الحارس الناهي والآمر في المستشفيات المغربية: من يحمي المريض من سماسرة الصحة؟

آخر الأخبار

الحارس الناهي والآمر في المستشفيات المغربية: من يحمي المريض من سماسرة الصحة؟

رصد المغرب/الحيداوي عبد الفتاح 

في خضم معاناة يومية يعيشها المواطن المغربي وهو يطرق أبواب المستشفيات العمومية طلبًا للعلاج، طفت على السطح ظاهرة مقلقة تتجاوز في فداحتها كل الأعطاب التقنية ونقص الموارد البشرية والخصاص في التجهيزات. إنها ظاهرة “الحارس الآمر والناهي”، حيث أُسندت أمور غير قانونية وغير أخلاقية إلى عناصر شركات الأمن الخاص، ليتحول بعضهم من حراس للمداخل إلى سماسرة للعلاج، ووسطاء للفساد، يتحكمون في مواعيد الفحوصات وولوج المصالح الطبية بل وحتى في رؤية الطبيب، في سلوك لا يعبّر فقط عن فساد جزئي بل عن انهيار نسقي في أخلاقيات المرفق العمومي.
لم يعد غريبًا أن تقف أمام بوابة المستشفى العمومي، لا يسألك أحد عن حالتك الصحية، بل يتقدم إليك “الحارس” ليعرض عليك “تيسير الأمور”، شرط أن “تفهم المقصود”. فتارة يُقرب لك موعد السكانير الذي قد يستغرق شهرين أو أكثر، وتارة يُقربك من طبيب لا يمكنك الوصول إليه دون وساطة. وفي كثير من الحالات، صار المواطن البسيط أمام خيارين: إما الرضوخ لقواعد “الصفقة”، أو الانتظار في طابور الذل والمهانة، وربما الموت في صمت.
ما يحدث ليس مجرد خرق إداري، بل هو مسّ مباشر بكرامة المواطن المغربي الذي يشعر وكأنه لا قيمة له في وطنه. أصبح المريض في بلده مجرد “رقم زائد”، لا يُنظر إليه إلا باعتباره عبئًا أو فرصة للربح. وبدل أن يكون المستشفى مكانًا للعلاج والطمأنينة، أصبح فضاءً للمساومة والاستغلال، تذبح فيه القيم الإنسانية بسكين الاستهتار.
السؤال الذي يتردد على لسان الآلاف: أين وزارة الصحة؟ أين وزيرها الذي يدير قطاعًا من أخطر القطاعات؟ هل تصله هذه الشكاوى؟ هل يرى صفوف الذل أمام المستشفيات؟ أم أن هناك من يحجب عنه الحقيقة؟ وإن لم يكن يعلم فالمصيبة أعظم، وإن كان يعلم ولا يتحرك فالمأساة أكبر .

إرسال التعليق