وفاة عبد الفتاح هي مأساة إنسانية تكشف ثغرات النظام الصحي بالمغرب

وفاة عبد الفتاح هي مأساة إنسانية تكشف ثغرات النظام الصحي بالمغرب
رصدالمغرب / عبدالعالي بريك
أثارت وفاة عبد الفتاح، ابن جماعة أولاد الطيب بفاس، موجة من التساؤلات الحادة حول واقع المنظومة الصحية ببلادنا، وكيفية تعاملها مع الحالات الإنسانية الصعبة، فقد سبق لموقعنا “رصدالمغرب” أن بث فيديو يتضمن الحوار الذي أجريناه معه لمعرفة الاسباب، حيث الرجل الذي عرف كفنان موسيقي، عانى لسنوات من أمراض خطيرة شملت مشاكل في القلب والعمى وتعفن في القدمين، فقد وصلت حالته إلى حد خروج الديدان من رجليه، ووجد نفسه ضحية الإهمال الطبي بعد رفض المستشفى علاجه لعدم توفره على بطاقة “أمو”.
المأساة لم تقف عند هذا الحد، إذ اصطدم عبد الفتاح برفض السلطات المحلية تمكينه من بطاقة التغطية الصحية بدعوى عدم امتلاكه لسكن قار، وهو شرط شكلي حرم إنسانا في وضعية مأساوية من حقه الدستوري في العلاج، لتتدهور حالته الصحية بشكل مأساوي انتهت بوفاته يوم السبت 30 غشت، مخلفا صدمة لدى أسرته وكل من تابع قضيته.
هذه القصة المؤلمة تضعنا أمام أسئلة جوهرية، وهي كيف يمكن لمستشفى أن يرفض علاج حالة إنسانية بهذا الخطر؟ وهل من المنصف أن يربط الحق في الصحة بامتلاك سكن أو وثائق إدارية؟ أليس الأصل أن تكون حياة الإنسان فوق كل الاعتبارات؟
وفاة عبد الفتاح تكشف هشاشة النظام الصحي، الذي يبدو عاجزا عن احتضان الفئات الأكثر هشاشة، خصوصا أولئك الذين يعيشون ظروفا اجتماعية واقتصادية صعبة، وأيضا هي تطرح ضرورة إعادة النظر في شروط الاستفادة من بطاقة “أمو”، وإيجاد حلول مرنة تضمن الحق في العلاج للجميع دون تمييز.
المسؤولية في هذه القضية لا تقف عند حدود المستشفى، بل تمتد إلى السلطات المحلية التي رفضت منحه بطاقة التغطية الصحية، وإلى وزارة الصحة ورئيس الحكومة الذي يتحمل المسؤولية السياسية الأولى عن السياسات العمومية في قطاع الصحة، خاصة في ظل مشاريع مثيرة للجدل كفكرة خوصصة بعض المرافق الصحية العمومية لصالح المستثمرين.
إن وفاة عبد الفتاح ليست مجرد حادثة معزولة، بل هي جرس إنذار يدعونا لإعادة التفكير في أولوياتنا، فهل نحن بصدد بناء نظام صحي يضمن الكرامة والحق في الحياة لجميع المواطنين؟ أم أننا بصدد تكريس تمييز يضع الأضعف دائما في مواجهة الموت البطيء؟
إن ما حدث لعبد الفتاح يجب أن يكون حافزا لتحريك نقاش وطني جاد حول إصلاح النظام الصحي وتجويده، بما يضمن ألا يتكرر المشهد المأساوي، وأن ينال كل مغربي حقه في العلاج بصرف النظر عن وضعه الاجتماعي أو الإداري.
إرسال التعليق