“اللقاء مع وزير الداخلية” ضرورة ترتيب البيت السياسي قبل المواعيد الوطنية

آخر الأخبار

“اللقاء مع وزير الداخلية” ضرورة ترتيب البيت السياسي قبل المواعيد الوطنية

رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي


في أجواء اتسمت بالاستعجال والجدية، انعقد لقاء هام بين وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت وزعماء الأحزاب السياسية، تفعيلا لمضامين خطاب العرش الأخير الذي دعا بوضوح إلى تعبئة وطنية شاملة استعدادا للاستحقاقات المقبلة، حيث اللقاء دام قرابة ساعتين وشهد حضورا وازنا من قيادات الأغلبية والمعارضة، مع تسجيل غياب لافت لكل من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، لأسباب لم تفصح عنها الجهات المعنية.

ورغم أن اللقاء جاء في سياق وطني سيادي يستدعي أعلى درجات الانضباط والمسؤولية، فقد بدا أن بعض المداخلات لم ترق إلى مستوى اللحظة، حيث أثيرت قضايا جانبية خارجة عن جدول الأعمال، كما شهدت بعض المواقف ارتباكا وسوء تركيز، كأن يخاطب أحد الزعماء وزير الداخلية بـ”رئيس الحكومة” في زلة لسان تعكس ربما التوتر أو غياب التحضير الجيد، بل الأدهى أن نفس المتدخل عاد ليقترح ترتيب المداخلات حسب تمثيلية الأحزاب في البرلمان، وهو ما رد عليه الوزير بوضوح، مذكرا بأن هذا اللقاء ليس مناسبة لتنازع الأدوار، بل محطة تشاورية تعلو فيها مصلحة الوطن على منطق المقاعد والحسابات.

هذه الأجواء بكل صراحتها، تدفعنا إلى مساءلة واقع نخبنا السياسية سؤالا محوريا، وهو هل تملك اليوم فعلا الرؤية والنفس اللازمين لإنجاح مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد؟، وهل ما زال بعض زعمائنا ينظرون إلى المشهد السياسي بعين المسؤولية؟، أم أن هناك من لا يزال أسيرا للخطابات الشعبوية والتموقعات الحزبية الضيقة؟.

ما نحتاجه اليوم ليس فقط انتخابات نزيهة تشرف عليها مؤسسات دستورية مشهود لها بالكفاءة، بل نحتاج كذلك إلى نخب سياسية تترفع عن الصغائر وتدرك أن المغرب أمام استحقاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبرى تتطلب إصلاحا حقيقيا في الفكر والممارسة.

صحيح أن اللقاء مع وزير الداخلية كشف عن بعض الأعطاب، لكنه في الآن ذاته وفر فرصة لتشخيص واقع مأزوم، وربما دق جرس إنذار يحتاجه الجميع، خاصة أولئك الذين يتحدثون باسم الشعب دون أن يصغوا إلى نبضه الحقيقي.

قد لا يكون الأمل مفقودا، لكن وضوح الرؤية والصدق في التشخيص والجرأة في التغيير، هي وحدها القادرة على إعادة الثقة إلى الفعل السياسي، وتجنيب الوطن كلفة الإخفاق في محطات مفصلية.

إرسال التعليق