آخر الأخبار

البرلمان بين هدر المال العام وغياب الجدوى التشريعية

البرلمان بين هدر المال العام وغياب الجدوى التشريعية

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


أصبح البرلمان اليوم محط انتقادات واسعة من طرف الرأي العام، ليس فقط بسبب تراجع دوره في الدفاع عن قضايا المواطنين الجوهرية، بل أيضا بسبب انشغاله بملفات ثانوية لا تمت بصلة إلى هموم الناس اليومية، فبينما يرزح المواطن تحت وطأة الغلاء وارتفاع الأسعار وتعطل إصلاحات البنية التحتية، نجد أن النقاش البرلماني ينصرف نحو المطالبة بزيادة عدد مقاعد المجلس بمبرر تمثيلية الشباب والنساء، وكأن الخلل في العدد لا في الأداء.

عدد مقاعد البرلمان يصل اليوم إلى 395 مقعدا، ورغم ذلك فإن الحضور الفعلي في الجلسات الحاسمة يكشف حجم الفراغ، حيث تمرير قانون الإضراب مثلا لم يحضره سوى 104 برلمانيين، أي أقل من الثلث، بينما تكرر الأمر ذاته في التصويت على قوانين أخرى كالمسطرة الجنائية والرقابة، مما يطرح سؤالا جوهريًا، وهو ما جدوى كل هذه المقاعد إذا كان نصفها أو أكثر غائبا عند لحظات اتخاذ القرار؟.

الواقع أن هذا الغياب المتكرر يكشف عن خلل بنيوي في وظيفة المؤسسة التشريعية، إذ تحول عدد كبير من المقاعد إلى عبء مالي يثقل ميزانية الدولة دون مقابل حقيقي على مستوى الفعالية التشريعية أو الرقابية، حيث في الوقت الذي يتحدث فيه بعض النواب عن ضرورة إضافة 100 مقعد جديد، يرى كثير من المواطنين أن العكس هو المطلوب، فتقليص العدد إلى النصف يكفي ويوافي، لأن التجربة أثبتت أن الحضور لا يتجاوز أصلا نصف الأعضاء في أحسن الأحوال.

إن جوهر المشكلة لا يكمن في التمثيلية العددية، بل في غياب الالتزام والمسؤولية، لأن الشعب الذي انتخب ممثليه كان ينتظر منهم قوانين جريئة لإصلاح الأوضاع الاجتماعية، وإجراءات ملموسة للتخفيف من أعباء المعيشة، ورقابة فعالة على السياسات العمومية، غير أن ما يحدث على أرض الواقع هو العكس تماما، غياب شبه دائم عن الجلسات، ومطالب إضافية تثقل كاهل المالية العمومية، وصمت مطبق أمام الأزمات اليومية للمواطنين.

ويبقى السؤال المطروح بإلحاح، هو هل من مجيب صادق يعيد الاعتبار للمؤسسة التشريعية، ويجعلها في خدمة الناس لا عبئا عليهم؟، أم أن الكل متورط في إغراق الدولة بمصاريف لا طائل منها؟.

إرسال التعليق