آخر الأخبار

“ترسين” جرح جديد في جسد السودان المنسي

“ترسين” جرح جديد في جسد السودان المنسي

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


في دارفور التي تقع على أطراف السودان المنهك بالجراح، حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث قرية صغيرة تدعى “ترسين” استيقظت على فاجعة لم تمهل ساكنيها فرصة النجاة، لأن الأرض تحركت فجأة تحت الأقدام، وانزلقت التربة وتساقطت الصخور، وكأن الجبل بكامله انهار على البيوت، لأن الأمر لم يكن مجرد انهيار أرضي عابر، بل مشهد أشبه بما يروى في القصص القديمة حين “تبتلع الأرض من عليها”.

في لحظات معدودة، اختفت منازل بأكملها تحت الطين، وتحولت حياة أسر كاملة إلى ذكرى غائبة، حيث أكثر من ألف نفس رحلوا في طرفة عين، بعضهم حاول الركض، لكن الأرض كانت أسرع من خطواتهم، وكأنها أغلقت عليهم أبواب النجاة، و بقيت صرخاتهم المبتورة يتردد صداها في صدور الناجين، الذين لم يجدوا سوى الذهول والبكاء أمام مشهد الخراب.

هذه الكارثة ليست مجرد مأساة طبيعية، بل هي جرح جديد يضاف إلى جسد السودان المثخن بالآلام. بلاد أنهكتها الحروب والمجاعات والكوارث، حتى كأنها تختبر في كل صبر دفعة واحدة، وأهلها الطيبون الذين لا يعرفون سوى البساطة وحب الحياة، يبتلون في أرزاقهم وأمنهم وأجسادهم، فيما ينصرف عنهم العالم وكأنهم خارج خارطة الاهتمام الإنساني.

السودان اليوم يقف وحيدا، بين أنقاض المنازل وركام الأرواح، و لكنه رغم الألم، يظل شاهدا على قوة صمود أهله، الذين مهما حاصرهم البلاء، ينهضون من جديد ليواجهوا الغد بما تبقى لهم من أمل وإيمان.

إن ما حدث في “ترسين” ليس مأساة محلية فحسب، بل صرخة في وجه الإنسانية كلها، فلا تتركوا السودان وحيدا، لأن هذه الأرض المنسية تستحق أن تمتد إليها الأيدي بالعون، وأن تغسل جراحها بالرحمة قبل أن تنزف أكثر.

إرسال التعليق