
الردة الحقوقية بالمغرب بين خطاب الإصلاح وواقع التراجع
رصد المغرب / عبدالكبير بلفساحي
بعد سنوات من الخطاب الرسمي الذي بشر بمرحلة جديدة من الانفتاح الديمقراطي وتعزيز الحريات، يجد المغرب نفسه اليوم في قلب نقاش محتدم حول ما يصفه فاعلون حقوقيون وسياسيون بـ”الردة الحقوقية”، حيث هذا المصطلح يتردد بقوة في بيانات الأحزاب المعارضة وتقارير المنظمات الدولية، ويختزل حالة التراجع الملموس في مكتسبات حقوق الإنسان التي راكمتها البلاد منذ مطلع الألفية.
وتكتشف هذه التراجعات وسط ملفات ساخنة، بحيث من خلال الشهور الأخيرة، برزت قضايا لفتت انتباه الرأي العام وأعادت إلى الواجهة أسئلة قديمة حول استقلالية القضاء وحرية التعبير، و من بينها محاكمة الناشطة والمدونة سعيدة العلمي التي اعتقلت مجددا بسبب منشورات على مواقع التواصل، وشرعت في إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقالها، وكذلك أُدين الناشط سعيد آيت المهدي بالسجن ثلاثة أشهر بعد احتجاجه على تأخر الإغاثة في زلزال 2023، في خطوة وصفها حقوقيون بـ”التأديبية”.
ولم تسلم الشخصيات السياسية البارزة من هذه الموجة؛ إذ أصدرت المحكمة حكما بخمس سنوات سجنا على وزير حقوق الإنسان الأسبق محمد زيان، على خلفية اتهامات يراها أنصاره ذات طابع سياسي.
ووسط احتجاجات مهنية وانتقادات جمعوية، هناك النقابات المهنية، وعلى رأسها جمعية هيئات المحامين، والتي خاضت إضرابات متتالية نهاية 2024 رفضا لمشاريع قوانين اعتبرتها مقيدة لاستقلالية المهنة، واحتجاجا على غياب التشاور مع المعنيين، حيث بالتوازي، تحدثت جمعيات حقوقية عن تضييق إداري ومالي طال أنشطتها، وحرمان بعضها من التراخيص القانونية.
وبين الخطاب الرسمي وصمت دولي نسبي، هناك في المقابل وعلى الصعيد الداخلي، تؤكد السلطات المغربية التزامها بالمعايير الدولية، معتبرة أن المتابعات القضائية لا تستهدف الرأي بل تندرج ضمن احترام القوانين، وأما على الصعيد الخارجي، فباستثناء بيانات بعض المنظمات الحقوقية الدولية، يبدو أن الشركاء الغربيين يلتزمون حذرا في انتقاداتهم، مراعاة للتحالفات الاقتصادية والأمنية.
وبين من يرى أن المغرب يمر بـ”عاصفة مؤقتة” ستنتهي مع استقرار المناخ السياسي، ومن يحذر من مسار طويل من التراجع الحقوقي، يبقى المؤكد أن البلد يقف أمام مفترق طرق حاسم، فإما استعادة الثقة عبر إصلاحات عميقة، أو المخاطرة بفقدان الرصيد الذي بناه خلال عقدين من الإصلاحات المتدرجة.
فاطمة تورال
العدل دائما يكون اساس الدول والحكومات وعندما تسقط كل مبادله.. فلا عيب ان تسقط كل مؤسسات الدولة ..
داءما ما كانت الحضارات القوية تعتمد العدل لاستمرار
ظلم الشعوب لا يطيل عمر الاقوياء
تعليق واحد