آخر الأخبار

الضربة القاضية التي ستطيح بسلاح أخنوش السري. فهل انتهت اللعبة قبل 2026؟

الضربة القاضية التي ستطيح بسلاح أخنوش السري. فهل انتهت اللعبة قبل 2026؟

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


يعيش المشهد السياسي المغربي منذ أيام على وقع زلزال هادئ، لكنه عميق التأثير، حيث قرار وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بمنع الإعلانات الانتخابية الممولة على فيسبوك ويوتيوب وباقي منصات التواصل الاجتماعي، يبدو في نظر كثير من المتابعين، أخطر قرار انتخابي منذ سنوات. والأهم من ذلك أن هذا القرار “وفق عدد من التحليلات” لم يربك جميع الأحزاب، بل أصاب حزب التجمع الوطني للأحرار في مقتل، باعتباره أكثر الفاعلين السياسيين اعتمادا على القنوات الرقمية الممولة في التأثير على الرأي العام، وهو سلاح لم ينتبه إليه المغاربة جيدا.

منذ فضيحة التدخل الروسي في انتخابات الولايات المتحدة سنة 2016، بدأ فيسبوك وتبعته باقي المنصات، في نشر المعطيات المتعلقة بالأموال المصروفة على الإعلانات السياسية، حيث هذه الخطوة كشفت للمغاربة لأول مرة حجم الاستثمار الرقمي الذي تنخرط فيه بعض الأحزاب، وعلى رأسها حزب الأحرار، والذي حسب المعطيات المتاحة، صرف مبالغ ضخمة على حملات ترويجية استهدفت ملايين المغاربة.

وإذا كانت بعض هذه الأرقام موضوع جدل واسع بين من يراها ممارسة سياسية قانونية وبين من يعتبرها محاولة غير عادلة لتوجيه الناخبين، فإن الثابت هو أن الفجوة بين إنفاق حزب الأحرار وباقي الأحزاب فجوة مهولة، ما يجعل تأثير المنع الجديد أكثر حدة عليه من غيره.

ومن الانتقادات التي أثيرت أيضا خلال الولاية الحكومية الحالية، وجود حملات رقمية ممولة من صفحات رسمية للحكومة، وهي حملات تروج لإنجازات السلطة التنفيذية بطريقة شبه-انتخابية. والمشكلة هنا ليست في إبراز العمل الحكومي، فهذا أمر طبيعي، بل في غياب الشفافية بخصوص حجم الأموال المصروفة، ومنع التعليقات، واحتكار الخطاب دون فسح المجال للمواطنين للتفاعل، فهل تستعمل المنشورات الحكومية بوجه انتخابي؟

هذا النوع من المحتوى كما يرى كثيرون، يخلق شكلا من “الدعاية غير المتوازنة”، خصوصا عندما تتزامن مع سياق انتخابي أو تروج لبرامج ذات أثر انتخابي مباشر مثل الدعم الاجتماعي.

وهناك عودة الجدل حول فيديو اللجنة الانتخابية الذي نشره الصحافي حميد المهداوي، والتي أعادت سؤال المعايير المزدوجة في التعامل مع النشر الرقمي، حيث بينما اعتبر نشر صور خاصة بفاعلين غير عموميين في قضايا سابقة عملا صحفيا مشروعا، أصبح نشر فيديو يوثق عملا مؤسساتيا مثيرا للجدل “جريمة” في نظر بعض الأطراف.

هذا التناقض خلق صدمة لدى الرأي العام وأعاد النقاش حول من له الحق في النشر؟ وما الذي يعتبر “حياة خاصة” وما الذي يدخل في باب الشأن العام؟

والتحايل المحتمل، هو ما الذي يمكن أن يفعله حزب الأحرار؟ وإذا صح أن قرار الداخلية يستهدف “السلاح الرقمي”، فإن السؤال الآن، هو هل يستطيع الحزب تعويض هذا السلاح بطرق أخرى؟ لأن التحليل السياسي يطرح ثلاثة سيناريوهات ممكنة، الأول هو تعزيز الترويج عبر الصفحات الحكومية، وهو أسلوب قد يسمح بالتواصل غير المباشر مع المواطنين دون كلفة من جيب الحزب، لكنه يثير إشكالات أخلاقية وسياسية تتعلق بتوظيف المال العام. والثاني هو اللجوء إلى المؤثرين والفنانين، فقد تعتمد الحملات المقبلة على نشر محتوى ممول عبر حسابات شخصية لمؤثرين، وهي منطقة رمادية قانونيا، لكنها قد تتحول إلى بديل فعال عن الإعلانات المباشرة. والثالث هو العودة إلى “الأساليب التقليدية”، حيث ما سمي بالقفاف والتجمعات و“الطواجن” والأنشطة الاجتماعية وشبكات “جود” وغيرها… هذه أدوات ظلت حاضرة في المشهد الانتخابي المغربي، ولا شيء يمنع إعادة استعمالها بقوة إذا تم تجفيف منابع الإنفاق الرقمي. ليبقى السؤال الكبير، هو من أين تأتي هذه الأموال؟

وسيبقى السؤال الأكثر حساسية، هو كيف تخرج هذه الأحزاب أموالا طائلة بالعملة الصعبة نحو شركات عالمية مثل فيسبوك وغوغل؟ حيث مهما كانت الوسائل القانونية أو البنكية المستعملة، فإن الشفافية تظل حقا للمواطن، لأن الأمر يتعلق بانتخابات يفترض أنها نزيهة ومتكافئة الفرص.

قرار وزارة الداخلية، إن تم تطبيقه فعلا، قد يغير قواعد اللعبة الانتخابية في المغرب للمرة الأولى، فهل سيصمد القرار؟ وهل سيتم التحايل عليه؟ وهل سيدفع الأحزاب نحو التواصل المباشر والبرامج الفعلية بدل الدعاية الرقمية؟ فهل انتهى زمن “السوشال-ميديا الانتخابية”؟

كلها أسئلة مفتوحة، لكن المؤكد أن “سلاح الإعلانات الممولة” قد تلقى ضربة قاضية، ومن تلقاها أكثر من غيره يعرف نفسه جيدا.

إرسال التعليق