
“بيان الخارجية الجزائرية” لغة الانفعال تكشف حسابات داخلية أكثر من رسائل دبلوماسية
رصدالمغرب / عبد الكبير بلفساحي
أثار البيان الأخير الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية، ردا على رسالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الموجهة إلى الوزير الأول الجزائري، جدلا واسعا داخل الجزائر وخارجها، بحيث بدل أن يأتي الرد في إطار الصيغة الدبلوماسية التقليدية المعهودة، التي تتسم بالهدوء والبرودة في الألفاظ مع التركيز على المضمون، حمل البيان لغة انفعالية مطولة بدت وكأنها موجهة للرأي العام الداخلي أكثر من كونها رسالة دبلوماسية للطرف الفرنسي.
المتأمل في صياغة البيان يلاحظ أنه يركز على تبرير الموقف الجزائري بشكل مفرط، مع استدعاء تفاصيل هدفها إظهار الحزم، لكنها في الواقع تعكس حالة توتر واندفاع، وكأن السلطة السياسية والعسكرية في الجزائر تسعى لاحتواء موجة النقاش الحادة التي اشتعلت على منصات التواصل الاجتماعي عقب تداول رسالة ماكرون وقراراته الأخيرة.
وهذا التسارع في إصدار البيان، دون دراسة كافية لوقعه أو صياغته وفق المعايير الدبلوماسية، يكشف أن الحسابات الداخلية طغت على البعد الخارجي للرد، حيث السلطة الجزائرية تجد نفسها أمام ضغط مزدوج، داخلي بفعل الجدل الشعبي حول العلاقات مع باريس، وخارجي نتيجة تراجع ثقل الجزائر في ملفات إقليمية، أبرزها ملف الصحراء المغربية، بعد تغير الموقف الفرنسي في الآونة الأخيرة.
ومن زاوية أعمق، يعكس البيان صورة أوسع لأزمة السياسة الخارجية الجزائرية، التي باتت محكومة بمنطق ردود الأفعال والانفعال السياسي بدل التخطيط الهادئ والمبادرة الدبلوماسية المدروسة، حيث يبدو أن هذا المسار يزيد من عزلة الجزائر على الساحة الدولية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إعادة بناء جسور الثقة والانفتاح بدل الاكتفاء بخطابات تصعيدية للاستهلاك المحلي.
تعليق واحد