ملعب محمد الخامس يتحول إلى لغز مالي مغلق بإحكام

ملعب محمد الخامس يتحول إلى لغز مالي مغلق بإحكام

رصد المغرب / عبد الله السعدي

بين مدرجات جمهور غاضب، وصفقات إصلاح لا تنتهي، تتوارى الحقائق خلف ستار من الصمت الرسمي ، ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، الذي لطالما شكل رمزية كروية وتاريخية، بات عنوانا صادما لهدر المال العام وغياب المحاسبة.

فالرقم المتداول، وفق معطيات شبه رسمية، يصل إلى 22 مليار سنتيم أُنفقت على مدار سنوات في “إصلاحات” متكررة، دون أن يلمس المواطن أثرا ملموسا على مستوى الجودة أو البنية التحتية ، في كل مرة يغلق فيها الملعب ، تعلن مشاريع جديدة ، وتفتح ميزانيات ، ثم يعاد افتتاحه كأن شيئا لم يكن.

فالخطورة لا تكمن فقط في الأرقام ، بل في غياب الشفافية واستمرار الإفلات من المحاسبة والجزاء الترتب عليها أو العقاب ، ورغم وضع شكاية أمام القضاء منذ يونيو 2023 ، وفتح تحقيقات أولية من قبل الشرطة القضائية ، إلا أن مآل الملف لا يزال غامضا ، دون نتائج معلنة أو مؤشرات ملموسة على مساءلة المتورطين.

وقرار جماهير الرجاء والوداد بمقاطعة الديربي البيضاوي لم يكن سلوكا عابرا ، بل رسالة واضحة ، لأن الثقة مفقودة ، والمؤسسات مطالبة بتوضيح مصير الأموال العمومية التي صرفت باسم “التأهيل” ، فمظاهر الغضب الشعبي ، وإن انطلقت من مدرجات الملاعب ، فهي تعكس إحباطا عميقا من بنية سياسية واقتصادية تبقي على نفس الوجوه ونفس الممارسات، وتفرغ مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” من أي مضمون حقيقي.

إن القضية تجاوزت حدود الرياضة ، بل هي مرآة تعكس خللا بنيويا في تدبير المال العام ، وتطرح أسئلة جوهرية حول فعالية المؤسسات الرقابية ، واستقلالية القضاء ، وإرادة الدولة في محاربة الفساد لا بالشعارات ، بل بالفعل والنتائج ، فليس الملعب هو المشكل ، بل الذين يدبرون كل تلك الأمور .

إرسال التعليق