قضية السخرية الرقمية وحدود المسؤولية القانونية تعيد النقاش حول حرية التعبير في المغرب
قضية السخرية الرقمية وحدود المسؤولية القانونية تعيد النقاش حول حرية التعبير في المغرب
رصدالمغرب / عبدالعالي بريك
عاد الجدل من جديد حول واقع حرية التعبير في المغرب بعد توقيف الناشط الفايسبوكي “محمد كرافس”، المعروف بلقب “أرطغول”، الذي أضحى اسمه محور نقاش واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، إثر متابعته قضائيا للمرة الثالثة خلال شهر أكتوبر الجاري.
وجاء اعتقال كرافس يوم 30 شتنبر 2025، عقب نشره مقطعا ساخرا على صفحته الشخصية، ظهر فيه ملثما ويحمل قطعة حديدية، متوجها بكلمات اعتبرها البعض تحريضية ومسيئة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، بعدما دعا فيه شباب “جيل زيد” و”رجال الأمن” إلى اعتقال رئيس الحكومة وإحضاره لضربه.
ورأت النيابة العامة أن المقطع يتضمن تحريضا وتهديدا واضحين، لتتحرك المسطرة القضائية بناءا على شكاية رسمية تقدم بها رئيس الحكومة، حيث في المقابل، اعتبر عدد من المتابعين أن الفيديو يندرج في إطار السخرية السياسية التي تعكس احتقانا اجتماعيا متزايدا لدى الشباب المغربي، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع فرص الشغل، مؤكدين أن الملقب ب“أرطغول” لم يكن يقصد التحريض أو الإساءة، بل التعبير بطريقة فنية عن الغضب الشعبي.
ويأتي هذا التوقيف في وقت تعرف فيه الساحة الرقمية المغربية تصاعدا في القضايا المرتبطة بالمحتوى الساخر والانتقادي، ما أثار تساؤلات عميقة حول الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية، حيث يرى مراقبون أن بروز حركة “جيل زيد”، التي شكلت فضاءا شبابيا جديدا للتعبير عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية، جعل من المحتوى السياسي الساخر وسيلة للاحتجاج الرقمي، لكنها في الوقت نفسه تضع أصحابها أمام محك القانون حين تتجاوز حدود ما يعتبر نقدا مشروعا.
ومن المنتظر أن تنعقد جلسة جديدة لمحاكمة “محمد كرافس” الملقب ب”أرطغول” يوم الاثنين 3 نونبر 2025، وسط تصاعد حملات التضامن على المنصات الاجتماعية، التي تطالب بإطلاق سراحه وتنازل رئيس الحكومة عن الشكاية، باعتبار أن السخرية لا تواجه بالسجن، بل بالحوار.
وفي هذا السياق، يبقى موقف موقع “رصد المغرب” على أن حرية التعبير تظل إحدى الدعائم الأساسية للديمقراطية، لكنها لا تنفصل عن مسؤولية الكلمة واحترام القانون، تأكيدا بأن التعامل مع مثل هذه القضايا يتطلب مقاربة متوازنة تراعي حرية الرأي وتحافظ في الوقت ذاته على هيبة المؤسسات.
ويبقى القرار الصواب والرأي القويم، هو دعوة جميع الأطراف إلى تبني منطق الحوار والتسامح، اعتبارا بمعالجة هذه الملفات بروح من الانفتاح والمرونة من شأنها أن تعزز ثقة المواطنين في العدالة خاصة ومؤسسات الدولة عامة، وتكرس صورة المغرب كدولة تحترم الاختلاف وتؤمن بحرية الرأي في إطار القانون.
إرسال التعليق