تصعيد في الخطاب العربي الإسلامي بقمة الدوحة بين وحدة الموقف وتحديات المرحلة

تصعيد في الخطاب العربي الإسلامي بقمة الدوحة بين وحدة الموقف وتحديات المرحلة
شهدت قمة الدوحة الأخيرة تحولا لافتا في طبيعة الخطاب العربي الإسلامي، حيث ارتفعت حدة المواقف المعلنة اتجاه القضايا الإقليمية والدولية، في لحظة تاريخية تشهد تزايد الضغوط السياسية والاقتصادية والأمنية على العالم العربي والإسلامي.
وجاء الخطاب هذه المرة محملا برسائل سياسية أكثر صراحة، تمثلت في التشديد على رفض السياسات المزدوجة التي تتعامل مع قضايا المنطقة بمعايير انتقائية، والدعوة إلى توحيد الصف العربي والإسلامي لمواجهة التحديات المشتركة، سواء المتعلقة بالأمن القومي أو التنمية الاقتصادية، وكذلك انتقاد متزايد للتدخلات الخارجية التي تضعف استقرار الدول وتعيق مسارات الحلول السلمية.
ويعكس هذا التصعيد رغبة الدول المشاركة في القمة في إعادة صياغة موقعها على الساحة الدولية، عبر إبراز قدرتها على الدفاع عن قضاياها المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، إضافة إلى الملفات المتعلقة بالسيادة الوطنية والأمن الإقليمي، كما أن الخطاب يترجم شعورا عاما بضرورة الخروج من دائرة رد الفعل إلى صناعة المبادرة والتأثير في مسارات الأحداث.
وعلى الرغم من هذا التصعيد، فإن الواقع يفرض تحديات كبيرة أمام ترجمة الأقوال إلى أفعال، من أبرزها التباينات في الأولويات بين الدول العربية والإسلامية، والضغوط الاقتصادية التي تحد من هامش المناورة السياسية، وكذا الحاجة إلى مؤسسات وآليات مشتركة قادرة على تفعيل القرارات.
ويمكن اعتبار ما جرى في قمة الدوحة خطوة مهمة نحو إعادة إحياء الخطاب العربي الإسلامي المشترك، لكن نجاحه يتوقف على تعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي، والاستثمار في مشاريع اقتصادية وتنموية تقلل من التبعية للخارج، وأيضا تطوير أدوات إعلامية وخطابية قادرة على مخاطبة الرأي العام العالمي بفاعلية.
إن التصعيد الذي شهدته قمة الدوحة ليس مجرد رفع لنبرة الخطاب، بل هو محاولة لإعادة رسم ملامح الدور العربي الإسلامي في النظام الدولي، حيث يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه المواقف من شعارات إلى استراتيجيات عملية، بما يعيد الثقة بين الشعوب وقياداتها، ويمنح العالم العربي والإسلامي وزنا أكبر في صياغة مستقبل المنطقة.
إرسال التعليق