آخر الأخبار

من الملاعب إلى ميادين الوطن:حين تثبت الرياضة أن الكفاءة تصنع المعجزات

من الملاعب إلى ميادين الوطن:حين تثبت الرياضة أن الكفاءة تصنع المعجزات

رصد المغرب/سهيل شهبار 

لم تعد الرياضة مجرد وسيلة للتسلية وتمضية الوقت، بل غدت نبضا يقاس به رقي الشعوب وتقدمها،ففي زمن أصبحت فيه الملاعب منابر تدعو للوحدة الوطنية وترسخ قيم المواطنة،سطع المغرب كنموذج لامع يجمع بين الإرادة والعمل،بين الطموح والإنجاز، خاصة في مجال كرة القدم؛ هذه الرياضة أضحت لغة مشتركة يفهمها الأصم والأبكم ويتقنها الرجال والنساء على حد سواء،في أحضان المغرب ترعرعت كرة القدم لتصبح رمزا للهوية الوطنية، ولتجسد قدرة الدولة على الاستثمار في الطاقات الشابة ومنحها فرصة لصقل مواهبها،وتنظيم البطولات الوطنية والدولية. وهذا التطور الملحوظ يترجم لنا أن النجاح ليس وليد صدفة، وإنما هو نتاج عمل جاد وتسيير محكم من مسؤول كفء، وأن الإنجازات الرياضية نموذج يحتذى به في شتى المجلات الوطنية. غير أن هذا التألق الرياضي المغربي يضعنا أمام سؤال معقد:هل سيبقى نجاحنا محصورا في الملاعب،أم سيكون قطرة تفيض كأس الجدية والكفاءة في باقي القطاعات؟

لقد شهد المغرب في السنوات الأخيرة انتفاضة رياضية مميزة،تصدرت عناوينها كرة القدم، حيث أصبح المنتخب الوطني رمزا عالميا بعد الإنجاز التاريخي في مونديال قطر2022،حين بلغ أسود الأطلس نصف النهائي لأول مرة في التاريخ العربي والإفريقي، ليصبحوا مثالا للانضباط والتخطيط الاستراتيجي. ولا شك أن هذا الإنجاز كان نتاجا للتدبير الاحترافي وتكوين المواهب.ولايقتصر تأثير كرة القدم على الملعب فقط بل يمتد إلى المشاركة في التظاهرات الكروية الدولية والإقليمية وتنظيم أحداث كبرى تجمع نجوم العالم تحت سقف واحد. هذه المشاركات المستمرة تظهر أن كرة القدم المغربية مرآة تعكس ما يمكن تحقيقه عنما تمنح المسؤولية لأهلها.

وفي المقابل تقدم لنا البرازيل عبرة ظلت خالدة عشرات السنين،فهناك ولدت كرة القدم وقدمت عروض كروية عن طريق لاعبين عزفوا مقطوعات لن ينساها التاريخ، كبيليه ورونالدينيو ورونالدو الظاهرة، إضافة إلى تنظيميها لبطولتين لكأس العالم، وحصدها لخمس نجمات على القميص؛ ناسجة بذلك أمجاداظلت محفورة في قلب كل شغوف بالساحرة المستديرة، ورغم كل هذه الأمجاد الرياضية فقد عجزت البرازيل عن نقل هذا النجاح إلى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي منغمسة في سنوات من الفقر والبطالة، مما كشف أن المجد الكروي وحده لا يكفي إذا غابت الكفاءة في إدارة باقي القطاعات.

وهنا توجه رسالة واضحة المعاني إلى المغرب فحواها أن الرياضة،وخصوصاً كرة القدم سلاح ذو حدين؛ فإما أن تكون منطلقا لعصر من النجاح والتفوق، أو أن تقذف بك نحو عصور من التخلف والضياع. فهل سينجح المغرب في تفادي الفخ الذي وقعت فيه البرازيل؟فإذا نظرنا إلى الواقع وجدنا المغرب يملك فرصة ذهبية، حيث لديهالوقتالكافي لمراجعة حساباته وتدارك هفواته بالتصدي للمشاكل التي تهدد اختراق شباكه والإطاحة به بنتيجة عريضة.

لقد علمتنا كرة القدم المغربية أن الكفاءة والتفاني في أداء الواجبات يصنعان المجد والتاريخ، فـمن الملاعب انطلقت صافرة النجاح، وفي ميادين الوطن يجب أن يكتمل شوط التقدم فحين تُدار شؤون التعليم والاقتصاد بنفس الانضباط الذي يُدار به المنتخب الوطني، وتبنى المستشفيات كما تبنى الملاعب الشامخة، يصبح المغرب بطلًا في كل الميادين، واسمًا يتلألأ في سماء التنمية والتقدم.

إرسال التعليق