ملاحظات أولية على الضربات الإسرائيلية ضد إيران

آخر الأخبار

ملاحظات أولية على الضربات الإسرائيلية ضد إيران

رصد المغرب/أحمد سلطان 

– الهجمات التي جرت في ساعة مبكرة من اليوم هي حصيلة جهد وتخطيط لسنوات وإن تسارعت وتيرة العمل من أجل تنفيذ المخطط خلال الشهرين الماضيين، وضمن الترتيب لهذه العملية جرى تدمير الدفاعات الجوية السورية واستهداف الدفاع الجوي العراقي من ذي قبل، وهذا أمر بديهي بالنظر إلى مسرح العمليات وحاجة الطائرات الإسرائيلية، لا سيما طائرات التزود بالوقود جوا، للتخفي قبل الهجوم، وتفجير ميناء بندر بن عباس قبل نحو شهرين حيث استهدف الهجوم الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ البالسيتية بهدف منع إيران من تسريع الإنتاج تمهيدا للضربة الأخيرة، بجانب إجراءات وخطوات أخرى.
– هناك جهد استخباراتي منسق على أعلى مستوى، وبالتأكيد هذا ليس عمل جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية “الموساد” والاستخبارات العسكرية “أمان” فقط فهناك مشاركة للاستخبارات الأمريكية ولأجهزة إقليمية ولا ننسى في هذا المقام أن أكبر محطات الموساد في المنطقة موجودة في أذربيجان.
– على ذكر الجهد الاستخباراتي، هناك عملية تضليل لافتة جدًا دفعت قادة القوة الجوية الإيرانية للاجتماع ومن ثم جرى استهدافهم، وهو ما يشير إلى وجود اختراق داخلي عالي المستوى في دائرة القيادة الإيرانية- وهذا ليس سرا- ووجود مصادر فاعلة حتى الآن في الأذرع الإيرانية بما في ذلك حزب الله، وقد يكون أحد وسائل التضليل المعلومات التي نقلت من الحزب قبل ساعة تقريبا من الضربة إلى القيادة الإيرانية- وهذا مجرد افتراض مني في الوقت الحالي وربما نتحدث بتفاصيل أكبر عن العملية برمتها قريبا والأمر يستحق-.
– ولا ننسى مجموعات العمل النوعية الاستخباراتية التي استهدفت منظومات الدفاع الجوي الإيراني لإرباكها، واغتالت علماء نوويين وقادة عسكريين بشكل مباشر، وكذلك وجهت عملية استهداف آخرين من على الأرض، وهذه واحدة من عمليات السرايا والمفارز العاملة في عمق العدو أو خلف خطوطه بالصورة الكلاسيكية.
– نحن أمام حملة أو حرب بمعنى أن هناك هجمات تالية في الفترة المقبلة، وهذه الحملة لا تهدف فقط إلى تحييد المشروع النووي الإيراني بل أيضًا إلى تقويض النظام الإيراني أو إضعافه لأقصى حد، وفي هذه الحالة فإن تداعي النظام قد يحدث من داخله أو من الداخل الإيراني إذا استمرت الهجمات بالوتيرة الحالية، وهو أمر مشكوك فيه بدون دعم لوجيستي أمريكي قوي لأن استمرار سلاح الجو الإسرائيلي بنفس الزخم في ظل الظروف المتوقعة سيكون أمرا مُرهقا وصعبا.
– النظام الإيراني تلقى هزيمة استراتيجية بالفعل، لأنه اختار، منذ الـ7 من أكتوبر، أن يعود لسياسة الصبر الاستراتيجي في وقت أزمة تغيرت فيها كل قواعد الاشتباك وبالطبع مرور الوقت في هذه الحالة يُفقد صانع القرار كثير من الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها، وهذا درس لمن أراد أن يتعلم من الحالة الإيرانية.
– الخيارات المطروحة الآن أمام طهران محدودة جدا، فإما أن تقبل العرض الأمريكي وتتخلى عن مشروعها النووي ومعه مشروعها الصاروخي، أحد نقاط قوتها المتبقية، وإما أن ترد ردا يتناسب مع الضربات التي تلقتها، وفي هذه الحالة ستكون هناك ضربات إضافية، وفي هذا الصدد هناك سيناريو الحرب الشاملة وفيه ستسعى إيران لإغلاق مضيق هرمز واستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة (الخليج)، بل وقد يدفع الصقور المتشددون إلى استهداف دول إقليمية أيضًا، لكن بعد الضربات الإسرائيلية فالقيادة الإيرانية وعلى رأسها المرشد علي خامنئي – الذي أتوقع أنه جرت محاولات لاستهدافه بالفعل- ستفكر ألف مرة قبل أن تُقامر بالذهاب لحرب شاملة واستهداف المصالح الأمريكية.
– هزيمة إيران هي درس لقوى إقليمية أخرى ولمدمني “ثقافة اللقطة” والاستعراض الدعائي المبالغ فيه، وهي جزء من عملية إعادة بناء نظام إقليمي جديد تكون لإسرائيل فيه قوة ضاربة ومكانة أمنية واستراتيجية أكبر، ولكن هل ترضى النخبة الحاكمة في تل أبيب وتقنع بذلك؟ أظن أنها لن تفعل ومن لديه أوهام بهذا الشأن فعليه أن يُراجع نفسه، ولعلنا في هذا المقام نذكر ببديهيات علم السياسة التي لا تُغفل دراسة تأثير النخبة القيادية على أي عملية سياسية، مع أن البعض قد يغفل عن هذا الأمر في خضم الأحداث.

إرسال التعليق