حديقة الباسكيط بحي السلام: من متنفس سكاني إلى بؤرة إجرامية وسط صمت الولاية والجماعة والأمن

آخر الأخبار

حديقة الباسكيط بحي السلام: من متنفس سكاني إلى بؤرة إجرامية وسط صمت الولاية والجماعة والأمن

رصد المغرب/سلا 

للمرة الألف، وربما الألفين، لا تزال ساكنة حي السلام تدق ناقوس الخطر إزاء ما آلت إليه حديقة الباسكيط، التي تحولت من فضاء منشود للراحة والتنزه، إلى مرتع للفوضى، والضوضاء، والانفلات الأمني. أصوات الاستغاثة تتعالى من الحي، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الشكايات الفردية والجماعية، إلا أن الجهات المسؤولة لا تزال صامتة، أو بالأحرى، غائبة تماما عن المشهد.
وتجمع شهادات السكان على أن الحديقة التي كان يفترض أن تكون مكانا آمنا للعائلات والأطفال، تحولت إلى بؤرة لبيع المخدرات والقرقوبي، وملاذا لمراهقين يقودون دراجاتهم النارية بسرعة جنونية وبدون أدنى احترام لراحة السكان، خاصة خلال ساعات الليل، من منتصفه إلى الفجر. الضجيج المتواصل والصراخ والمطاردات، كلها مشاهد تتكرر يوميا أمام أنظار السكان دون تدخل يذكر من السلطات.
ويتساءل السكان باستغراب عن أين هي دوريات الشرطة؟ ولماذا هذا التجاهل المتواصل للبلاغات المتكررة؟ لأن غياب الحضور الأمني المستمر، وضعف الاستجابة للنداءات، ساهم في تكريس الشعور بانعدام الأمان، بل وفتح الباب على مصراعيه أمام تفشي الجريمة. فرجال الأمن الذين يفترض أنهم العين الساهرة على أمن المواطنين، لم يظهروا أي تحرك جاد يعيد الانضباط لهذا الفضاء العمومي.
وأيضا تتحمل المقاطعة الحضرية التي تنتمي إليها الحديقة مسؤولية مباشرة في مراقبة الفضاءات العمومية داخل نفوذها، غير أن كل المؤشرات تدل على غياب أي مراقبة ميدانية أو تدخل تنظيمي فعال. وأما مجلس جماعة المدينة، فقد تم توجيه عدة مراسلات إليه، يطالب فيها المواطنون بتوفير الحراسة الليلية، والإضاءة الكافية، وتنظيف الفضاء، غير أن لا جواب يأتي، وكأن الحديقة خارج خريطة الاهتمام الجماعي.
إوكذلك ن كانت الجهة مسؤولة عن برامج التأهيل المجالي والتجهيزات الأساسية، فإن ما تعيشه حديقة الباسكيط هو نموذج مصغر لفشل السياسات التنموية المحلية، في ربط الفضاءات الحضرية بالحياة المدنية السليمة. فهل يعقل أن تمر مشاريع تهيئة بملايين الدراهم  مثل حديقة الباسكيط والتي قدرت تكلفة إعادة تهييئها ب(700 مليون سنتيم)، وفي مناطق أخرى نفس الشئ، بينما لا تجد ساكنة حي السلام من يلبي طلبا بسيطا وهو “حديقة نظيفة، آمنة، وهادئة”؟
فالوضع لم يعد يحتمل مزيدا من التجاهل. لأن ساكنة حي السلام التي تملك كل الحق في بيئة نظيفة وآمنة، باتت تشعر أن المؤسسات جميعها تتواطأ بالصمت أو بعدم الكفاءة. فهل يجب أن يقع حادث مأساوي، أو جريمة بشعة، حتى تتحرك الجهات المعنية؟ أم أن الأمر لا يدخل ضمن أولوياتها؟
إن إعادة الاعتبار لحديقة الباسكيط يجب أن يبدأ فورًا بتكثيف الدوريات الأمنية ليلا ونهارا، وتوفير حراسة دائمة للحديقة،والقيام بحملة نظافة شاملة،وإطلاق مشاريع تهيئة للفضاء،
فقضية حديقة الباسكيط ليست شأنا محليا عابرا، بل مرآة لفشل تنموي وأمني وإداري مشترك. والسكوت عنها مشاركة ضمنية في صناعة بيئة قابلة للانفجار في أي لحظة. فهل تستفيق الجهات المسؤولة من سباتها، أم أن حي السلام سيظل خارج التغطية؟

إرسال التعليق