آخر الأخبار

لغز التدبير المحلي بسلا لميزانيات متفاوتة وتعويضات متساوية

لغز التدبير المحلي بسلا لميزانيات متفاوتة وتعويضات متساوية

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


كل متتبّع للشأن المحلي بمدينة سلا، يرى أن بعض المنتخبين لا يرون في الميزانية الجماعية سوى “تركة” يجب اقتسامها، كل حسب موقعه، لا حسب حاجات المواطنين ولا الأولويات التنموية، وهي ملاحظة بسيطة بالنسبة للعمق، لكنها كافية لطرح أسئلة أعمق حول فلسفة التدبير، وهي لماذا تختلف الميزانيات المرصودة للمقاطعات، بينما تظل تعويضات رؤسائها وذوي الحق من المستشارين ثابتة ومتساوية؟

في مقاطعات سلا الخمس، تتباين الأعباء وتختلف الكثافة السكانية وحجم الطلب على الخدمات والأنشطة والتنقلات، ومع ذلك لا يتغيّر رقم واحد، هو 424.800 درهم تعويضات سنوية موزعة على المستفيدين، وهي تعويضات لرئيس المقاطعة وذوي الحق من المستشارين، بغض النظر عن اتساع المقاطعة، أو حجم ملفاتها، أو حتى عدد أعضاء مجلسها، وهنا يطفو السؤال الذي يلح على كل مواطن بسيط، وهو كيف تحتسب هذه التعويضات؟ وعلى أي منطق تستند؟

الإجابة القانونية واضحة، لأن التعويضات محددة مركزيا بمرسوم حكومي، ولا علاقة لها بعدد السكان أو ميزانية المقاطعة، و لكن هل هذا يكفي لطمأنة الرأي العام؟
فالقانون شيء، والعدالة شيء آخر، لأن العدالة تقتضي أن تعكس التعويضات حجم المسؤولية، وأن تربط بالمردودية، وأن تنصف مقاطعات تتحمل عبئا أكبر من غيرها، وأما أن تتساوى الأرقام رغم اختلاف الواقع، فهنا تتولد الشكوك وتتعزز القناعة بأن التدبير المحلي في واد، وانتظارات المواطنين في واد آخر.

وكذلك من حق ساكنة سلا أن تسأل ما تشاء بشأن تدبير شؤونهم، وهو هل أصبحت بعض مجالس المقاطعات تتعامل مع المال العام بمنطق “متفوتنيش”، بدل منطق الخدمة العامة والمساءلة؟ وهل تحولت الاجتماعات والمهام التي تصرف عليها التعويضات بسخاء إلى مجرد طقوس شكلية لا أثر لها على جودة عيش المواطنين؟

كل هذه الأسئلة ليست تشويشا ولا مزايدة، بل إنها محاولة لإعادة النقاش إلى مكانه الطبيعي، وهو من يحاسب من؟ ومن يدافع فعلا عن مصلحة المدينة؟

كان كل ما سبق مجرد توطأة لما هو آت، وسنعود في ما بعد لتفصيل ما رصد لكل مقاطعة على حدة، ولنعرف أين تذهب الأموال، وأين تتوقف التنمية، وأين يبدأ الفارق بين النص القانوني وواقع الممارسة، وإلى ذلك الحين، سيظل السؤال المعلق، هو هل نحن أمام تدبير مالي رشيد؟ أم أمام “تركة” تقسم في صمت؟

إرسال التعليق