من الكتاب إلى القرآن والذكر

آخر الأخبار

من الكتاب إلى القرآن والذكر

رصد المغرب/الدكتور ادريس الكنبوري 

يبدأ شحرور كتابه باشتقاقات لغوية لا تقبلها اللغة العربية بتاتا، مع أنه يزعم أن منهجيته العلمية الضاربة التي سيعتمدها هي “قانون التأويل في اللسان العربي (…) في ضوء أحدث المنجزات العلمية”[1]. فهو يقول إن كلمة الكتاب مشتقة من”كتب”، والكتاب في اللسان العربي “تعني جمع أشياء بعضها مع بعض لإخراج معنى مفيد، أو لإخراج موضوع ذي معنى متكامل، وعكس كتب من الناحية الصوتية “بتك”، ويمكن قلبها بحيث تصبح “بكت” وجاء فعل “بتك” في قوله تعالى”فليبتكن آذان الأنعام”، فالكتاب في المعنى عكس البتك أو البكت”[2]، ثم يقفز قفزة كبرى إلى الحديث عن “المكتب الهندسي”، وتعريفه بأنه”مكان تتجمع فيه عناصر إخراج مشروع هندسي من مهندس ورسام وخطاط وآلة سحب”، ثم يقفز إلى الحديث عن “مكتب المحاماة”، ثم “كتيبة”[3].

وأول ما يتبادر إلى الأذهان أن المؤلف لا يميز بين اللغة والاصطلاح، فهو تصدى لمهمة التأويل اللغوي للقرآن لكن من دون الإحاطة بمشكلات اللغة العربية. ذلك أن لفظة “الكتاب” إذا كانت تعني الجمع والضم في اللغة، كما عند جميع اللغويين العرب، فهي لا تعني نفس المعنى اصطلاحا، لأن الكتاب على صعيد الاصطلاح “جنس لكل ما هو مكتوب”[4]. ثم إن معنى الجمع والضم لا يعني بالضرورة أن وراء ذلك الجمع معنى أو”موضوع ذي معنى متكامل”، لأن الجمع فعل مادي بحت لا علاقة له بالمعاني، وهذا نظير قول ابن مالك في ألفيته:”كلامنا قول مفيد كاستقم”، فقد ميز بين الكلام، وهو رص الكلمات دون أن يكون وراءها معنى، والقول، وهو رص الكلمات بحيث يكون وراءها معنى، فليس كل كلام قولا مفيدا، لكن كل قول مفيد هو كلام بالضرورة. أما إقحام “البكت” و”البتك” ومكتب الهندسة ومكتب المحاماة، فليس سوى تلاعب لا طائل منه، إذ لا علاقة بين الاثنين وبين الكتاب والكتابة، فالبكت هو الضرب، والبتك هو بتر آذان الأنعام بحيث تصبح محرمة.

والغريب في الأمر أن المؤلف يتعامل مع اللغة كأنها صنم ثابت لا يتحرك، فقد أنكر وجود الترادف، لكنه أيضا أنكر كل أنواع البلاغة والبديع والبيان من استعارة وكناية ومجاز وحقيقة. فقد تشبث بأن معنى “الكَتْب” هو الضم، فسار على ذلك إلى النهاية، فكل كلمة في القرآن اجتمعت فيها الحروف الثلاثة (ك.ت.ب) فهي تعني الضم والجمع. وعليه، فهو يأتي بأمور غريبة لا تستسيغها اللغة ولا علم التفسير، مثل قوله:”وبما أنه أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم عدة مواضيع مختلفة، كل موضوع منها كتاب، قال:”رسول من الله يتلو صحفا مطهرة، فيها كتب قيمة”، فمن هذه الكتب القيمة: كتاب الخلق، كتاب الساعة، كتاب الصلاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب المعاملات…إلخ، كل هذه المواضيع هي كتب”[5]. ويزيد الأمر غرابة حين يقول:”وعندما نقول كتاب البصر فهذا يعني أننا ندرس العناصر التي إذا ضم بعضها إلى بعض وفق تتال معين ينتج عن ذلك عملية الإبصار، وهذه العناصر هي الأهداب والجفن والعين والعصب البصري ومركز الإبصار في الدماغ”[6]، ويزيد الطين بلة حين يقول:”فأعمال الإنسان كلها كتب: ككتاب المشي، وكتاب النوم، وكتاب الزواج…”، وحين يقول أيضا:”فكتاب الموت هو مجموعة {الصحيح: مجموع} العناصر التي إذا اجتمعت أدت إلى الموت لا محالة”[7].

وكل هذا تمحل لغوي لا مسوغ لها، لا لغة ولا عقلا، ويدخل فقط في إطار التخبط وغياب أي نسق منهجي يمكن الاحتكام إليه. وحتى على فرض أن التفسير الذي أعطاه للآية “رسول من الله يتلو صحفا مطهرة، فيها كتب قيمة” تفسير صحيح، وأن الكتب المقصودة هي كتاب الخلق وكتاب الساعة وغير ذلك، فقد قفز على عبارة “صحف مطهرة”، واكتفى بالوقوف عند “كتب قيمة”، ولم يفسر لنا كيف أن هناك صحفا بداخلها كتب، لأن ذلك سيوقعه في تناقض فادح ويؤدي إلى انهيار البناء الذي يريد إنشاءه، ذلك لأن الصحف جمع صحيفة، وهي كل رق مكتوب، والكتب جمع كتاب وهي كل ما هو مقيد في الصحيفة.

وقد لاحظنا هذا التخبط عند المؤلف عندما أراد تفسير قوله تعالى “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا”(النساء: 103)، فقال:”يعني أن الصلاة هي من المواضيع التعبدية التي وجب على المسلم القيام بها”[8]، حيث هرب إلى المعنى بدلا من مواجهة اللفظ، أي عبارة”كتابا موقوتا”، لأن كلمة الكتاب هنا لا تعني الشيء المكتوب أو المجموع بعضه إلى بعض كما يزعم، بل تعني القضاء والأجل، والمعنى أن الصلاة كانت على المؤمنين أجلا مقدرا أو مواقيت مؤقتة[9]. ومن هذا الباب قوله تعالى “وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله، كتابا مؤجلا”(آل عمران: 145)، أي قدرا مقدرا، ولكن شحرور يأبى إلا أن يفسر ذلك بطريقة فيها الكثير من الغرابة عندما يقول إن ما يسميه”كتاب الموت” هو:”مجموعةُ العناصر التي تؤدي إلى الموت”[10] {والصحيح لغةً: مجموعُ العناصر}.

وهكذا ندرك بأن الرجل ليس له منهج علمي موثوق يتبعه، لا على صعيد اللغة ولا على صعيد غيرها. وبالرغم من أنه يعلن أن “مشروعه” يرتكز على اللغة باعتبارها لديه المدخل الرئيس للتأويل، إلا أن أي ملم بسيط بقواعد اللغة العربية سيلاحظ أن الرجل يتعسف غاية الاعتساف على اللغة.

ففي معرض تمييزه بين الكتاب والقرآن يلجأ إلى أي شيء لكي يبرهن على هذا التمييز، بل يسقط في الكثير من التخبط. إن أول خلل يسقط فيه هو عدم إلمامه بمعاني المفردات التي يعتمد عليها، فهو لا يميز بين المصحف والكتاب، ولذلك يقول بثقة كبيرة:”وعليه فإن من الخطأ الفاحش أن نظن أنه عندما ترد كلمة كتاب في المصحف فإنها تعني كل المصحف”[11]، ولكن الخطأ الفاحش الذي أشار إليه وقع فيه هو نفسه دون غيره. فالمصحف بكل بساطة، كما يعرف أي مبتدئ في اللغة، هو كل ما جمع في الصحف المكتوبة، وهو على وزن مفعل بمعنى المكان الذي تجتمع فيه الصحف التي هي جمع صحيفة، مثلما نقول “مقرأ” أي ما نقرأ فيه؛ قال أحمد بن فارس:”الصحيفة، وهي التي يُكتب فيها، والجمع صحائف، والصُّحف أيضا، كأنه جميع صحيف”[12]. والمصحف لا علاقة له بالكتاب، أي القرآن، إلا من حيث إنه الجانب المادي ـ الورق مثلا ـ الذي تكتب عليه سور القرآن، ولكن الرجل اخترع من ذلك التمييز نظرية عجيبة، بل ابتكر قاعدة “ذهبية” وهي أنه عندما ترد كلمة كتاب في المصحف فإنها لا تعني كل المصحف !.

ولا يكتفي شحرور بالتنظير لأشياء غير موجودة بالاعتماد على معان لكلمات لا وجود لها، بل يزيد على ذلك اختراعا آخر، وهو أن كلمة “كتاب” إذا وردت نكرة في القرآن يكون لها معنى معين، أما إذا وردت معرفة بأل التعريف فيجب تعريف الكتاب، يقول:”أما عندما تأتي كلمة كتاب معرفة بألف التعريف (الكتاب) فأصبح معرفا{لاحظ القفز من المضارع إلى الماضي} عندما قال”ذلك الكتاب” في ثاني آية في سورة البقرة بعد “ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه”، قالها معرفة ولم يقل: كتاب لا ريب فيه، لأنه لو قالها لوجب تعريف هذا الكتاب، فمجموعة المواضيع التي أوحيت إلى محمد هي مجموعة الكتب التي سميت الكتاب، ويؤيد ذلك أن سورة الفاتحة تسمى فاتحة الكتاب”[13]، وهذا لعمري من الحمق الذي لا يداوى، فالرجل يدعي بأن القرآن معجز، ثم يتعامل معه كنص في جريدة “لأنه لو قالها لوجب…”، ثم يزعم أن الكتاب هو مجموعة كتب، ثم ينتهي إلى أن الدليل هو أن سورة الفاتحة تسمى فاتحة الكتاب. ولكننا على فرض أن كل ما قيل سليم، كيف نسمي الفاتحة فاتحة الكتاب، مفردا، ونحن لدينا “مجموعة كتب”، جمعا؟.

ويرى شحرور أن الكتاب يحتوي على مواضيع رئيسية هي: أولا ما يسميه كتاب الغيب، معتمدا على آية”الذين يؤمنون بالغيب”(البقرة: 3)، وثانيا كتاب العبادات والسلوك، معتمدا على آية”ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون”(البقرة: 3). ولن نكلف أنفسنا عناء التفكير لكي نلاحظ أن الأمر لا يتعلق بمواضيع بل بموضوعين فحسب، هما كتاب/موضوع الغيب، وكتاب/موضوع العبادات والسلوك، كما لن نكلف أنفسنا عناء التأمل لكي ندرك بأن المؤلف ليس لديه إلمام بالفقه الإسلامي ولا يعرف أن العبادات غير المعاملات، وأن المقصود في الآية الصلاة والزكاة، لا مجرد الإنفاق بالمعنى اللغوي، وهذان من العبادات، لا من المعاملات.

ولكن شحرور عندما يقدم لنا ذلك التقسيم الثنائي، أي كتاب الغيب وكتاب السلوك والعبادات، يعود فيقول:”أي أن هناك نوعين من الكتب، النوع الأول هو الذي يتعلق بسلوك الإنسان، ككتاب الصلاة الذي يتألف من الوضوء والقيام والركوع والسجود، وهذه الكتب غير مفروضة على الإنسان حتما، بل له القدرة على اختيار الالتزام بها أو عدم التقيد بها”[14]، ثم يصطنع مصطلحا عجيبا لهذا الكتاب الغريب، هو “القضاء”. والنوع الثاني من الكتب هو”قوانين الكون وحياة الإنسان، ككتاب الموت وكتاب خلق الكون والتطور والساعة والبعث، وهذه الكتب مفروضة على الإنسان حتما”، وأطلق على هذا الكتاب الثاني تسمية أخرى هي”القدر”[15].

ونحن لا نفهم ماذا يعني شحرور بأن “كتاب الصلاة” غير مفروض على الإنسان حتما، علما بأننا رأيناه سابقا يتناول آية “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا” “، ويقول:”يعني أن الصلاة هي من المواضيع التعبدية التي وجب على المسلم القيام بها”، فهو هنا يتحدث عن الإلزام، لكنه في الفقرة السابقة يتحدث عن الاختيار، فكيف يمكن الجمع بين صفتين لشيء واحد في وقت واحد، بحيث يكون “واجبا القيام به” و”غير مفروض حتما”؟. ويكتمل التخبط عند شحرور عندما يصطلح على “الكتاب الأول” أي الصلاة والعبادات بالقضاء، فكيف يكون الأمر قضاء، ثم يكون اختياريا؟ ومعلوم أن القضاء هو ما فرضه الله على وجه الإلزام، ومنه قوله تعالى”وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه”(الإسراء: 23)، ولكن شحرور يعطي للقضاء معنى آخر، بل أكثر من ذلك يفصل بين القضاء والقدر، ويجعل كلا منهما اصطلاحا خاصا بكتاب من الكتابين العجيبين الذين اخترعهما.

يحاول محمد شحرور الانتصار لفكرته مهما ألجأه ذلك إلى الوقوع في الخطأ والتخليط، ونعني بذلك فكرة الفصل بين الكتاب والقرآن، من دون إيلاء أي وزن إلى قواعد اللغة العربية السليمة، ومن دون معرفة عملية الانتقال التي أحدثها القرآن في التداول اللغوي، حيث انتقل عدد كبير من الكلمات في اللغة العربية التي كانت متداولة بين العرب من المعنى اللغوي إلى المعني الشرعي، وهذا ما يفترض أن يعرفه أي باحث يتصدى إلى دراسة القرآن، لأنه ألف باء هذا الفن. فالصلاة على سبيل المثال هي الدعاء في اللغة، لكنها في الشرع صارت تدل على عبادة مخصوصة هي ما نعرفه اليوم، والزكاة هي النماء في اللغة، لكنها صارت تدل في الشرع على هذه الفريضة المنصوص عليها، وهكذا باقي الكلمات التي انتقلت من التداول اللساني إلى التداول القرآني فتغير معناها. وفي جميع اللغات نجد هذا التمييز بين اللغة والاصطلاح، فالكلمة المفردة يكون لها معنى لغوي يدل عليه المعجم، هو المعنى الذي يفهمه جميع المتحدثين بتلك اللغة، ولكن نفس الكلمة إذا تحولت إلى مصطلح علمي فإنه يصبح لها معنى لا يفهمه سوى أهل ذلك الفن، ولذلك نجد في جميع الدراسات العلمية تمييزا بين الكلمة لغة والكلمة اصطلاحا.

غير أن الدكتور محمد شحرور يجهل هذا التمييز أو يتجاهله عمدا، فيصر على أن مفردة “الكتاب” هي الجمع، انطلاقا من أن فعل”كتب” يعني جمع أشياء بعضها إلى بعض. ثم بطريقة مفاجئة وغريبة يقفز إلى القول بأن الكتاب غير القرآن والقرآن مجموعة كتب. والغريب أن شحرور ذكر في مقدمة كتابه “الكتاب والقرآن” أنه سيلتزم كتاب ابن فارس “معجم مقاييس اللغة”، بشكل أساسي، ولكنه يتعسف حتى على ابن فارس، فهو يأخذ منه بعض الاشتقاقات اللغوية، لكنه يضرب صفحا على التخريجات التي جاء بها هذا اللغوي الفذ، كما رأينا أعلاه في معنى”الصحف” التي قفز عليها شحرور، وكما سنرى الآن.

ففيما يتعلق بمعنى الكتاب، أخذ شحرور المعنى الذي يقول فيه ابن فارس:”الكاف والتاء والباء أصل صحيح واحد يدل على جمع شيء إلى شيء، من ذلك الكتاب والكتابة”[16]، لكنه يضرب عرض الحائط بكل المعاني الشرعية التي يتحدث عنها ابن فارس، ويتشبث بالمعنى اللغوي السطحي الأول، وهو الجمع. ففي معرض كلامه عن الآية “رسول من الله يتلو صحفا مطهرة، فيها كتب قيمة”(البينة: 2)، يورد الدكتور شحرور تفسيرا مضحكا، إذ يقول:”فمن هذه الكتب القيمة كتاب الخلق، كتاب الساعة، كتاب الصلاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب المعاملات…”، ثم يزيد الأمر إثارة فيقول:”كل هذه المواضيع هي كتب {ولنلاحظ هنا الترادف الخفي} ، وعندما نقول كتاب البصر فهذا يعني أننا ندرس العناصر التي إذا ضمت بعضها إلى بعض ينتج عن ذلك عملية الإبصار{الصحيح ضُم، لا ضُمت}، وهذه العناصر هي الأهداب والجفن والعين والعصب البصري ومركز الإبصار في الدماغ. وإذا أردنا أن ندرس كتاب العين فهذا يعني أننا ندرس البؤبؤ والشبكية وكل عناصر العين، وعندما ندرس كتاب الهضم فهذا يعني أننا ندرس الفم والأسنان، البلعوم، المري، المعدة، الأمعاء الدقيقة، الأمعاء الغليظة، القولون، هذه العناصر التي تدخل في عملية هضم الطعام”[17].

فشحرور هنا يلجأ إلى كثير من التبسيطية والارتجال وكأنه يريد إقناع الأطفال، إذ أن كل جمع أو ضم لا بد أن يكون كتابا، وهكذا قد نعتبر قرصا فيه حزمة من الأغاني كتابا، لأن الأغاني ضم بعضها إلى بعض، وقس على ذلك كل شيء، ولكن أعمال العقلاء منزهة عن العبث!.

ولكن ماذا يقول ابن فارس في الآية أعلاه، وهو صاحب فكرة الجمع والضم؟ إنه يقول بكل بساطة:”فيها كتب قيمة: أي أحكام مستقيمة”[18].

ويظهر مزيد التعسف لدى شحرور في “تفسيره” لبعض الآيات التي ترد فيها عبارة “الكتاب” في القرآن، مثل قوله تعالى:”وكل شيء أحصيناه كتابا”(النبأ: 29)، حيث يقول:”لذا لا يوجد شيء في أعمال الإنسان وفي ظواهر الطبيعة إلا من خلال الكتب، ولذا قال”وكل شيء أحصيناه كتابا”، والإنسانية في نشاطها العلمي تبحث عن هذه الكتب، فعلى الإنسانية أن تدرس أي كتاب لكي تتصرف من خلال عناصر هذا الكتاب”[19]، وهذا خلط فظيع وجمع بين ما لا يجتمع وضم ما لا ينضم، إذ لا ندري ما هي العلاقة الممكنة ـ حتى ولو كانت بعيدة ـ بين مضمون الآية وبين النشاط العلمي الإنساني، وما هي”هذه الكتب” التي تبحث عنها الإنسانية “في نشاطها العلمي”؟.

وسبب هذه العشوائية في التفكير أن الدكتور شحرور يريد أن يفهم مفردة الكتاب بمعنى واحد لا يتغير أبدا، وهو الضم والجمع، أما المعاني الشرعية للكتاب، مثل القضاء والقدر، والحكم، والفريضة، وغير ذلك، فهي غير موجودة عنده، لذلك فإن الآية “وكل شيء أحصيناه كتابا” تعني بالضرورة الكتاب المادي المسطور، والكتاب المادي المسطور هو الضم، وكفى الله المؤمنين القتال. ثم يقفز قفزة واحدة إلى النشاط العلمي للإنسانية حتى من دون أن يشرح الآية، أو يبينَ لنا ما هي العلاقة بين الإحصاء والكتاب فيها. والآية بكل بساطة تشير إلى أن الله سبحانه كتب كل شيء سلفا بعلمه وقدرته في كتاب هو اللوح المحفوظ وقدر كل شيء تقديرا، قال ابن كثير في تفسيره للآية:”وكل شيء أحصيناه كتابا: أي وقد علمنا أعمال العباد كلهم، وكتبناها عليهم، وسنجزيهم على ذلك، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر”[20].

لقد برر الدكتور محمد شحرور التقسيمات التي وضعها لـ”القرآن” بالمسح الشامل الذي زعم أنه أجراه للكتاب (ونحن نضع عبارة القرآن بين معقوفين لأن القرآن الذي نفهمه ليس هو ذاك الذي عند شحرور، إذ هو ليس سوى واحد من أقسام أخرى)، حيث يقول:”لقد أجرينا مسحا شاملا للكتاب، وحددنا فيه مفهوم المصطلحات الأساسية وهي: الكتاب وأم الكتاب والقرآن والسبع المثاني والذكر والفرقان وتفصيل الكتاب والحديث وأحسن الحديث…”[21] ، ثم يزيد الأمر وضوحا عندما يشير إلى أنه سيعتمد اللغة العربية منطلقا وحيدا له في قراءته”المعاصرة” للقرآن، حيث يقول إن النحو والبلاغة “علمان متتامان لا ينفصلان عن بعضهما، وأن الفصل بينهما كالفصل بين علم التشريح وعلم الفيزيولوجيا في الطب، إلى أن أدركت من جراء ذلك أن هناك أزمة حقيقية في تدريس مادة اللغة العربية في المدارس والجامعات”، إلى أن يقول:”وانطلاقا من هذا المنطلق اللغوي بدأت بمراجعة آيات الذكر بشكل جدي، وانتهيت إلى المصطلحات الأساسية: الكتاب، القرآن، الفرقان…”[22].

وقبل الخوض في تفاصيل تلك التقسيمات التي وضعها، لنلق نظرة سريعة على الترادف الذي يقع فيه شحرور، هو الذي ينكر الترادف ويريد أن يحمل اللغة العربية على إنكاره عنوة وقسرا. إنه يريد أن يقنع القارئ بأن الكتاب غير القرآن والقرآن غير الذكر، لكنه لا يجد حرجا في عدم إقناع نفسه هو أولا، فهو يقول إنه أجرى مسحا شاملا للكتاب، ويعني بذلك القرآن الذي بين يدي الناس طبعا، ثم يقول إنه قام بمراجعة آيات الذكر، فيضع الكتاب مرادفا للذكر والذكر مرادفا للكتاب ! لا، بل إنه عندما يقول في المقدمة:”يجب أن يفهم هذا الكتاب على أنه قراءة معاصرة للذكر، وليس تفسيرا أو كتابا في الفقه”، لنا أن نطرح هذا التساؤل: إذا كان الأمر يتعلق هنا بقراءة معاصرة للذكر، والذكر عنده واحد من تقسيمات عدة، فـأين القراءة المعاصرة للكتاب، والقرآن، والفرقان، وأم الكتاب….؟، ويمكننا أن ننتقل إلى عنوان الكتاب نفسه”الكتاب والقرآن: قراءة معاصرة” فنتساءل:  أهي قراءة معاصرة للكتاب أم للقرآن أم لهما معا؟، ونحن نقول ذلك لأن العبث يؤدي إلى شقيقه العبث.

ولنعد الآن إلى صلب القضية عند شحرور، إن كانت هناك فعلا قضية. بعد أن يضع تلك التقسيمات التي أشرنا إليها أعلاه يتوقف عند العنصر الأول والأساسي وهو الكتاب، وهنا ندعو القارئ الذي قرأ مؤلفات شحرور إلى بعض التركيز.

رأينا سابقا كيف أن الدكتور شحرور يتحدث عن”مجموعة كتب” داخل الكتاب الواحد {للدقة: الكتاب عند شحرور والقرآن عندنا}، لأن الكتاب هو الضم والجمع. ولكنه هو نفسه لا يحترم هذا التقسيم، بل يكتفي بالقول بأن الكتاب يحوي كتابين رئيسيين، وهذه هي عبارته:”وعليه فالكتاب يحوي كتابين رئيسيين: الكتاب الأول كتاب النبوة، ويشتمل على بيان حقيقة الوجود الموضوعي، ويفرق بين الحق والباطل أي الحقيقة والوهم. الكتاب الثاني كتاب الرسالة، ويشتمل على قواعد السلوك الإنساني الواعي، ويفرق بين الحلال والحرام (الرسالة)”[23].

لقد صرنا الآن أمام كتابين فقط، لا مجموعة كتب، هما كتاب النبوة وكتاب الرسالة. وهذا التمييز نابع من أن شحرور يميز بين النبي والرسول، لأن الرسول هو الذي يحمل رسالة تتضمن مجموعة من التعاليم، والنبي هو الذي يعلم المعلومات الكونية والتاريخية، وهو تمييز سنعود إليه في وقت لاحق من هذا الكتاب، عندما نتطرق إلى كتابه “السنة الرسولية والسنة النبوية”.

ولكن ما هو مبرر هذا التقسيم الثنائي للكتاب إلى كتابين؟ يرى شحرور أن هذا التقسيم مأخوذ من الآية التالية:”هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب”(آل عمران: 7). فهو يعتمد هذه الآية لتبرير تقسيم الكتاب إلى كتابين، ولكن مهلا!! لا يتعلق الأمر بالتقسيم السابق إلى كتاب نبوة وكتاب رسالة، بل هو تقسيم ثنائي جديد، هو الكتاب المحكم، والكتاب المتشابه[24].

فالكتاب المحكم عند شحرور هو “مجموعة الآيات المحكمات، وقد أعطاها تعريفا خاصا بها هو أم الكتاب (منه آيات محكمات هن أم الكتاب)، وبما أن أم الكتاب هو مصطلح فقد عرف بمجموعة الآيات المحكمات، حيث إن هذا المصطلح جديد على العرب”[25] ، أما الكتاب المتشابه فهو عنده “كل آيات الكتاب ما عدا آيات الأحكام (الرسالة) وما عدا آيات تفصيل الكتاب”[26].

وبعد أن كان الكتاب مجموعة كتب، ثم صار كتابين اثنين فحسب، صار الآن ثلاثة كتب، حيث أضاف شحرور كتابا ثالثا سماه”لا محكم ولا متشابه”، يقول:”وإذا فرزنا مجموعة الآيات المحكمات على حدة، فما تبقى من آيات الكتاب بعد ذلك هو كتابان أيضا، وهما: الكتاب المتشابه، وكتاب آخر لا محكم ولا متشابه”[27]، وبهذا التلاعب في التقسيم بدون ضبط ولا منهجية يدخلنا الدكتور شحرور في لعبة دائرية بدون مخرج.

غير أنه بنظرة عجلى إلى آيات القرآن الكريم يمكننا أن ندرك بكل سهولة أن مفردة “الكتاب” و”كتاب” ــ التي تتردد أكثر من مائتين وخمسين مرة علاوة على الفعل “كتب” وما يتفرع عنه ــ لا تحمل نفس المعنى في كل سياق، وإلا لا يعود هنالك أي مدلول للإعجاز القرآني، الذي هو إعجاز لغوي وبلاغي بدرجة أولى، وهذا بتأكيد من شحرور نفسه، إذ يقول:”بعد أن أجرينا مسحا للمصطلحات الأساسية لكتابنا في الباب الأول كانت النتيجة المباشرة لهذا المسح هي إعجاز القرآن”[28]. ونحن نتساءل: أي إعجاز يمكن أن يكون في كتاب تتكرر فيه كلمة “الكتاب” حوالى ثلاثمائة مرة ويزيد وفي سياقات متغايرة من دون أن يتغير معناها؟ ويبدو لنا أن الدكتور شحرور يجهل معنى الإعجاز القرآني، أو على الأقل يفهمه على غير ما فهمه الناس جميعهم عبر العصور.

يصر الدكتور شحرور على أن للكتاب معنى واحدا، كما سبقت الإشارة إليه أعلاه، هي الضم والجمع، وهكذا فإن الكتاب، بمعنى القرآن الذي بيد المسلمين، “يضم ويجمع” كتبا مختلفة هي كتاب الصلاة وكتاب الزكاة وكتاب الحج وهلم جرا، وكتبا مختلفة أخرى هي القرآن والكتاب والفرقان وأم الكتاب والسبع المثاني وغير ذلك؛ كما يتكون في نفس الوقت من ثلاثة كتب، وفي الوقت نفسه من كتابين. ولك أن تتخيل هذا الكتاب السوريالي الذي يذكرنا بقصة شهيرة للأديب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس هي “كتاب الرمل” التي يتحدث فيها عن الكتاب اللامتناهي.

ولكن المعروف لدى جميع المفسرين وعلماء اللغة، قديما وحديثا، أن لكلمة الكتاب في القرآن مفاهيم عدة، فهي تعني أعمال الإنسان كما في قوله تعالى:”وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا”(الإسراء: 13)، وقوله”وكل شيء أحصيناه كتابا”(النبأ: 29)، وغير ذلك في كثير من الآيات؛ وتعني القدر والقضاء مثل قوله تعالى”وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا”(آل عمران: 145)، وقوله”وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم”(الحجر: 4)، وتعني القرآن مثل قوله تعالى”تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم” (الزمر: 1)، وقوله”قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى”(الأحقاف: 30)، تعني علم الله سبحانه وتعالى، كما في قوله سبحانه:”وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث”(الروم: 56)، وتعني الكتب السماوية السابقة على القرآن، كالتوراة والإنجيل والزبور، مثل قوله تعالى”يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء”(النساء: 153)، وقوله”ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب”(الجاثية: 16)، وقوله:”فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم”(البقرة: 79)[29].

بيد أن الدكتور شحرور يلوي أعناق الآيات ويخرج بها عن سياقها، موهما القارئ بأنه يقدم له قراءة معاصرة تنطلق من اللغة، وهو وهم يزكيه كاتب مقدمة الكتاب الدكتور جعفر دك الباب الذي يقول في نهاية التقديم:”وفي ختام هذا التقديم للمنهج اللغوي في كتاب الدكتور المهندس محمد شحرور”، حيث يتهيأ للقارئ أن الأمر يتعلق فعلا بمنهج لغوي، وما الأمر كذلك.

وإذا سايرنا الدكتور شحرور في تلك التقسيمات الانطباعية، واتفقنا على أن الكتاب جزء من القرآن، وضربنا صفحا عن المعاني السالفة لكلمة الكتاب، كيف يمكننا مثلا فهم هذه الآية: “فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك”(يونس: 94)؟ فهذه دعوة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى سؤال “الذين يقرأون الكتاب” لإزالة الشك، فهل المعنى المقصود سؤال اليهود والنصارى أم هو سؤال قسم من المسلمين ممن يقرأ الكتاب، الذي هو جزء من القرآن، الذي أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام؟ وكيف يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قوما عن شيء أنزل عليه هو؟ إنها لعبة دائرية من السفسطة واللغو الذي لا طائل تحته.

لقد أتى الدكتور شحرور بأشياء عجيبة ما سبقه إليها من أحد في هذه التقسيمات التي اصطنعها دون برهان علمي ولا منهج واضح. فهو يزعم أن “القرآن شيء والكتاب شيء آخر”[30]، ثم يزعم أن “القرآن شيء والسبع المثاني شيء آخر، وهي ليست من القرآن ولكنها من الكتاب”[31]، ثم يفترض أن”يكون القرآن جزءا من الكتاب”، ثم يؤكد أن”الحق هو جزء من الكتاب وليس كل الكتاب” عندما يقرأ الآية التالية “قراءة معاصرة!” وهي قوله تعالى:”ألم، تلك آيات الكتاب والذي أنزل من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون”(الرعد: 1)، فيخلص إلى النتيجة التالية:”ونلاحظ أنه في سورة الرعد عطف الحق على الكتاب، فهذا يعني أن الحق شيء والكتاب شيء آخر، أو أن الحق هو جزء من الكتاب وليس كل الكتاب”[32].

وها هنا نصطدم بواحدة من الغرائب عند الدكتور شحرور صاحب”المنهج اللغوي” الذي يشكو من “أزمة حقيقية في تدريس مادة اللغة العربية في المدارس والجامعات”[33]. فأولا الآية ليس فيها عطف، وكلمة”الحق” هنا خبر لمبتدأ هو”الكتاب”، ومعناها” ذلك الكتاب هو الحق”؛ ثانيا على افتراض أن “الحق” عطف على “الكتاب” فسنكون أمام شيء واحد وليس أمام “حق” من جهة و”كتاب” من جهة ثانية.

ولكن الغريب أن الدكتور شحرور نفسه يقع في التخبط فيتنكر لذلك التعريف الذي أعطاه للذكر بوصفه”جزءا من الكتاب”، فيتراجع عن ذلك التعريف لكي يقول إن الذكر “هو تحول القرآن إلى صيغة لغوية إنسانية منطوقة بلسان عربي”[34]، أي أنه ليس جزءا من الكتاب لكنه “التجسد” المادي للقرآن في صيغة لغوية. ثم يتنكر لهذا التعريف الثاني فيعطينا تعريفا ثالثا وهو أن الذكر ليس جزءا من الكتاب ولا هو الصيغة اللغوية للقرآن، بل هو”أحد صفات القرآن”[35].

ومن المفاجآت الغريبة التي يأتي بها الدكتور شحرور، في فهمه لعبارة “الذكر”، تفسيره لها بأنها تعني الجنس العربي. ففي معرض حديثه عن قوله تعالى:”لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم”(الأنبياء: 10) يقول:”وهنا جاء أكبر عز للعروبة والقومية العربية”[36]، وكأن نزول القرآن باللغة العربية كان الهدف منه نصرة العرب على غيرهم من الأمم، والانتصار للقومية العربية في مواجهة القوميات الأخرى.  وهذا ما يناقض كلام المؤلف نفسه الذي يصر على أن القرآن”رسالة عالمية”، بل إن المؤلف يناقض نفسه في نفس الفقرة عندما يقول:”وبما أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الجنس، فهو ليس عربيا ولا تركيا ولا…ولكن قد جاء النص من الله سبحانه وتعالى أن الإنزال عربي”[37].

ولا يتوقف التعسف على القرآن واللغة عند الدكتور شحرور عند هذا الحد، بل يضيف أمورا تترك اللبيب حيران. إن معنى الذكر عنده “هو إنزال الكتاب كله ـ الحكم والقرآن ـ بصيغة لغوية عربية”[38]، أي هو تجسد ما في اللوح المحفوظ في صيغة عربية(وعلى القارئ أن يتذكر أن شحرور يفرق بين الكتاب والقرآن، ولكنه هنا يتحدث عن الكتاب كله أي الحكم والقرآن، فصار القرآن جزءا من الكتاب لا شيئا مفصولا عنه!!). وحتى إن سلمنا جدلا بأن هذا “التفسير” صحيح، ما دخل الآيتين التاليتين في الموضوع، وهما قوله تعالى “ورفعنا لك ذكرك”(الشرح: 4)، وقوله “اذكرني عند ربك”(يوسف: 42)؟ فالدكتور شحرور يقول:”وانتقال القرآن إلى صيغة لغوية إنسانية بلسان عربي تم بصيغة منطوقة، لذا فهو يتلى بصيغة صوتية منطوقة مسموعة أو غير مسموعة، وهذه هي الصيغة التي أُشهر بها القرآن وبها يذكر بين الناس كما جاء في قوله تعالى”ورفعنا لك ذكرك”، وقوله”اذكرني عند ربك”[39].

وهنا يخلط الدكتور خلطا عجيبا في كلمة “الذكر” بين معاني القرآن والصيت والتذكير، فيجعل كل سياق وردت فيه لفظة “ذكر” قرآنا. فالآية الأولى يعرف الجميع منذ نزول القرآن إلى يوم الناس هذا أنها في معرض تذكير النبي صلى الله عليه وسلم بنعمة الله عليه، حيث صار اسمه يذكر إلى جانب اسم الله سبحانه في كلمة الشهادة إلى يوم القيامة، فهذا هو رفع الذكر، وليس للكلمة أدنى علاقة بالقرآن، ثم إن الآية وردت في سورة الشرح لا في سورة “الانشراح” كما كتب الدكتور شحرور، إذ لا وجود لسورة بهذا الاسم. والغريب أننا وجدنا نفس الخطأ تكرر في مختلف طبعات الكتاب اللاحقة. أما الآية الثانية فقد وردت على لسان يوسف عليه السلام مع أحد صاحبيه في السجن، عندما أوّل له رؤياه وبشره بأنه سيفرج عنه ويصبح نديم الملك، فطلب منه أن يذكر الملك به حتى يتذكره هذا الأخير ويمكن أن يفكر في الإفراج عنه لأنه سجن ظلما، فالكلمة إذن معناها التذكير، ولا علاقة لها بالذكر الذي هو القرآن.

بيد أن الدكتور شحرور يقفز مباشرة إلى مسألة من مسائل علم الكلام، معتمدا على ذلك التفسير الخاطئ لكلمة الذكر. ففي حديثه عن الآية:”ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون”(الأنبياء: 2)، يقول معلقا:”لاحظ هنا دقة التعبير في الكتاب عندما قال عن الذكر إنه محدث ولم يقل القرآن، ولا ننسى {الصحيح: ولا ننس، بالجزم لا بالمد} أن الذكر ليس القرآن نفسه، بل هو أحد صفات القرآن(ص، والقرآن ذي الذكر)، وهذا الفهم يحل المعضلة الكبرى التي نشأت بين المعتزلة وخصومهم حول خلق القرآن، فإذا عرفنا الآن أن الذكر ليس القرآن نفسه، وإنما هو أحد خواصه وهو صيغته اللسانية حصرا، يزول الالتباس”[40].

لقد فهم شحرور أن عبارة”مُحدَث” هنا تحيل على الخلاف الذي دار بين المعتزلة وخصومهم حول كلام الله، هل هو مخلوق أم محدث؟ وهي قضية معروفة ومشهورة بمصطلح “المحنة” التي تعرض فيها الإمام أحمد ابن حنبل للاضطهاد على يد المأمون، ولكنه يريد أن يوهم القارئ الغُفل بأنه جاء بفهم جديد”يحل المعضلة الكبرى التي نشأت بين المعتزلة وخصومهم”. ولكن ما هو هذا الفهم؟.

إذا كان المعتزلة وأهل السنة قد اختلفوا حول “القرآن”، فإن الدكتور شحرور يقترح حلا لهذه المشكلة يرتكز على التفريق بين القرآن والذكر، فيكون المحدث هو الذكر لا القرآن. فكأن شحرور يريد أن يقول لهؤلاء: أنتم اختلفتم لأنكم فهمتم أن الذكر هو القرآن في قوله تعالى”ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث”، ولكن الذكر ليس هو القرآن، بل هو التجسد اللغوي لكلام الله في صيغة لغوية، فأنتم اختلفتم على شيء خاطئ منذ البداية. ولنا أن نتصور رد المعتزلة والأشاعرة: نحن اختلفنا حول كلام الله، سواء سميناه ذكرا أو قرآنا، وهو نفس الكلام الذي تقول أنت بأنه تجسد في صيغة لغوية!! وهذا العبث بعينه.

غير أن اقتراح الدكتور شحرور باستبدال عبارة القرآن بعبارة الذكر لكي تنحل “المعضلة الكبرى التي نشأت بين المعتزلة وخصومهم” يصطدم أولا وقبل كل شيء بشحرور نفسه، بحيث إن “المعضلة الكبرى” تنتقل إلى كتاب شحرور ذاته، من خلال الاضطراب الذي يطبع مفهوم الذكر لديه. وكما أوضحنا في السطور السابقة، يخلط شحرور بين الذكر بمعنى القرآن والذكر بمعنى التذكير والذكر بمعنى السمعة والصيت، أي”الذكر الحسن”. ولا يتوقف الخلط عنده في هذه المعاني الثلاثة، بل يضيف معنيين آخرين، المعنى الأول الذي يجعل الذكر بمعنى أهل اللغة العربية، والمعنى الثاني الذي يجعل الذكر يدل على مجرد الترتيل.

ففي معرض حديثه عن الآية”وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”(النحل: 43)، قال:”هنا يجب أن نفهم أن أهل الذكر هم أهل اللسان العربي”[41] ، فقد جعل كل من يتحدث اللغة العربية من أهل الذكر، خلافا لما هو معروف لدى جميع المفسرين قديما وحديثا، وهو أن أهل الذكر تعني العلماء الذين يستنبطون الأحكام من الأدلة الشرعية التفصيلية.

وإذا تتبعنا منطق الدكتور شحرور، الذي يكرر بين الحين والآخر أنه يحتكم إلى “العقل” ـ في تعريض صريح بالعلماء والفقهاء وكأنهم يفكرون من خارج منطقة العقل ـ إذا تتبعنا نفس المنطق فإننا نتساءل: إذا كان كل من تكلم العربية من أهل الذكر، فإلى من يا ترى تتوجه الآية بالخطاب؟ هل إلى غير العرب الذين لا يفقهون العربية، والقرآن نزل بلسان عربي؟ أم إلى العرب وهم أهل ذكر، لكي يلتمس منهم أن يسألوا أنفسهم؟.

هذا من ناحية المعنى الأول، أما من ناحية المعنى الثاني للذكر، الذي هو الترتيل، فإن الدكتور شحرور يقترحه عليها عندما يتطرق إلى الآية”أقم الصلاة لذكري”(طه: 14)، حيث يرى أن الذكر هنا يعني ترتيل آيات القرآن. يقول تعليقا على الآية:”وعندما قال الفقهاء: إن الصلاة لا تجوز إلا باللسان العربي فهذا صحيح لأن المطلوب في أثناء الصلاة هو التلاوة الصوتية للكتاب لا فهم الكتاب، لذا قيل عن القرآن: إنه المتعبد بتلاوته، فالقرآن يتلى(وأن أتلو القرآن ـ النمل 92)”[42].

ويمكننا أن نقف بعض الشيء عند هذا الكلام لنفحص تناقضاته، قبل العودة إلى الذكر، لأن منهجية الدكتور شحرور غير منضبطة ولا تتسم بالاتساق المنهجي. فأولا هناك خلاف بين الفقهاء في جواز الصلاة باللغة العربية فقط دون غيرها، إذ هناك من يبيح الصلاة بغير العربية وهناك من يمنعها، وهناك من يبيحها بالنسبة للداخل حديثا في الإسلام تيسيرا عليه ريثما يتعلم العربية؛ فهي مسألة خلافية، ولكن الدكتور شحرور يبني عليها قاعدة لإسناد أطروحته حول مفهوم الذكر، ومعلوم أنه لا يمكن عقلا بناء قاعدة علمية على مسألة غير مستقرة يحيط بها الخلاف، اللهم أن يكون الدكتور شحرور من أنصار الفريق الثاني الذي يمنع كليا الصلاة بغير العربية!.

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن شحرور يدافع على موقف غريب لو صدر عن أي باحث، فما بالك أنه صادر عن باحث ينادي بالعقل ويتهم المسلمين بأنهم لم ينتجوا “نظرية في المعرفة”!! إنه يدعي بأن المطلوب من المسلم في الصلاة مجرد “التلاوة الصوتية للكتاب لا فهم الكتاب”، أي الترديد الببغائي من دون فهم معاني ما يقرأ. والذي يثير في هذا الموقف المستغرب أنه من جهة صادر عن كاتب يتهم في كتاباته المسلمين السابقين بأنهم لم يتدبروا القرآن جيدا، وبأنهم بحاجة إلى قراءة واعية له ! لكنه في نفس الوقت لا يتردد في الدفاع عن رأي يعزز الجهل بالقرآن، عبر الدعوة إلى الترتيل دون الفهم. ومن جهة ثالثة يكشف هذا القول جهل الدكتور شحرور بالفقه الإسلامي، مع أنه ينادي بتجديد الفقه، بما يعني أنه أحاط به وأدرك أنه استنفذ أغراضه!. فالمعروف أن من شروط استكمال الصلاة الخشوع، وأن الخشوع لا يمكن أن يحصل للمصلي دون تدبر لما يقرأ، كما أن القرآن يلح في كثير من الآيات على تدبر القرآن مثل قوله تعالى:”كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب”(ص: 29)، وقوله:”أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟”(محمد: 24)، وقوله أيضا:”أفلا يتدبرون القرآن، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا”(النساء: 82)، وغيرها من الآيات، فكيف غض الدكتور شحرور الطرف عن جميع هذه الآيات التي تدعو المسلم إلى تدبر القرآن، وهو الذي يصرح بأنه قام بإجراء”مسح” للقرآن، ويدعو إلى مجرد الترتيل دون تدبر؟.

ومن غريب “التفسيرات” التي جاء بها شحرور، في السياق ذاته، تفسيره لعبارة “المتعبد بتلاوته” التي ترد عند الفقهاء في التعريف الشهير للقرآن بأنه “كلام الله، المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، المعجز في لفظه ومعناه، المنقول إلينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته”، إذ نظر إلى العبارة نظرة سطحية، وفهم الترتيل على أنه تحريك الشفاه بالقراءة دون حضور العقل والقلب، وجعل التعبد قاصرا على تلك التلاوة الآلية؛ وهذا فهم غريب جدا للتعبد عند الدكتور شحرور، يقترب من مفهوم تقدِمة القرابين، إذ كيف يكون هناك تعبد مع غياب الوعي؟ وقد نسي شحرور، في عملية “المسح” التي قام بها، قوله تعالى”لا تحرك به لسانك لتعجل به” (القيامة 16)، وهي آية واضحة في ذم التلاوة السريعة أو مجرد التلاوة دون حضور الوعي ودون تدبر، وفي ذم “التلاوة الصوتية للكتاب”.

وهنا أيضا نجد الترادف بشكل واضح عند الدكتور شحرور، الذي يبني “نظريته” في الفصل بين الكتاب والقرآن على إنكاره. فنحن نلاحظ في هذه الفقرة وحدها ترادفا صريحا، إذ استعمل عبارة الكتاب محل القرآن والقرآن محل الكتاب، حيث قال: “فهذا صحيح لأن المطلوب في أثناء الصلاة هو التلاوة الصوتية للكتاب لا فهم الكتاب، لذا قيل عن القرآن: إنه المتعبد بتلاوته”!!! فهناك التلاوة الصوتية للكتاب، وهناك القرآن المتعبد “بتلاوته”، فتكون الصيغة: التلاوة الصوتية للقرآن المتعبد بتلاوته، إذ لا يمكن أن تعود التلاوة على شيئين منفصلين، بل هي تلاوة لشيء واحد، هو القرآن الذي هو الكتاب، والكتاب الذي هو القرآن.

إن ما يلفت النظر عند الدكتور شحرور، هو يحاول أن يشرح للقارئ مفهوم الذكر ويجهد نفسه لكي يميزه عن الكتاب والقرآن، هو ذلك الاضطراب الذي يطبع موقفه من تلك المفاهيم. ويرجع هذا الاضطراب بشكل أساسي إلى المنطلقات الخاطئة التي انطلق منها الكاتب، وهي التعريفات، فقد بذل جهدا مضنيا لكي يعرف لنا الكتاب والقرآن والذكر، ثم انتهى بنا إلى “اللاتعريف”، وإذا اعتبرنا التعريف في أي علم بمثابة المقدمة في المنطق، وكانت المقدمات الخاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة، استقام القول بأن التعريفات المضطربة التي ساقها الدكتور شحرور قادته إلى نتائج وخلاصات خاطئة بالضرورة.

وهذا بالتحديد ما وقع فيه شحرور، فبعد أن فصل بين القرآن والذكر، واعتبر أن هذا الأخير ليس سوى”الصيغة الصوتية” للقرآن، عاد فاعتبر أن الذكر هو القرآن ذاته لا مجرد صيغته الصوتية، حيث قال:”إذن، فالصيغة اللغوية هي الصيغة التعبدية، وكذلك قال عن صيغة الكتاب “إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة”، فيصبح الذكر بذلك هو الصيغة اللغوية الصوتية للكتاب كله، وهي الصيغة التعبدية، ويغدو من الصحيح أن نقول عندما تتلى آيات الكتاب: تتلى آيات الذكر الحكيم”[43].

وها هنا نلاحظ أن الرجل غير مستقر على تعريف معين، فقد حاول إقناعنا بوجود اختلاف بين عبارتي الكتاب والقرآن، نزولا عند “نظريته” في إنكار الترادف، بحيث لا يمكن أن يكون القرآن هو الكتاب أو العكس، وإلا سقطنا في الترادف، ونحن قد أظهرنا سابقا أن شحرور يسقط في الترادف بوعي أو بدون وعي، ولكنه رغم تلك المحاولات الحثيثة يفشل في الاختبار. إنه يزعم بأن الذكر هو “تحول القرآن إلى صيغة لغوية”، مع التسطير على عبارة القرآن، لكنه في ذات الوقت يقول في الاستشهاد أعلاه”وكذلك قال عن صيغة الكتاب”{الضمير عائد إلى الله سبحانه}: إن الذين يتلون الكتاب”، ثم يقول في فقرة لاحقة:”والذكر هو الصيغة اللغوية للكتاب كله”[44]. فصارت عندنا صيغتان، صيغة القرآن، وصيغة الكتاب، وطالما أنه يستحيل عقلا أن يكون المقصود شيئين منفصلين لكل واحد منهما صيغته اللغوية، بات من الواضح أننا أمام ترادف صريح، وإذا حصل الترادف، انهار ما بناه شحرور من أساسه.

ويرى شحرور أن هذه الصيغة اللغوية الصوتية للكتاب (أو للقرآن؟) هي الصيغة التعبدية، حيث قال “فصيغة القرآن اللغوية هي الصيغة التعبدية”، وهو ما يثير جملة من التساؤلات عن المقصود بهذه الصيغة التعبدية، لكن الواضح أن المعنى لا يخرج عما أشار إليه سابقا عندما قال بأن المطلوب هو التلاوة بصرف النظر عن الفهم، وهذا ما يزيده وضوحا في قوله:”الذكر هو الصيغة اللغوية الإنسانية للكتاب كله والذي جاء بلسان عربي مبين، وهو الصيغة التعبدية بعض النظر عن فهم المضمون، وهو الذي تكفل الله بحفظه وهو محدث كله”[45]، ويمكن للقارئ أن يلحظ بسهولة حضور الترادف من خلال هذه الاستبدالات بين الكتاب والقرآن في سياق لا يتغير، هو سياق الحديث عن الصيغة اللغوية.

ويحاول شحرور أن يطبق نظريته العجيبة في التقسيم على أوائل سورة الزخرف، فيخرج علينا بأمر في غاية العجب. لنأخذ كلامه نصا، يقول:”لنأخذ الآن الآيات الخمس الأولى من سورة الزخرف: الآية الأولى (حم) من السبع المثاني. الآية الثانية (والكتاب المبين) القصص. الآية الثالثة (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) القرآن. الآية الرابعة (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) القرآن في أم الكتاب عند الله علي حكيم. الآية الخامسة (أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين) الذكر هو الصيغة اللغوية العربية التعبدية للكتاب”[46]، ثم يخلص مباشرة إلى استنتاج خادع للقارئ عندما يقول:”لاحظ هذه الآيات الخمس كيف شملت مركّبات الكتاب”.

والحقيقة أن القارئ اللبيب يقف دهشا أمام هذه الأمور، بيد أننا لن نستبق الموضوع لأننا سنعود لاحقا إلى مفهومي السبع المثاني وأم الكتاب في الفصول اللاحقة من هذا الكتاب، لأن ما يهمنا الآن هو مفهوم الذكر في علاقته بالكتاب والقرآن.

لقد رأى شحرور أن الآية الثالثة “إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون”(الزخرف:3) تدل على القرآن، فالصيغة اللغوية العربية إذن هي صيغة القرآن لا صيغة الكتاب، كما رأينا أعلاه في عملية الاستبدالات المتكررة، ولكن بقفزة واحدة ستصبح هذه الصيغة اللغوية العربية صيغة للكتاب لا للقرآن، وذلك في الآية الخامسة من الزخرف، حين قال:”الآية الخامسة (أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين) الذكر هو الصيغة اللغوية العربية التعبدية للكتاب”، فنحن قد عرفنا سابقا أن الذكر عند شحرور هو “الصيغة اللغوية الصوتية”، وبذلك أصبح الذكر هو صيغة القرآن وصيغة الكتاب.

غير أننا نواجه مرة أخرى غياب الدراية باللغة العربية وشبكة الدلالات وطبقات المعاني في القرآن عند الدكتور شحرور، الأمر الذي يشكل بالفعل صدمة حقيقية بالنسبة لكل من يتدبر في ما يقرأ. فقد قرأ شحرور الآية “أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين؟”(الزخرف: 5) وخلص إلى القول:”الذكر هو الصيغة اللغوية التعبدية للكتاب”، ولا ندري حقيقة كيف سمح لنفسه بهذا السقوط المريع. فعبارة الذكر في الآية لا علاقة لها ألبتة بالقرآن أو الكتاب، بل هي بمعنى التذكير، أو التنبيه، وقد جاءت الآية خطابا إلى الكفار، وفي صيغة التساؤل الاستنكاري، فكأنها تقول: كيف لا نُذكركم بالعذاب والجنة والنار لمجرد أنكم مسرفون؟[47].  ولكن الدكتور شحرور، الذي يريد بناء نظريته على اللغة، يتسامح إلى حد كبير مع اللغة العربية ويكشف عن بضاعته الهزيلة من التكوين اللغوي، إذ المعروف أن تعبير”ضرب صفحا عن” معناها لم يهتم أو لم يبال أو أعطى ظهره إلى الشيء متبرما منه، لذلك فمعنى”نضرب الذكر عنكم صفحا” معناها بكل بساطة لا نذكركم أو لا نبالي بأمركم[48].

 

 

 

 

 

 ـ الكتاب والقرآن. ص 43.[1]

 ـ ص 51.[2]

 ـ ص ص 50 – 51.[3]

 ـ النووي: تهذيب الأسماء واللغات. تحقيق الشيخين: علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود. بيروت، [4]

دار النفائس. الطبعة الثانية، 2009. قسم: اللغات. مادة: كتب. ص 406.

 ـ الكتاب والقرآن. ص 52. [5]

 ـ نفسه. [6]

 ـ ص 53.[7]

 ـ ص 52.[8]

 ـ الشيخ أحمد شاكر: عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير. المنصورة، دار الوفاء. الطبعة الثانية، 2005.[9]

المجلد الأول. ص 569.

 ـ الكتاب والقرآن. ص 53.[10]

 ـ ص 53.[11]

 ـ أحمد بن فارس بن زكريا: معجم مقاييس اللغة. تحقيق: عبد السلام محمد هارون. بيروت، دار الفكر. د،ت.[12]

الجزء الثالث. مادة: صحف. ص 334.

 ـ الكتاب والقرآن. ص 54.[13]

 ـ ص 54.[14]

 ـ نفسه. [15]

 ـ ابن فارس: معجم مقاييس اللغة. مذكور. الجزء الخامس. ص 158.[16]

 ـ الكتاب والقرآن. ص ص 52-53.[17]

 ـ ابن فارس. الجزء الخامس. ص 159.[18]

 ـ الكتاب والقرآن. ص 53.[19]

 ـ عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير. مذكور. الجزء الثالث. ص 629.[20]

 ـ الكتاب والقرآن. ص 38.[21]

 ـ نفسه. ص 47.[22]

 ـ ص 55.[23]

 ـ نفس المرجع والصفحة. [24]

 ـ نفس المرجع والصفحة. [25]

 ـ ص 56.[26]

 ـ ص 55.[27]

 ـ نفسه. ص 39.[28]

 ـ الراغب الأصفهاني: معجم مفردات ألفاظ القرآن. ضبط وتصحيح: إبراهيم شمس الدين. بيروت، دار الكتاب[29]

العلمية. الطبعة الثالثة، 2008. مادة (كتب).

 ـ الكتاب والقرآن. ص 57.[30]

 ـ نفس الصفحة. [31]

 ـ نفسها.[32]

 ـ الصفحة 47.[33]

 ـ الصفحة 62.[34]

 ـ نفسها. [35]

 ـ الصفحة 62.[36]

 ـ نفسها.[37]

 ـ الصفحة 63.[38]

 ـ الصفحة 62.[39]

 ـ نفسه. ص ص 62-63.[40]

 ـ الصفحة 63.[41]

 ـ نفسها. [42]

 ـ الصفحة 63.[43]

 ـ نفسها. [44]

 ـ الصفحة 214.[45]

 ـ نفسها. [46]

 ـ يراجع في هذا تفسيرا الطبري والبيضاوي. [47]

 ـ يراجع في هذا المعنى لسان العرب لابن منظور. [48]

إرسال التعليق