بين المشاريع الكبرى والواقع المر للمواطن. المغرب على مفترق الطرق قبل الانتخابات
بين المشاريع الكبرى والواقع المر للمواطن. المغرب على مفترق الطرق قبل الانتخابات
رصد المغرب / عبدالعالي بريك
في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة اليوم عن الموافقة على إنشاء 300 مزرعة للاستزراع البحري، لا يزال المواطن المغربي يعيش يوميا صعوبات كبيرة في حياته اليومية، على المستوى الصحي، التعليمي، والأسري. الغلاء المتصاعد في الأسعار، نقص الخدمات الأساسية، وتأخر البرامج الحكومية التنفيذية، كلها تجعل المواطن يشكك في جدية الالتزام بالوعود التي قدمتها الحكومة منذ توليها المسؤولية.
المشروع الجديد، رغم أهميته الاقتصادية المحتملة، يثير تساؤلات عديدة حول توقيته وطريقة الإعلان عنه، خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. كثيرون يرون في هذه المشاريع الكبرى محاولة لاستغلال النفوذ السياسي وتجميل الصورة، بينما المواطن يعاني من الغلاء، نقص الأدوية، سوء تجهيزات المستشفيات، وضعف البنية التعليمية، وتأخر البرامج الاجتماعية الأساسية.
هذا الوضع يطرح أيضاً تساؤلات حول استعمال الشطط في التعامل مع شكايات المجتمع المدني والصحافة، حيث يشعر المواطن وكأن صوته “يسكت” أمام المشاريع الكبرى التي تعلن فقط في الإعلام الرسمي دون إشراك فعلي للمواطنين في القرارات التي تمس حياتهم اليومية.
منذ تسلم الحكومة، ضربت العديد من الوعود والبرامج عرض الحائط، وأصبح المواطن يربط بين التصريحات الرسمية على وسائل الإعلام وبين الواقع المعيش الذي يزداد صعوبة. الحملات الإعلامية للمشاريع الكبرى، قبيل الاستحقاقات، تعطي الانطباع بأنها تدار بطريقة انتخابية أكثر منها تنموية، وهو ما يضعف الثقة بين المواطن والسلطة.
بين المشاريع البحرية الكبرى والمطالب اليومية للمواطن، يظهر أن الحكومة أمام اختبار حقيقي، وهو هل ستواصل التعامل مع التنمية بشكل موسمي ومناسب للانتخابات فقط؟ أم ستضع المواطن ومعيشته الحقيقية في قلب أولوياتها؟ التجربة تشير إلى أن المواطنين يطالبون اليوم بما هو أكثر من وعود وشعارات، فهم يريدون تنمية ملموسة، شفافية حقيقية، واستجابة حقيقية لمطالبهم اليومية، بعيدا عن استغلال المشاريع الكبرى لأهداف انتخابية ضيقة.
الإصلاح الحقيقي لا يتحقق مع استمرار الفساد وتقلد الفاسدين لمناصب المسؤولية، ولا يأتي بقهر المواطن وتهميشه، بل يتحقق من خلال إشراك المواطن في الحياة العامة والتعامل معه كناخب يستحق الأفضل، وكفرد ساهم في بناء المستقبل والوطن، وله الفضل في تقمص المسؤول منصبه. المواطن يجب أن يكون شريكا في اتخاذ القرارات، وصوته مسموعا، ومطالبه جزءا من السياسات العامة، وليس مجرد جمهور ينظر إليه من بعيد، أو يستهلك في الحملات الانتخابية قبل أوانها.
إرسال التعليق