
صفقات الأغنام : الصمت الذي يُغذي الفساد
رصد المغرب
في مغرب المفارقات، حيث تُسَوَّق الحكومة على أنها حكومة كفاءات، يُمرّر الدعم العمومي بملايير الدراهم لفائدة لوبي “الفراقشية” في صفقات استيراد الأغنام، بينما تظل الأسر المغربية تُصارع الغلاء في أسواق لا تعرف للرحمة سبيلاً.
وسط أزمة ارتفاع الأسعار، لم تتوانَ الحكومة عن تخصيص دعم سخي لاستيراد الأغنام، مبررة ذلك بضمان وفرة العرض خلال عيد الأضحى، وكأن المواطنين مغفلون لا يعرفون أن هذا الدعم لا يصل إليهم أبداً، بل يُضَخ في جيوب “الفراقشية” الذين يحتكرون السوق ويتحكمون في الأسعار. الفساد هنا لا يختبئ، بل يتمظهر في الصفقات الرسمية، والاحتكار صار يُسوّق كسياسة عمومية.
أين هي حكومة الكفاءات؟ ولماذا لا تخرج لتشرح للمغاربة ما يجري؟ هل تعجز فعلاً عن مواجهة كبار التجار؟ أم أن الصمت جزء من الصفقة؟ لماذا لا يتم الكشف عن أسماء المستوردين؟ من حصل على تراخيص الاستيراد؟ ومن حصد الدعم؟ ولماذا لا يتم إخضاع العملية لتدقيق برلماني أو قضائي؟ أم أن الحديث عن “الحكامة” مجرد شعار يُرفع عند الحاجة؟
.
الدعم الموجه للاستيراد يُمول من ضرائب المواطنين.
لكن من يستفيد؟ المواطن يدفع مرتين: مرة من جيبه عبر الضرائب، ومرة أخرى حين يشتري الأضحية بثمن باهظ. أما الحكومة، فتكتفي بدور “الوسيط الصامت” الذي يُسهل مرور الملايير إلى جيوب أصحاب الامتيازات.
وهنا يُطرح سؤال مشروع: هل نعيش في دولة المؤسسات أم في “دولة الفراقشية”؟
إذا كانت الحكومة فعلاً تسعى للشفافية، فعليها أن تخرج من صمتها وتكشف للرأي العام الأسماء والمبالغ وأسباب الاختيارات.
وإذا كانت عاجزة، فعليها الاعتراف بذلك. أما أن تستمر في لعبة “الصمت مقابل الاستقرار”، فهي مقامرة خطيرة بثقة الشعب.
الفساد ليس قدراً، والسكوت عنه تواطؤ
المواطن المغربي لم يعد يطلب المستحيل.
فقط يريد حكومة تحترم ذكاءه، وتدير المال العام بالشفافية المطلوبة.
إرسال التعليق