
باريس تفتح جبهة قضائية ضد “إكس” تتهمها بالتلاعب الخوارزمي وتهديد النزاهة الديمقراطية
رصدالمغرب / باريس
في تطور لافت يعكس تصاعد التوتر بين الحكومات الأوروبية ومنصات التكنولوجيا العملاقة، فتحت النيابة العامة في باريس تحقيقا جنائيا ضد منصة التواصل الاجتماعي “إكس” (تويتر سابقا)، المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، على خلفية شبهات تتعلق بسوء استخدام بيانات المستخدمين والتلاعب بخوارزميات التوصية بالمحتوى.
والتحقيق الذي بدأ منذ أوائل يوليو 2025، جاء بعد تلقي السلطات الفرنسية شكاوى رسمية من نائب برلماني وعدد من المسؤولين الحكوميين، أعربوا فيها عن قلقهم من إمكانية استخدام المنصة للتأثير على الرأي العام عبر آليات غير شفافة، قد تمس بعمق مبدأ النزاهة الديمقراطية.
ووفق ما نقلته صحيفة The Times البريطانية، فإن السلطات القضائية الفرنسية تشتبه في تورط المنصة في ما يوصف بـ”جريمة منظمة” تتعلق بالتلاعب بنظم معالجة البيانات الآلية واستغلال البيانات الحساسة للمستخدمين في سياقات سياسية، حيث بحسب Financial Times، فقد طلبت النيابة الفرنسية من “إكس” تسليم بيانات جوهرية، تتضمن خوارزميات التوصية وبيانات آنية للمستخدمين، وهو ما اعتبرته الشركة انتهاكا صارخا لخصوصية المستخدمين و”جوهر سريتها التقنية”.
وفي المقابل جاء رد “إكس” عنيفا، حيث وصفت التحقيق بأنه “ذو طبيعة سياسية”، متهمة السلطات الفرنسية باستغلال الإطار القانوني لتقييد حرية التعبير، وأكد ممثلو المنصة، وفقًا لتقارير Reuters وAP News، رفضهم التعاون مع التحقيق طالما استمرت “الطلبات غير المعقولة” على حد وصفهم.
التحقيق أثار اهتماما واسعا، خاصة بعد ورود أسماء لخبراء فرنسيين مؤثرين في سياق القضية، مثل دافيد شافالاريا ومازيار بناهي، إضافة إلى النائب البرلماني إريك بوثوريل، الذين كانوا قد حذروا سابقًا من التأثير السياسي للخوارزميات الرقمية، لا سيما في فترات حساسة مثل الانتخابات.
من الجانب القانوني، تتيح التشريعات الفرنسية للنيابة العامة التحقيق في آليات المنصة نفسها دون استهداف المستخدمين، إلا أن السلطات القضائية لا تستبعد تنفيذ عمليات تفتيش أو استدعاءات لمسؤولين رفيعين في الشركة. وتشير تحليلات قانونية، من بينها ما نشره موقع autogpt.net، إلى احتمال إصدار أوامر توقيف في حال استمرت “إكس” في رفض التعاون أو عرقلة مسار التحقيق، بل إن إيلون ماسك ذاته قد يواجه مذكرات استدعاء إذا تصاعد النزاع.
في ظل هذا التصعيد، يبقى مستقبل العلاقة بين الحكومات الأوروبية وشركات التكنولوجيا مفتوحا على سيناريوهات معقدة، لا سيما مع التوتر المتزايد بين واشنطن وبروكسل بشأن تنظيم الفضاء الرقمي وحدود حرية التعبير. وينتظر أن يشكل هذا الملف اختبارًا جديدا لمواقف الاتحاد الأوروبي في مواجهة هيمنة المنصات الأمريكية، التي بات ينظر إليها كقوى عابرة للحدود، لكنها ليست فوق القانون.
إرسال التعليق