكمية والتكفير والهجرة والعنف!!  وأن ذلك كله نتاج فكر سيد قطب بالخصوص؛ ليس خاف على كل المنصفين من المتابعين. بينما الحقيقة العلمية هي بخلاف هذه الدعوى تماما. وفيما يلي ما يقطع ببراءة فكر سيد من كل ما نسب إليه من تكفير وغيره.

إن من يقرأ عن الحاكمية في فكر سيد قطب بالخصوص؛ يجده حريصا كل الحرص على بيان ما يقتضيه ” واجب الوقت الدعوي ” من تذكير للأمة بما مضى عليه سلفها ومات عليه خلفها؛ وهو أن الحاكمية كلها لله ولا حق لأحد في ادعائها لنفسه أيا كان، ومن ادعاها فقد نصب نفسه إلها على الناس من دون الله، ومن قبلها منه بمحض إرادته وأقره عليها غير كاره ولا مكره ولا منكر بيده أو لسانه أو قلبه؛ فقد اتخذه معبودا من دون الله. وهذا بخلاف من أكره على ترك الحاكمية ولم تكن لديه نية تعطيلها، وقام بكل ما في وسعه لتكون هي منهج حياته؛ فهو مؤمن موحد بريء كل البراءة من وصمة الكفر، مهما بدر منه من مخالفات شرعية؛ باستثناء الشرك بالله أو الردة عن دينه.

وها هي نصوصه -رحمه الله- شاهدة بصحة هذا الملحظ؛ منها قوله: ” إن الحاكمية وحق تعبيد الناس وتشريع الشرائع لهم؛ هي أولى خصائص الألوهية التي لا يدعيها لنفسه مؤمن بالله، ولا يقره عليها مؤمن بالله كذلك ( … ) وأن الذي يدعي حق الحاكمية، وحق تعبيد الناس لما يشرعه لهم من عند نفسه؛ إنما يدعي حق الألوهية. وأن الذي يقره على هذا الادعاء، أو يحتكم إلى ما يشرعه للناس من عند نفسه – إلا مكرها كارها منكرا باليد أو اللسان أو القلب – فإنما يقره على ادعاء صفة الألوهية  ( …) وأن من يرفض تحكيم شريعة الله في كل شؤون الحياة، إنما يرفض الاعتراف بألوهية الله – سبحانه – ولو في جانب من جوانب هذا الكون هو الحياة البشرية. وأنه من يقره على هذا الرفض فإنما يشترك معه في رفض ألوهية الله سبحانه في هذا الباب. وأن الذي يرفض ألوهية الله، لا يمكن أن يقال عنه: إنه مسلم لله – مهما يزعم ذلك بلسانه –  طالما أن هذا الزعم مصحوب بفعل يناقض مدلوله، وهو إرادة[47] التحاكم إلى الطاغوت، وعدم التحاكم إلى شريعة الله، ومن باب أولى الحكم بالطاغوت، وعدم الحكم بما أنزل الله ( … ) وأن الحكم بما أنزل الله لا يتحقق إلا بالحكم بنص شريعة الله، والرجوع فيما يختلف فيه مما ليس فيه نص إلى الله والرسول، لا إلى أي مصدر آخر سواه.”[48] إذ لا بد من ” رد الأمر كله إلى إفراد الله- سبحانه- بالألوهية. ومن ثم إفراده بالحاكمية. فهي أخص خصائص الألوهية. وداخل هذا النطاق يبقى المسلم مسلماً ويبقى المؤمن مؤمناً. ويطمع أن يغفر له ذنوبه ومنها كبائره .. أما خارج هذا النطاق؛ فهو الشرك الذي لا يغفره الله أبداً … إذ هو شرط الإيمان وحد الإسلام. ” إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ…” [49]  وهو ما يقطع بأن سيد قطب لم يقل أبدا بـتكفير أي شخص بعينه مما يسمى بــ” تكفير المعين ” ؛ بل كل كلامه خاص بـ” تكفير النوع ” ممثلا في كل من يرفضون شرع الله بإطلاق، ويصرون على تبديله[50] بغيره من القوانين المناقضة له بمحض إرادتهم؛ حكاما كانوا أو محكومين؛ دون أي عذر من جهل لم يرفع عنهم بعلم، أو عجز لم يرفع عنهم بقدرة، أو إكراه لم يرفع عنهم باختيار، أو خطأ لم يرفع عنهم بقصد متعمد.[51]  

وعليه؛ فكل من قرأ فكر سيد قطب في كليته وشموليته بكل موضوعية؛ وبعيدا عن أي تجزيء أو تأويل مغرض لنصوص معينة من كلامه؛ إلا ويتأكد لديه بالملموس بطلان تلك الدعوى، و معلوم أن       الدعوى المجردة غير مقبولة باتفاق العلماء.”[52]  وأن الاتهام بدون بينة لا يصح، ولا قيمة له باتفاق العقلاء. ومن ثم؛ فكل ما بني على باطل فهو باطل؛ لا أساس له من الصحة.

 

د- رفض الحاكمية اعتقادا ؛ ليس كمخالفتها عملا

 

وأما الدعوى الرابعة؛ فمؤداها أن رفض الحاكمية الإلهية على المستوى الاعتقادي؛ هو كمخالفتها على المستوى العملي، والحقيقة الشرعية بخلاف هذا الزعم. ذلك؛ أن رفض الحاكمية اعتقادا؛ كفر بواح، مخرج من الملة؛ كما قال سيد قطب: ” إن الحكم لا يكون إلا لله. فهو مقصور عليه سبحانه بحكم ألوهيته. إذ الحاكمية من خصائص الألوهية. من ادعى الحق فيها؛ فقد نازع الله سبحانه أولى خصائص ألوهيته سواء ادعى هذا الحق فرد، أو طبقة، أو حزب. أو هيئة، أو أمة، أو الناس جميعاً في صورة منظمة عالمية. ومن نازع الله سبحانه أولى خصائص ألوهيته وادعاها؛ فقد كفر بالله كفراً بواحاً.” [53]  وذلك بحكم أن ” أول ما يلازم حقيقة التوحيد؛ أن تتوحد الربوبية ، فتتوحد العبودية … لا عبودية إلا للّه. ولا طاعة إلا للّه. ولا تلقي إلا عن اللّه.  فليس إلا للّه تكون العبودية. وليس إلا للّه تكون الطاعة.  وليس إلا عن اللّه يكون التلقي … التلقي في التشريع ، والتلقي في القيم والموازين ، والتلقي في الآداب والأخلاق. والتلقي في كل ما يتعلق بنظام الحياة البشرية … وإلا فهو الشرك أو الكفر. مهما اعترفت الألسنة ، ومهما اعترفت القلوب؛ الاعتراف السلبي الذي لا ينشئ آثاره في حياة الناس العامة في استسلام وطاعة واستجابة وقبول.”[54]

وهذا بخلاف من يقع في مخالفة الحاكمية الإلهية على المستوى العملي مع اعتقاده بأحقيتها في السيادة والتشريع؛ فإن مخالفته العملية – أيا كانت -؛ لا تبطل إيمانه. ولذلك وجب التذكير هنا بأن التنكر الاعتقادي للحاكمية؛ يقتضي التنبيه بشأنه إلى أننا ” لسنا بصدد حالة زلة فردية أو ضعف بشري تظل معه القاعدة الشرعية قائمة في نفس المؤمن موقرة. ولكنه بسبب شهوة أو إكراه أو غفلة ينحرف عن العمل بمقتضاها.

فمما لا ريب فيه أن ذلك لا يخرج بالمؤمن عن دائرة الإيمان؛ إذ الإسلام لا يخاطب ملائكة، وإنما يخاطب بشرا ضعيفا مركبا من شهوات واندفاعات متجاورة مع النفحة الإلهية ( … ) فما يعقل أن ننتظر من الناس العصمة حتى لا تزل أقدامهم، لا.

نحن هنا بصدد ظاهرة أخرى، هي تمرد عن سلطان الشريعة، بناء على تصور آخر للكون والإنسان والحياة، يقوم على استقلالية الإنسان عن خالقه: ” التصور الدهري ” وعلى رؤية شريعة الإسلام على أنها كغيرها جاءت لتلبي حاجيات مرحلة وظروف معينة، قد مضت وتجاوزتها حركية التطور، فما عادت صالحة لنا ولا نحن صالحين لها، اللهم إلا بالقضاء على حركية الحياة وتطور العلوم، أو بإجراء تعديلات كبرى لا تستبقي منها غير ما هو صالح !!

جل ما يمكن هؤلاء تقديمه من تنازل للإسلام؛ القبول مبدئيا بإمكان الاستفادة منه باعتباره مجرد تراث! ( … ) فهل يبقى مع هذه الخلفيات، وراء رفض أو تعديل الشريعة مجال لسحب جدل قديم في ظروف أخرى حول الحكم على مرتكب المخالفات الشرعية، أهو مؤمن أم كافر، سحبها على هذا الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي لأنظمة قائمة على الولاء الفكري والسياسي للمجتمعات الغربية ؟! إنه الاستلاب أو القطيعة أو الاغتراب عن الواقع الذي يعيشه بعض معاصرينا من المسلمين الطيبين، ودعك عن غيرهم تجار الدين…”[55]

وعليه؛ فلا إيمان ولا إسلام لكل من تنكروا لشرع الله، ورضوا بأن يكونوا بمحض إرادتهم من عبدة الطاغوت. كما قال الله فيهم: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا، فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا، فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.﴾ ( النساء / 60 – 65 ).

 

ه- الحاكمية الإلهية لا تنحصر في السلطة السياسية

 

وأما الدعوى الخامسة؛ فهي من الأخلال التي وجب التنبيه إليها؛ وهي قول البعض:” إن مفهوم الحاكمية – بل الألوهية- لا تختلف -عند سيد قطب- في شيئ عن السلطة السياسية وتطبيق الشريعة الإسلامية.”[56]  !!

والحقيقة بخلاف هذه الدعوى؛ و أن عكسها هو الصحيح؛  ففي كل ما دونه -رحمه الله- كان يعلم أن هناك من الناس من قد تلتبس عليهم المفاهيم الشرعية؛ فما كان منه إلا أن تصدى منذ البداية لتصحيح مفهوم التشريع ومفهوم الحاكمية تحديدا؛ بما يفيد أنها تـشمل كل شيء، ولا يخرج عنها أي شيء في حياة الإنسان على جميع المستويات، وفي كل المجالات؛ العقدية والتعبدية والقيمية والعلمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفنية والإعلامية والعسكرية وغيرها. ومن ثم فهي أكبر وأشمل وأعم من مفهوم السلطة السياسية والقوانين القضائية، وأنها لا تقتصر على السلطة السياسية، ولا تنحصر في التشريعات القضائية دون باقي المجالات العقدية والتعبدية والقيمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمعرفية والفنية والحضارية في أبعادها الكلية بما تعنيه من شمولية وعموم وإطلاق كما قرره -رحمه الله- فيما نص عليه في تعريفها أعلاه.[57]

وذلك بحكم أن ” هذه هي النظرية الإسلامية في الحل والحرمة؛ تشمل كل شيء في الحياة الإنسانية، ولا يخرج عن نطاقها شيء في هذه الحياة … إنه ليس لأحد غير اللّه أن يحل أو يحرم ، في نكاح ، ولا في طعام ، ولا في شراب ، ولا في لباس ، ولا في حركة ، ولا في عمل ، ولا في عقد ، ولا في تعامل ، ولا في ارتباط ، ولا في عرف ، ولا في وضع .. إلا أن يستمد سلطانه من اللّه ، حسب شريعة اللّه.

وكل جهة أخرى تحرم أو تحلل شيئا في حياة البشر – كبر أم صغر – تصدر أحكامها باطلة بطلانا أصليا، غير قابل للتصحيح المستأنف. وليس مجيء هذه الأحكام في الشريعة الإسلامية تصحيحا واعتمادا لما كان منها في الجاهلية. إنما هو إنشاء مبتدأ لهذه الأحكام ، مستند إلى المصدر الذي يملك إنشاء الأحكام …”[58] إلى غير ذلك من النصوص التقريرية التي تعني شيئا واحدا لا ثاني له وهو أن                ” الحقيقة الأصيلة في طبيعة هذا الدين. هي أن كل جزئية صغيرة في الحياة الإنسانية يجب أن تخضع خضوعا مطلقا لحاكمية الله المباشرة، الممثلة في شريعته. وإلا فهو الخروج من هذا الدين جملة من أجل الخروج على حاكمية الله المطلقة في تلك الجزئية الصغيرة … التي تتمثل فيها ألوهيته في الأرض، كما تتمثل ألوهيته في الكون كله بتصرف أمر هذا الكون كله بلا شريك.”[59] وهو ما يقطع ببطلان دعوى الترادف الدلالي بين الحاكمية الإلهية والسلطة الساسية، وتهافت دعوى التطابق في المفهوم بينها وبين التشريعات القانونية.

و- آفة التفاعل التجزيئ مع الحاكمية الإلهية

 

من الأخلال الشائعة اليوم بين الناس؛ خلل التفاعل التجزيئي مع الحاكمية الإلهية؛ فترى معظمهم يُقبلون أفواجا على أداء الشعائر التعبدية؛ كما هو مشاهد في صلاة التراويح؛ وأداء مناسك العمرة خلال شهر رمضان؛ باعتبار أن هذه الشعائر شأنا شخصيا يقتضي الحرص على تعلمه والتفقه فيه خاصة؛ كما هو الظاهر من كثرة الأسئلة التي يتلقاها الوعاظ في المساجد، أو عبر وسائل التواصل العامة عن أحكام الصلاة والصيام والزكاة والحج في الغالب الأعم. كما هو الإقبال على شراء الكتب الخاصة بالشعائر التعبدية؛ متى نظم معرض من معارض الكتاب بهذه الدولة أو تلك.

وكل هذا بخلاف تفاعل الرأي العام مع الحاكمية الإلهية في أبعادها العامة ذات العلاقة بتدبير الشأن العام في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها مما يدخل في مسمى المقاصد الكفائية المنوطة بخدمة المصالح العامة. فهو تفاعل مشوب بالحيطة والحذر والتوجس من الخوض فيه، والاقتراب منه، وكأنه رجس من عمل الشيطان يجب اجتنابه. !!

وهذا الإخلال من أخطر ما مني به العقل الجمعي لدى الأمة، بحيث أصبحت القابلية لدى معظمها لتقبل الدعوات المنادية بفصل العناية بـ” التعبد الشخصيى ” عن الإنخراط في ” التعبد العام”، حتى غدت مقولة ” من أراد أن يعبد الله؛ فليذهب إلى الجامع ” مقولة شائعة بين الناس، وكأن العبادة قاصرة على المسجد، ولا علاقة لها بباقي المرافق والمؤسسات العمومية !!

و هذا الإخلال خطره عظيم في دين الله وحياة الأمة، وانعكاساته السلبية عليهما؛ لا مثيل لها، وهو  هو مما تفطن له سيد قطب، ومد النفس فيه بالبيان والمراجعة النقدية، بما لا نظير له في مواطن متعددة من مؤلفاته؛ أكتفي منها بقوله رحمه الله:

” إن تقسيم النشاط الإنساني إلى ” عبادات ” و ” معاملات ” مسألة جاءت متأخرة عن التأليف في مادة ” الفقه ” . ومع أنه كان المقصود به- في أول الأمر- مجرد التقسيم ” الفني ” الذي هو طابع التأليف العلمي، إلا أنه- مع الأسف- أنشأ فيما بعد آثاراً سيئة في التصور، تبعها- بعد فترة- آثار سيئة في الحياة الإسلامية كلها؛ إذ جعل يترسب في تصورات الناس أن صفة ” العبادة ” إنما هي خاصة بالنوع الأول من النشاط، الذي يتناوله ” فقه العبادات ” . بينما أخذت هذه الصفة تبهت بالقياس إلى النوع الثاني من النشاط، الذي يتناوله ” فقه المعاملات ” ! وهو انحراف بالتصور الإسلامي لا شك فيه. فلا جرم يتبعه انحراف في الحياة كلها في المجتمع الإسلامي.

ليس في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبق عليه معنى ” العبادة ” أو لا يطلب فيه تحقيق هذا الوصف. والمنهج الإسلامي كله غايته تحقيق معنى العبادة، أولاً وأخيراً.

وليس هناك من هدف في المنهج الإسلامي لنظام الحكم، ونظام الاقتصاد، والتشريعات الجنائية، والتشريعات المدنية، وتشريعات الأسرة. وسائر التشريعات التي يتضمنها هذا المنهج..

ليس هناك من هدف إلا تحقيق معنى ” العبادة ” في حياة الإنسان .. والنشاط الإنساني لا يكون متصفاً بهذا الوصف، محققاً لهذه الغاية- التي يحدد القرآن أنها هي غاية الوجود الإنساني- إلا حين يتم هذا النشاط وفق المنهج الرباني؛ فيتم بذلك إفراد الله- سبحانه- بالألوهية والاعتراف له وحده بالعبودية .. وإلا فهو خروج عن العبادة لأنه خروج عن العبودية. أي خروج عن غاية الوجود الإنساني كما أرادها الله. أي خروج عن دين الله!

… إن ذلك التقسيم- مع مرور الزمن- جعل بعض الناس يفهمون أنهم يملكون أن يكونوا                ” مسلمين ” إذا هم أدوا نشاط ” العبادات ” – وفق أحكام الإسلام- بينما هم يزاولون كل نشاط                ” المعاملات ” وفق منهج آخر .. لا يتلقونه من الله، ولكن من إله آخر..! هو الذي يشرع لهم في شؤون الحياة ما لم يأذن به الله!

وهذا وهم كبير. فالإسلام وحدة لا تنفصم. وكل من يفصمه إلى شطرين- على هذا النحو- فإنما يخرج من هذه الوحدة، أو بتعبير آخر: يخرج من هذا الدين.

وهذه هي الحقيقة الكبيرة التي يجب أن يلقي باله إليها كل مسلم يريد أن يحقق إسلامه ويريد في الوقت ذاته أن يحقق غاية وجوده الإنساني.”[60]

وجاء عنه في سياق آخر؛” أن العربي الذي خوطب بهذا القرآن أول مرة؛ لم يكن يحصر مدلول هذا اللفظ وهو يؤمر به في مجرد أداء الشعائر التعبدية.. بل إنه يوم خوطب به أول مرة في مكة؛ لم تكن قد فرضت بعد شعائر تعبدية ! إنما كان يفهم منه عند ما يخاطب به أن المطلوب منه هو               ” الدينونة ” لله وحده في أمره كله، وخلع الدينونة لغير الله من عنقه في أمره كله. ولقد فسر رسول الله- صلى الله عليه وسلم-” العبادة ” نصاً بأنها ” الاتباع ” وليست هي الشعائر التعبدية، وهو يقول لعدي ابن حاتم عن اليهود والنصارى، واتخاذهم الأحبار والرهبان أرباباً: ” بلى. إنهم أحلوا لهم الحرام، وحرموا عليهم الحلال، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم ” .. إنما أطلقت لفظة ” العبادة ” على ” الشعائر التعبدية ” باعتبارها صورة من صور الدينونة لله في شأن من الشؤون. صورة لا تستغرق مدلول العبادة، بل إنها تجيء بالتبعية لا بالإصالة ! ..

ولقد قلنا من قبل: لو كانت حقيقة العبادة هي مجرد الشعائر التعبدية ما استحقت كل هذا الموكب الكريم من الرسل والرسالات وما استحقت كل هذه الجهود المضنية التي بذلها الرسل- صلوات الله وسلامه عليهم- وما استحقت كل هذه العذابات والآلام التي تعرض لها الدعاة المؤمنون على مدار الزمان! إنما الذي استحق كل هذا الثمن الباهظ هو إخراج البشر جملة من الدينونة للعباد، وردهم إلى الدينونة لله وحده في كل أمر وفي كل شأن، وفي منهج حياتهم كله للدنيا وللآخرة سواء.” [61]

وحاصل هذا البيان القطبي يعني؛ أن جميع أفعال الإنسان أيا كانت؛ فهي داخلة في مسمى العبادة متى كانت محكومة بشرع الله؛ كما قال الشاطبي قديما: ” كل تصرف للعبد تحت قانون الشرع فهو عبادة.”[62] وذلك هو منتهى الاستسلام الكلي لله رب العالمين؛ المشار إليه في قوله تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ.﴾ (آل عمران / 83) وهو معنى التعبد الشامل العام المستفاد من قوله سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.﴾ (الأنعام / 163)

وبهذا يظهر أن أعمال العبادات والعادات في منطق الشريعة مزيج لا فرق بينها في قصد التعبد بها لله تعالى متى خلصت النيَّة فيها. فما كان من قبيل العبادات المحضة؛ ” كالصلاة والحج وغيرهما؛ فلا إشكال فيه. وأما العاديات؛ فلا تكون تعبُّديات إلا بالنِّيات.”[63]  هذا وجه.

والوجه الآخر؛ وهو أن الدخول في أي عمل كان بقصد العناية بالمقاصد الضرورية وخدمتها بما يعود على المكلفين بها، وعلى المجتمع والأمة وكل الناس من حولهم بالنفع العام، يجعل من ذلك العمل عبادة، ولو لم يكن من أعمال التعبد المحضة؛ كما قال الشاطبي: ” فـإن البناء على المقاصد الأصلية[64]      (يُصَيِّرُ تصرفاتِ المكلَّف كلها عبادات، كانت من قبيل العبادات أو العادات.”[65]

ومتى تحققت الأمة بهذا المعنى، وسارت على هذا النهج في جميع ما يصدر عنها من معتقدات إيمانية، وشعائر تعبدية، وقيم أخلاقية، ومعارف فكرية، وموازين تربوية، ومعاملات اجتماعية، وأنشطة اقتصادية، وممارسات سياسية، وعلاقات إنسانية، وتصورات كلّية عن الكون والحياة والأحياء، وغير ذلك؛ فقد تحققت بجوهر ما أخرجت له من المقاصد؛ وهو أن يكون كل مكلف فيها عبدا لله طوعاً كما هو عبد لله كرهاً كما هو المستفاد من قول أبي إسحاق: ” إن قصد الشارع من وضع الشرائع؛ إخراج المكلفين عن دواعي أهوائهم حتى يكونوا عبادا لله اختيارا كما هم عباد لله اضطرارا.”[66] وذلك منتهى مقاصد الشارع من التكليف البشري في محصلتها النهائية.

 

خلاصة

 

وبهذا نكون قد حققنا القول في مفهوم الحاكمية بمعناه الشرعي الكلي الشامل لكل صغيرة وكبيرة في حياة الإنسان؛ الاعتقادية والتعبدية والسلوكية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والمعرفية والفنـية؛ الخاصة والعامة، الظاهرة والباطنة … إلخ، وكشفنا ما علق به من أخلال ودعاوى؛ كحصره في الجانب القانونـي القضائي المحض، من جهة، وقصره على معنى الإمامة السياسية من جهة، دونما تدقيق ولا تحقيق في دلالته الحقيقية. بما هو أصل من أصول الاعتقاد الإيمانية المعبرة عن أخص خصائص الألوهية، بينما ” قصارى أمر الإمامة؛ أنها قضية مصلحية إجماعية ولا تلحق بالعقائد.”[67]  لأن ” الإمامة ليست من أركان الدين – كما عند الشيعة -، وإنما هي من المصالح العامة المفوضة إلى نظر الخلق[68] وغير ذلك من الدعاوى والأخلال التي طالما تذرع بها خصوم الحاكمية ورددوها وأشاعوها في العالمين بكل ما لديهم من وسائل، وهي في حقيقة الأمر؛ لا أصل لها في دين الله، ولا وجود لها فيما دونه أئمة الفكر الإسلامي قديما وحديثا؛ وهو ما أبدينا وأعدنا في بيانه أعلاه بما لا مزيد عليه من النظر والمراجعة. وبه تم الختم، وإنما الأعمال بالمقاصد، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المصادر والمراجع

 

  1. الله جل جلاله

– القرآن الكريم ، برواية حفص عن نافع

  1. ابن أبي طالب، ( علي، ت: 40 ه )

– نهج البلاغة، جمع وتنسيق الشريف الرضي، شرح وضبط محمد عبده، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، د، ط، ولا ت.

  1. ابن الحجاج، ( مسلم، ت: 61 2ه )

– المسند الصحيح المختصر، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د، ط، ولا ت.

  1. ابن حنبل، ( أحمد بن محمد، ت: 241ه )

– المسند، تحقيق: شعيب الأرنؤوط و عادل مرشد، وآخرون، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ / 2001م.

  1. ابن خلدون، ( عبد الرحمن بن محمد،ت: 808ه )

– مقدمة ابن خلدون. 2/595. تحقيق. علي عبد الواحد وافي. نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع. د، ط. 2004م.

  1. ابن دريد، ( محمد بن الحسن، ت: 321ه )

– جمهرة اللغة، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، ط1، 1987م.

  1. ابن رشد، ( الحفيد، ت: 595ه )
  2. فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال. مطبوع مع كتاب الكشف عن مناهج الأدلة. دار العلم للجميع. ط 2. 1353هـ/1935م.
  3. ابن عاشر، ( عبد الواحد، ت :1040ه  )
  4. – المرشد المعين على الضروري من علوم الدين، مكتبة القاهرة، مصر، د.ط، ولا ت.
  5. ابن فارس، ( أحمد، ت: 395 هـ )

– معجم مقاييس اللغة، تحقيق، عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ / 1979م.

  1. ابن فرحون، ( إبراهيم بن علي، ت: 799ه )

– تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، إبراهيم بن فرحون، مكتبة الكليات الأزهرية، ط1، 1406هـ / 1986م.

  1. ابن القيم، ( شمس الدين محمد، ت: 751ه )

– إعلام الموقعين، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر، ط2، 1397هـ/1977م.

– الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تحقيق جميل غازي، ط القاهرة، 1977م.

  1. ابن محمد، ( الحسين بن القاسم، ت: 1029ه )

– هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول، ط2، 1401ﻫ.

  1. ابن منظور ( محمد بن مكرم، ت: 711 ه )

– لسان العرب. دار صادر. بيروت: ط1. د. ت.

  1. ابن نجيم، ( زين الدين، ت: 969ه )

– البحر الرائق شرح كنز الدقائق دار المعرفة، بيروت، د، ط، و ت.

  1. أبو الحسين البصري، (محمد بن علي ت: 436ه )

– شرح العمد،  تحقيق: عبد الحميد أبو زنيد، القاهرة: دار المطبعة السلفية، دون طبعة، 1410ﻫ.

  1. الأبياري، ( علي بن إسماعيل، ت: 616ه )

– التحقيق والبيان في شرح البرهان في أصول الفقه، تحقيق، علي بن عبد الرحمن بسام الجزائري، دار الضياء، الكويت، ط1، 1434هـ/ 2013م.

  1. الآمدي، ( سيف الدين، ت: 631 ه )

– الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، لبنان، د. ط، و لا ت.

  1. الأنصاري، ( ابن نظام الدين، ت: 1119ه )

– فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت، تحقيق، عبد الله محمود محمد عمر،  دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1،1423 ھ/2002م.

  1. البخاري، ( محمد بن إسماعيل، ت: 279 ه )

– الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ط1، 1422ه ـ.

  1. البصري، ( أبو الحسين، ت: 436ه)

– المعتمد في أصول الفقه،  بيروت: دار الكتب العلمية، 1403ﻫ/1983م.

– شرح العمد، تحقيق: عبد الحميد أبو زنيد، القاهرة: دار المطبعة السلفية، 1410ﻫ.

  1. البناني، (عبد الرحمن بن جاد الله، ت: 1198ه )

– حاشية البناني على شرح الجلال المحلي، على متن جمع الجوامع، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، د، ط، ولا ت.

  1. بزا، ( عبد النور )

– مصالح الإنسان مقاربة مقاصدية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي. هرندن. فرجينيا. الولايات المتحدة الأمريكية. ط1. 1432ﻫ/2011م.

  1. الجصاص، ( أحمد بن علي، ت: 370 ه )

– أحكام القرآن، تحقيق، محمد صادق القمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ط، 1405هـ.

  1. خان، ( وحيد الدين، ت: 1442ه )

– التفسير السياسي للدين، دار البشائر الإسلامية، ط1، 1435ه/ 2014م.

  1. خلاف، ( عبد الوهاب ت: 1375 هـ )

– علم أصول الفقه، دار القلم، ط 10، 1392هـ/1972م.

  1. الرازي، ( محمد بن أبي بكر ، ت: 313 ه )

– مختار الصحاح، تحقيق: يوسف الشيخ محمد، المكتبة العصرية، بيروت، صيدا، ط5، 1420ه / 1999م.

  1. الزَّبيدي، ( محمّد مرتضى، ت: 1205ه )

– تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، د، ط، ولا ت.

  1. الزرقاني،( محمد بن عبد الباقي، ت:1122ه )

– شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط1، 1424هـ / 2003م.

  1. السبكي، ( تاج الدين، ت: 771 ه )

– الإبهاج في شرح المنهاج، بيروت: دار الكتب العلمية، د، ط، 1404ﻫ.

  1. السمرقندي، (علاء الدين، ت: 450ه)

– ميزان الأصول في نتائج العقول، تحقيق محمد زكي عبد البر، مطابع الدوحة الحديثة، قطر، ط1، 1404هـ / 1984م.

  1. الشاطبي، ( إبراهيم بن موسى، ت: 790ه )

– الموافقات، تحقيق أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، ط1، 1421هـ.

  1. الغزالي، ( أبو حامد، ت: 505 هـ)

– المستصفى، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية، ط1، 1413هـ/ 1993م.

  1. الغنوشي، ( راشد )

– الحريات العامة في الدولة الإسلامية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، ط1، 1993.

  1. الفاسي، ( علال، ت: 1974م )

–  الغرة في أصول الفقه، مطبعة الرسالة،  الرباط، د. ط، 1992م.

  1. القرافي، ( شهاب الدين، ت: 684هـ )

– شرح تنقيح الفصول، دار الفكر،ط1، 1393هـ/1973م.

– نفائس الأصول في شرح المحصول، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط1، 1416هـ / 1995م.

  1. قطب، ( سيد، ت:386 1ه )

– في ظلال القرآن، دار الشروق، بيروت، القاهرة، ط السابعة عشر، 1412هـ.

– معالم في الطريق، دار الشروق، ط6، 1399ه/ 1979م.

– مقومات التصور الإسلامي، دار الشروق، ط1، 1406هـ/1986م

  1. المودودي، ( أبو الأعلى، ت: 1399ه )

– تدوين الدستور الإسلامي، د، طبعة، ولا تاريخ.

– نظرية الاسلام السياسية، د، طبعة، ولا تاريخ.

  1. الصنعاني، (محمد بن إسماعيل،ت: 1182ه )، إجابة السائل شرح بغية الآمل، تحقيق: حسين بن أحمد السياغي وحسن محمد مقبولي الأهدل، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1986م.
  2. الندوي، ( أبو الحسن، ت: 1420ه )

– التفسير السياسي للإسلام، دار البشائر الإسلامية، ط1، 1435ه/ 2014م.

 

[1] – ابن دريد، جمهرة اللغة، 1 / 564، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، ط1، 1987م.

– أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، 2 / 91، ( تحقيق، عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ / 1979م.

– محمد بن أبي بكر الرازي، مختار الصحاح، ص 78، تحقيق: يوسف الشيخ محمد، المكتبة العصرية، بيروت، صيدا، ط5، 1420هـ / 1999م ).

– محمّد مرتضى، الزَّبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، 31 / 510، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، د، ط، ولا ت.

قال ابن فرحون في مادة حكم:” الحكم في مادته بمعنى المنع، ومنه حكمت السفيه إذا أخذت على يده ومنعته من التصرف، ومنه سمي الحاكم حاكما لمنعه الظالم من ظلمه، ومعنى قلهم حكم الحاكم، أي وضع الحق في أهله ومنع من ليس له بأهل، وبذلك سميت الحكمة التي في لجام الفرس؛ لأنها ترد الفرس عن المعاطب، والعرب تقول: حكم وأحكم بِمعنى منع، والحكم في اللغة؛ القضاء أيضا، فحقيقتهما متقاربة.” تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، إبراهيم بن فرحون، 1 / 12، مكتبة الكليات الأزهرية، ط1، 1406هـ / 1986م.

[2] – أبو حامد الغزالي، المستصفى، 1 / 45، ( تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية، ط1، 1413هـ/ 1993م.

– علاء الدين السمرقندي، ميزان الأصول في نتائج العقول، 1 / 20، تحقيق محمد زكي عبد البر، مطابع الدوحة الحديثة، قطر، ط1، 1404هـ / 1984م.

– شهاب الدين القرافي، نفائس الأصول في شرح المحصول، 1 / 214- 217، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط1، 1416هـ / 1995م.

[3] – أبو الأعلى المودودي، تدوين الدستور الإسلامي، ص 6، د، ط، ولا ت.

[4] – أبو الأعلى المودودي، نظرية الاسلام السياسية، ص 15، 16، د، ط، ولا ت.

[5] –  تدوين الدستور الإسلامي، م س، ص 6.

[6] –  سيد قطب، معالم في الطريق، ص 108- 123، 124، دار الشروق، ط6، 1399ه/ 1979م.

[7] –  وحيد الدين خان، التفسير السياسي للدين، دار البشائر الإسلامية، ط1، 1435ه/ 2014م.

[8] –  أبو الحسن الندوي، التفسير السياسي للإسلام، دار البشائر الإسلامية، ط1، 1435ه/ 2014م.

[9] – آيات الحاكمية كثيرة؛ يمكن مراجعة بعضها في هذه السور: ( النساء: 60 ، 65 ، 115). ( الأنعام: 114 ). ( يوسف: 40 ).  ( النور: 51، 52 ). ( الرعد:41 ).  ( الأحزاب: 36 ). ( الشورى: 21 ) … إلخ

[10] – محمد بن عبد الباقي الزرقاني، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، 3 / 507. تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط1، 1424هـ / 2003م.

[11]– مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر، 3 / 1357، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث، ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها، رقم الحديث: 1731، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د، ط، ولا ت.

[12]– محمد بن إسماعيل البخاري، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، 4/67، ( تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل، رقم الحديث: 3043، دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ.

[13]– الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ابن القيم، 1/17.  تحقيق جميل غازي، ط القاهرة، 1977م.

– ابن القيم، إعلام الموقعين، 4/283. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر، ط2، 1397هـ/1977م.

[14]– ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5 / 11، دار المعرفة، بيروت، د، ط، و ت.

[15]– الشاطبي، الموافقات، 4 / 314. أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان. دار ابن عفان. ط1. 1421ﻫ. ،

[16]– المسند، أحمد بن محمد بن حنبل، 41 /148، مسند عائشة، رقم الحديث: 24601، تحقيق: شعيب الأرنؤوط و عادل مرشد، وآخرون، مؤسسة الرسالة، ط1 ، 1421هـ / 2001م.

[17]– الموافقات، م س، 4 / 314.

[18]– علي بن أبي طالب، نهج البلاغة، ص 163، 164. جمع وتنسيق الشريف الرضي، شرح وضبط محمد عبده، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، د، ط، ولا ت.

[19]– علاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي، ميزان الأصول في نتائج العقول، تحقيق: عبد الملك السعدي، بغداد: مطبعة الخلود، 1987م، 1/ 1.

[20]– (محمد بن إسماعيل الصنعاني،إجابة السائل شرح بغية الآمل. إجابة السائل شرح بغية الآمل، تحقيق: حسين بن أحمد السياغي وحسن محمد مقبولي الأهدل، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1986م. ، ص 225.

[21]– إجابة السائل شرح بغية الآمل، م س، ص 225.

[22]– المستصفى، م س، 1 / 157.

[23]– علي بن إسماعيل الأبياري، التحقيق والبيان في شرح البرهان في أصول الفقه، 1 / 480، تحقيق، علي بن عبد الرحمن بسام الجزائري، دار الضياء، الكويت، ط1، 1434هـ/ 2013م،

[24]– ابن نظام الدين الأنصاري، فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت، 1 / 23،  تحقيق، عبد الله محمود محمد عمر،  دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1،1423 ھ/2002م .

[25]– هذه جملة من النقول القاضية باتفاق أئمتنا على حاكمية الله دون سواه؛

قال القرافي من المالكية: “… والحاكم هو الله تعالى في الجميع،” شرح تنقيح الفصول، ص 90، 91. دار الفكر،ط1، 1393هـ/1973م.

والبناني من المالكية أيضا؛ إذ نص على أنه ” لا حاكم إلا الله، فهذا محل اتفاق بين الفريقين، إذ المعتزلة لا يجعلون العقل هو الحاكم؛ بل يوافقوننا على أن الحاكم هو الله تعالى،”عبد الرحمن بن جاد الله البناني، حاشية البناني على شرح الجلال المحلي، على متن جمع الجوامع، 1/ 56. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، د، ط، ولا ت.

وتاج الدين السبكي من الشافعية؛ فيما عبارته:” وأعلم أن المعتزلة لا ينكرون أن الله تعالى هو الشارع للأحكام، وإنما يقولون: إن العقل يدرك أن الله شرع أحكام الأفعال بحسب ما يظهر من مصالحها ومفاسدها؛ فهي طريق عندهم إلى العلم بالحكم الشرعي،” الإبهاج في شرح المنهاج، 1 / 34. بيروت: دار الكتب العلمية، د، ط، 1404ﻫ.

والحسين بن القاسم من الزيدية فيما أوجزه قائلا: ” الحاكم الشرع اتفاقا بين المعتزلة والأشاعرة،” الحسين بن القاسم، بن محمد، هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول، 1 / 308. ( ط2، 1401ﻫ.

وأبو الحسين البصري من المعتزلة؛ إذ قال: ” الشرع يزيل حكم العقل،” شرح العمد،  1 / 369. تحقيق: عبد الحميد أبو زنيد، القاهرة: دار المطبعة السلفية، 1410ﻫ.

وأن ” البقاء على حكم العقل، إذا لم ينقل عنه شرع،” المعتمد في أصول الفقه،  1 / 6 ، 67 ، 347 ، 354. بيروت: دار الكتب العلمية، 1403ﻫ/1983م.

[26]– الموافقات، م س، 2 / 289.

[27]– الموافقات، م س، 2 / 475.

[28]– الموافقات، م س، 1 / 109.

[29]– الموافقات، م س، 2 / 407.

[30]– قال الشيخ عبد الله دراز:” أي تنطبع فيهم هذه المصالح على السواء، لأنهم مطبوعون بطابع النوع الإنسانـي المتحد في حاجياته وضرورياته وما يكملها “، الموافقات، م س، هامش 1، 2 / 408.

[31]– الموافقات، م س، 2 / 410.

[32]– عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، ص 96، 97، دار القلم، ط 10، 1392هـ/1972م.

[33]– سيد قطب، في ظلال القرآن، 2 / 688 ، 890، دار الشروق، بيروت، القاهرة، ط السابعة عشر، 1412ه.

[34]– في ظلال القرآن، م س، 1 / 387

[35]– في ظلال القرآن، م س،  1 / 610

[36]  – في ظلال القرآن، م س، 2 / 659.

[37]– المستصفى، م س، 1 / 8.

[38]– سيف الدين الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، 1 / 79، تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، لبنان، د. ط، و لا ت.

[39]– في طلال القرآن، م س، 2 / 619.

[40]– الحاكمية الشاملة: هي ما شرعه الله من الأحكام / القوانين الناظمة لجميع المجالات العقدية والتعبدية والقيمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفنية وغيرها مما له علاقة بحياة الناس الخاصة والعامة، الدنيوية والأخروية على حد سواء.

[41]– الحاكمية الجزئية: هي ما شرعه الله من الأحكام / القوانين المتعلقة بالسلطة السياسية والسلطة القضائية تحديدا.

[42] – قال عبد الواحد بن عاشر:               أول واجب على من كلفا          ممكنا من نظر أن يعرفا

–  المرشد المعين على الضروري من علوم الدين، ص 2، 3. مكتبة القاهرة، مصر، د.ط، ولا ت.

 

[43] – قال ابن منظور: ” والسياسة فعل السائس القائم بأمور الناس.” لسان العرب. م س. 6 / 108.

– قال ابن عقليل:” السياسة: ما كان من الأفعال بحيث يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد.” الطرق الحكمية. م س. ص 17.

– قال ابن نجيم:” السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها.” البحر الرائق شرح كنز الدقائق دار المعرفة.       5 / 11. بيروت. د. ط. و ت.

[44] – قال ابن رشد: “فعل الفلسفة؛ ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع ” فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال. ص 9، مطبوع مع كتاب الكشف عن مناهج الأدلة. دار العلم للجميع. ط 2. 1353هـ/1935م.

 

[45] – علال الفاسي، الغرة في أصول الفقه، ص 40، مطبعة الرسالة،  الرباط، د. ط، 1992م.

[46] – أحمد بن علي الجصاص، أحكام القرآن، 4 / 138، تحقيق، محمد صادق القمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، دون طبعة، 1405هـ.

[47]– التوكيد على كتابة كلمة ” إرادة ” بالخط الغليظ؛ هو من عند سيد قطب، في سياق آخر عند تفسيره لقوله تعالى:” يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت…” مقومات التصور الإسلامي، ص 167، دار الشروق، ط1، 1406هـ/1986م.  وهو ما نبه إليه شقيقه محمد قطب أيضا في مقدمته لهذا الكتاب، ص 11.

[48]– مقومات التصور الإسلامي، م س، ص 177، 178.

[49]– في ظلال القرآن، م س، ص 2 / 688.

       قال ابن القيم: وَأما الحكم المؤول؛ فَهُوَ أَقْوَال الْمُجْتَهدين الْمُخْتَلفَة الَّتِي لَا يجب اتباعها، وَلَا يكفر وَلَا يفسق من خالفها، فَإِن أَصْحَابهَا لم يَقُولُوا: هَذَا حكم الله وَرَسُوله؛ بل قَالُوا: اجتهدنا برأينا؛ فَمن شَاءَ قبله، وَمن شَاءَ لم يقبله، وَلم يلزموا بِهِ الْأمة.

وَأما الحكم الْمُبدل؛ وَهُوَ الحكم بِغَيْر مَا أنزل الله؛ فَلَا يحل تنفيذه، وَلَا الْعَمَل بِهِ، وَلَا يسوغ اتِّبَاعه، وَصَاحبه بَين الْكفْر والفسوق وَالظُّلم. الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء، ابن القيم، ص 266 – 267، دار الكتب العلمية، بيروت، دون طبعة ولا تاريخ.

 

[51]– عبد النور بزا، مصالح الإنسان مقاربة مقاصدية، ص 68 – 90، المعهد العالمي للفكر الإسلامي. هرندن. فرجينيا. الولايات المتحدة الأمريكية. ط1. 1432ﻫ/2011م.

[52]– الشاطبي. الموافقات. م س، 4 / 232.

[53]– في ظلال القرآن، م س، 4 / 1990.

[54]– في ظلال القرآن، م س 1 / 406.

[55]– راشد الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية، ص 100، 101، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، ط1، 1993.

[56]  – محمد يتيم، جريدة الراية، المغرب، عدد 289و 290، ص 20.

[57] –  معالم في الطريق، م س، ص 108- 123، 124.

[58]  – في ظلال القرآن، م س، 2 / 611.

 –  في ظلال القرآن، م س،  2 /  1005.[59]

–  في ظلال القرآن، 4/ 1937[60]

–  في ظلال القرآن، م س، 4 / 1903[61]

[62]– الموافقات، م س،1 / 310، 311.

[63]– الموافقات، م س، 3 / 18.

[64]– المقاصد الأصلية؛ هي المقاصد الكلية الضرورية التي وضعت الشريعة للمحافظة عليها ابتداء؛ كما قال الشاطبي:” الأصول الكلية التي جاءت الشريعة بحفظها خمسة؛ وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.” الموافقات،         3 / 236.

[65]– الموافقات، م س، 2 / 337.

[66]– الموافقات، 1 /515 و 2 / 63، 264، 289، 291، 293، 328  و 5 /77، 585، بتصرف.

[67] – عبد الرحمن ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون. 2 / 595. تحقيق. علي عبد الواحد وافي. نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع. د، ط. 2004م.

[68] –  مقدمة ابن خلدون، م س، 3 / 975.

إرسال التعليق