مصر وثورة النسيج: مشروع استراتيجي يعيد رسم خريطة الصناعة العالمية
رصد المغرب / القاهرة
في قلب شمال أفريقيا، تنهض مصر بمشروع صناعي طموح يعد بقلب موازين صناعة النسيج العالمية ، مدينتان صناعيتان متخصصتان في النسيج، وخطة استراتيجية ضخمة تستهدف بلوغ صادرات تصل إلى 6600 مليار فرنك أفريقي (نحو 11 مليار دولار أمريكي)، مع توفير آلاف الوظائف ، إنها ليست مجرد طفرة اقتصادية، بل ثورة صناعية بكل المقاييس لأن هناك مدينتان ورؤية واحدة .
و تراهن مصر على مدينتي “الروبيكي” و”مدينة النسيج في المحلة الكبرى”، كقاطرتين للتنمية الصناعية في قطاع المنسوجات ، الأولى مدينة متكاملة تضم مصانع للغزل والنسيج والصباغة والطباعة، إضافة إلى مراكز للبحث والتطوير ، و أما الثانية فهي إعادة إحياء لتراث المحلة الكبرى، العاصمة التاريخية للنسيج، ولكن برؤية عصرية وتكنولوجيا متقدمة حيث 6600 مليار فرنك أفريقي يعد هدف قابل للتحقيق .
الرقم قد يبدو مبالغا فيه، لكن بالنظر إلى الموارد المتاحة، والبنية التحتية التي تم تطويرها، والدعم الحكومي الواسع، يصبح الهدف أقرب إلى التحقق مما يظن ، مصر تمتلك كل مقومات النجاح ، كل من يد عاملة ماهرة ومنخفضة التكلفة ، و موقع جغرافي استراتيجي يسهل التصدير إلى أوروبا وأفريقيا ، و اتفاقيات تجارية دولية تفتح أبواب أسواق متعددة ، كل ذلك يزيد من فرص العمل والتحول الاجتماعي .
و تتوقع الحكومة المصرية أن توفر هذه الثورة الصناعية آلاف الوظائف، مما يساهم في تقليص معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب والنساء ، كما أن تطوير سلاسل الإمداد وتدريب العمالة يخلق منظومة متكاملة قادرة على المنافسة العالمية.
وينتظر أن هناك تحديات لا بد من مواجهتها ، فرغم التفاؤل، تواجه مصر تحديات كبيرة، أبرزها المنافسة الشرسة من عمالقة الصناعة مثل الصين والهند ، لأن هناك الحاجة إلى تحسين جودة المنتجات وتبني معايير الاستدامة البيئية ، و تأمين سلاسل التوريد في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية التي قد تغيير قواعد اللعبة .
و ما تقوم به مصر ليس مجرد تطوير صناعي، بل محاولة لإعادة تموضع في سلاسل القيمة العالمية ، وإذا نجحت في تحقيق أهدافها، فقد تكون على أعتاب استعادة مجدها كأحد أقطاب صناعة النسيج في العالم، معززة بذلك مكانتها الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
إرسال التعليق