نظام “القوة الضاربة” أمام خيار الاستدانة الخارجية فهل تتجه الجزائر نحو السيناريو المصري؟

آخر الأخبار

نظام “القوة الضاربة” أمام خيار الاستدانة الخارجية فهل تتجه الجزائر نحو السيناريو المصري؟

رصد المغرب / الجزائر 

في خطوة أثارت جدلا واسعا، أعلن وزير المالية الجزائري رسميا عن توجه الحكومة نحو الاستدانة الخارجية، في تناقض صارخ مع التصريحات السابقة للرئيس عبد المجيد تبون، الذي لطالما أكد أن “الجزائر لن تلجأ إلى الاستدانة الخارجية بأي حال من الأحوال”، مفضلا “العيش بالإمكانات الذاتية على الخضوع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية”.

والإعلان الجديد يعكس تغيرا جذريا في مقاربة السلطة للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، ويعزز المخاوف التي لطالما حذر منها الخبراء والمتابعون للشأن الاقتصادي الجزائري، إذ يرى كثيرون أن الاستدانة، خاصة من جهات دولية مثل صندوق النقد الدولي (FMI)، قد تفتح الباب أمام شروط تقشفية تمس بالسيادة الاقتصادية والاجتماعية، تماما كما حدث في تجارب مماثلة بدول أخرى، على رأسها مصر.

فالرئيس تبون في مناسبات عدة، قدم “السيادة الاقتصادية” كخط أحمر، ووعد بعدم التورط في دوامة الديون الخارجية، واليوم يتراجع الخطاب الرسمي بشكل واضح، ما يعكس إما سوء تقدير سابق لحجم الأزمة، أو ضغطا داخليا وخارجيا يدفع النظام نحو خيارات اقتصادية أكثر خطورة.

ويشير محللون إلى أن هذه الخطوة قد تمثل بداية لما يسمى بـ”الهروب إلى الأمام”، أي محاولة تأجيل الانهيار الاقتصادي عبر القروض، بدلا من تبني إصلاحات هيكلية حقيقية وشاملة.

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الحكومة تبحث عن مصادر تمويل لمشاريع بنيوية واقتصادية لم تجد لها غطاءا ماليا داخليا، في ظل تراجع احتياطي الصرف، وارتفاع فاتورة الاستيراد، واستمرار أزمة ضعف تنويع الاقتصاد الوطني، الذي لا يزال رهينا لعائدات المحروقات.

ويقول خبراء اقتصاديون إن اللجوء إلى الاقتراض الخارجي في غياب خطة واضحة للإصلاح الاقتصادي، قد يعمق الأزمة بدلا من حلها، ويجعل الجزائر رهينة لمؤسسات دولية تفرض شروطا تؤثر بشكل مباشر على السياسات الاجتماعية والاقتصادية، كرفع الدعم وخفض الإنفاق العمومي.

وتتوالى التحذيرات من انزلاق الجزائر نحو سيناريو شبيه بالتجربة المصرية، حيث وجد النظام هناك نفسه مضطرا لطلب قروض متتالية من صندوق النقد الدولي، مقابل إصلاحات قاسية أرهقت الطبقات الوسطى والفقيرة، من تعويم العملة إلى رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية.

وفي ظل غياب مؤسسات رقابية قوية، وانعدام الشفافية في إدارة الشأن الاقتصادي، يخشى كثيرون من أن تتحول القروض إلى عبء جديد، يستفيد منه المقربون من السلطة بينما يدفع ثمنه المواطن العادي.

فقرار اللجوء إلى الاستدانة الخارجية يمثل لحظة مفصلية في تاريخ الاقتصاد الجزائري، ويطرح تساؤلات عميقة حول الخيارات الاستراتيجية للدولة، حيث حدود السيادة الاقتصادية في ظل الأزمات المتراكمة، وفي غياب حوار وطني حقيقي، وخطة إنقاذ اقتصادية شاملة تشارك فيها كل الكفاءات، فإن مخاوف المواطنين والخبراء تبدو مشروعة، فهل هي بداية نهاية “القوة الضاربة”، أم مجرد مرحلة عابرة في طريق طويل نحو تأخير الإنهيار الإقتصادي؟

إرسال التعليق