
إتفاق ثلاثي يرسم ملامح مرحلة جديدة في الجنوب السوري بإشراف أمريكي وتشكيل مجالس محلية في السويداء
رصدالمغرب / عبدالفتاح الحيداوي
أصدر المركز السوري لحقوق الإنسان، مساء يوم الثلاثاء الماضي، تفاصيل الاتفاق الثلاثي الذي جرى التوصل إليه بين إسرائيل وسوريا برعاية أمريكية، بشأن الأوضاع في الجنوب السوري، لا سيما في محافظة السويداء التي شهدت تصعيدا واسعا خلال الأشهر الماضية.
وبحسب البنود التي كشف عنها، فإن الاتفاق ينص على نقل الإشراف على منطقة السويداء إلى الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى إنهاء العنف الذي طال السكان الدروز في المحافظة، وضمان تنفيذ الاتفاق من قبل الأطراف المعنية، بإشراف مباشر من مسؤولين أمريكيين.
وأحد أبرز بنود الاتفاق يتمثل في انسحاب جميع القوات العشائرية المحلية والقوات الحكومية السورية من القرى الدرزية، على أن تتولى وحدات درزية محلية إجراء عمليات تفتيش داخل هذه القرى لضمان التزام الأطراف بوقف الأعمال العدائية، حيث تم الاتفاق على نزع السلاح الكامل في منطقتي القنيطرة ودرعا المحاذيتين للحدود الإسرائيلية، مع قصر حيازة السلاح على الأسلحة الخفيفة فقط، تحت إشراف لجان أمنية محلية تضم ممثلين عن السكان.
وهذا الاتفاق يفرض حظرا صارما على دخول أي مؤسسات أو منظمات مرتبطة بالحكومة السورية إلى محافظة السويداء، في حين تم منح هيئات الأمم المتحدة تصريحا خاصا للوصول الإقليمي، بما يتيح لها تقديم المساعدات ومراقبة الوضع الإنساني والأمني في المنطقة.
وكذلك يقضي الاتفاق بإنشاء مجالس محلية في السويداء، تتألف من أبناء المحافظة، لتولي إدارة الموارد المحلية والخدمات الأساسية، وهو ما يشير إلى توجه نحو مزيد من الحكم الذاتي المحلي في الجنوب السوري، حيث سيجري رصد تنفيذ هذه الترتيبات عبر لجنة مخصصة لتوثيق الانتهاكات، على أن ترفع تقاريرها إلى الجهات الأمريكية عند الضرورة.
وفي هذا السياق أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا “توم باراك”، أن الاتفاق جاء بعد جولات مكثفة من الحوار في باريس، جمعته بممثلين عن الجانب السوري والإسرائيلي، حيث أضاف قائلا في تصريح صحافي: “كان هدفنا هو الحوار وخفض التصعيد، وقد نجحنا في تحقيق ذلك، و جميع الأطراف أبدت التزامها الكامل بمواصلة هذا المسار”.
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق يشكل سابقة في مسار النزاع السوري، نظرا لتعدد الأطراف الراعية وتناوله قضايا حساسة مثل نزع السلاح وتوزيع السلطات المحلية، مع بروز دور أمريكي مباشر في الإشراف الميداني، وهو ما قد يعكس تحولا في التعاطي الدولي مع الملف السوري، لا سيما في المناطق الجنوبية المتاخمة لإسرائيل.
ويترقب الشارع السوري لا سيما في السويداء، تنفيذ بنود الاتفاق ومدى جدية الأطراف في احترامها، في وقت تبدو فيه واشنطن عازمة على دفع نحو تهدئة طويلة الأمد في هذه المنطقة الاستراتيجية.
إرسال التعليق