الصحافة في مواجهة العنف: بلاغ أصفر بلون الإنذار

آخر الأخبار

الصحافة في مواجهة العنف: بلاغ أصفر بلون الإنذار

رصد المغرب/عبد العالي بريك 

في بيان تضامني يحمل نبرة احتجاجية هادئة لكنها مشحونة بالادانة، عبّرت نقابة الصحافيين المغاربة عن غضبها واستنكارها الشديدين للاعتداء الذي تعرض له الزميل مصطفى زريزع، مراسل موقع “TV بلا زواق”، خلال تغطيته لاحتفالات عاشوراء بمنطقة القدس – عمالة البرنوصي، والذي أسفر عن إصابته بكسر في الورك استدعى نقله للعلاج العاجل.

النقابة، التي لم تكتفِ بالإدانة، وجهت خطابًا مزدوجًا للرأي العام وللسلطات على حد سواء، فأعلنت تضامنها المطلق مع الزميل المصاب، وطالبت بفتح تحقيق عاجل ونزيه في الواقعة، داعية في الآن ذاته إلى توفير الحماية الكافية للصحافيين أثناء تأدية مهامهم الميدانية، في بلد يُفترض أنه اختار طريق الإصلاح وتعزيز حرية التعبير.

لكن المثير في هذا البلاغ لم يكن مجرد مضامينه، بل رمزيته، حين دعت النقابة جميع منتسبيها إلى ارتداء الشارة الصفراء يوم الإثنين 8 يوليوز، تعبيرًا عن الاستنفار والتضامن في آن، فيما أطلقت حملة رقمية تحت وسم #الصحافة_بلا_عنف، ساعية إلى توسيع رقعة التنديد وتعبئة الجسم الصحافي بكل وسائط التعبير المتاحة.

بلاغ النقابة بدا متوازنًا في لغته؛ إذ جمع بين الإدانة الحادة للاعتداء – الذي وصفه بـ”الجبان” – وبين الإشادة بالتدخل السريع للأجهزة الأمنية المحلية، وعلى رأسها رئيس المنطقة الأمنية سيدي البرنوصي، ورئيس دائرة السلام 2، وفرقة الدراجين، وهو ما يؤشر على وعي نقابي حريص على عدم تحويل الواقعة إلى ساحة خصومة مع الدولة، بل محاولة لاستثمارها لتجديد الالتزام المشترك بحماية الصحافيين.

في العمق، يطرح البلاغ سؤالًا أوسع من مجرد التضامن مع زميل جريح: هل أصبحت التغطية الميدانية في الأحياء الشعبية مخاطرة مهنية؟ وهل ما يزال الصحافي يحظى بالاحترام الرمزي الذي يُفترض أن يحيط بحاملي الكلمة والصورة في فضاء عام متوتر؟

كما يدعو البلاغ، بحكمة استباقية، إلى توثيق أي اعتداءات يتعرض لها الصحافيون، والتعاون مع السلطات لتقديم الجناة للعدالة. وهذا تحول مهم في الخطاب النقابي؛ من مجرد الشكوى إلى التأسيس لمنهجية توثيق ومناصرة، تنقل الجسم الصحافي من موقع الضحية إلى موقع الفاعل المدني المسؤول.

في زمن تتقاطع فيه الانفجارات الاجتماعية مع هشاشة الوعي الجماعي بدور الصحافة، يبدو الشعار الذي اختارته النقابة (#الصحافة_بلا_عنف) أكثر من مجرد وسم تضامني. إنه إعلان إنذار بلون أصفر، يلوّح بمخاطر متنامية تستهدف حرية المهنة وسلامة العاملين فيها، ويطالب بإعادة الاعتبار للصحافة كمرفق عام لا كجسد مباح في ساحة الفوضى.

إرسال التعليق