الصين تملأ فراغ الغرب وسط تراجع المساعدات الغربية

آخر الأخبار

الصين تملأ فراغ الغرب وسط تراجع المساعدات الغربية

رصد المغرب 

تعيش منطقة جنوب شرق آسيا مرحلة انتقالية دقيقة في موازين التمويل التنموي، وفق ما كشفت عنه دراسة حديثة صادرة عن “معهد لوي” الأسترالي للأبحاث، في ظل تقلص الدعم الغربي وتنامي الحضور الصيني.

ففي الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية إلى تقليص برامج مساعداتها الإنمائية، تبرز الصين كفاعل محوري في إعادة تشكيل خريطة التنمية الإقليمية، مدفوعة برغبتها في توسيع نفوذها الجيوسياسي عبر مشاريع البنى التحتية الكبرى.

وأوضحت الدراسة، التي نُشرت الأحد من مقر المعهد في سيدني، أن “المنطقة تواجه حالة من عدم اليقين” نتيجة السياسات الانعزالية المتزايدة في الغرب، والتي شملت إجراءات مثل التعريفات الأميركية “العقابية” وخفضات حادة في المساعدات التنموية.

ووفق التقرير، فإن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أوقفت مساعدات بقيمة تقارب 60 مليار دولار، وهو ما مثّل الجزء الأكبر من برنامج المساعدات الخارجية الأميركية. كما أعلنت سبع دول أوروبية، من بينها فرنسا وألمانيا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، عن خفض تدريجي لمساعداتها بحوالي 17,2 مليار دولار بين عامي 2025 و2029. أما المملكة المتحدة، فقد قررت خفض 7,6 مليارات دولار سنويًا من تمويلها التنموي.

وتتوقع الدراسة أن ينخفض إجمالي التمويل التنموي الرسمي في جنوب شرق آسيا بأكثر من مليار دولار بحلول عام 2026، ما سيؤثر بشدة على القطاعات الأكثر هشاشة مثل التعليم، والصحة، والمجتمع المدني، والتي تعتمد على التمويل الثنائي المباشر.

وبينما ينكمش الدور الغربي، يبدو أن مركز الثقل في مشهد التنمية يتحول شرقًا، مع تعزيز الصين لوجودها إلى جانب مانحين آسيويين آخرين كاليابان وكوريا الجنوبية. وقد رفعت بكين حجم تمويلها التنموي للمنطقة إلى 4,9 مليارات دولار عام 2023، بزيادة قدرها 1,6 مليار دولار عن العام السابق، معظمها من خلال مشاريع ضخمة في البنى التحتية، أبرزها سكك الحديد في إندونيسيا وماليزيا.

وترى الدراسة أن هذا التحول قد يُضعف موقف دول جنوب شرق آسيا التفاوضي أمام بكين، خصوصًا في ظل تقلص البدائل التمويلية، ما يمنح الصين نفوذًا إضافيًا في رسم أولويات التنمية الإقليمية وشروطها.

وبينما تتراجع أوروبا وأميركا خطوة إلى الوراء، تتحرك الصين بثبات لملء الفراغ، في مشهد جديد يعيد رسم خريطة التمويل والنفوذ في جنوب شرق آسيا.

إرسال التعليق