تجول المختلين عقليا في شوارع المدن المغربية هو خطر صامت يهدد الأمن العام

تجول المختلين عقليا في شوارع المدن المغربية هو خطر صامت يهدد الأمن العام
رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي
تشهد بعض المدن المغربية في الآونة الأخيرة ظاهرة مقلقة تتمثل في تجول أشخاص يعانون من اضطرابات عقلية حادة في الشوارع دون أي إشراف أو رعاية طبية، ما يشكل تهديدا مباشرا للأمن العام وينشر حالة من انعدام الطمأنينة بين المواطنين، حيث تكشف هذه الظاهرة عن خلل واضح في منظومة الرعاية الصحية والاجتماعية، إضافة إلى ضعف التنسيق بين الجهات المسؤولة عن متابعة هذه الحالات.
ويؤكد مختصون في الطب النفسي أن بعض هؤلاء المرضى يفقدون القدرة على التمييز أو السيطرة على سلوكهم، مما يجعلهم عرضة لإيذاء أنفسهم أو الآخرين دون قصد، فقد شهدت الأشهر الأخيرة حسب مصادر محلية، وقوع حوادث مؤلمة كان وراءها مختلون عقليا، حيث فقد بعض المواطنين حياتهم نتيجة اعتداءات مفاجئة بأدوات حادة، فيما نجا آخرون بأعجوبة.
وحسب القوانين المغربية الجاري بها العمل، فإن المجلس الجماعي يتحمل المسؤولية المدنية في مثل هذه الوقائع أمام القضاء، بالنظر إلى اختصاصه في تدبير الشأن المحلي وضمان الأمن الصحي والاجتماعي داخل الجماعة، حيث مسؤولية السلطة المحلية تبقى أيضا قائمة، باعتبار دورها في المراقبة والتدخل، خاصة وأن بعض هؤلاء المرضى يتجولون على مرأى من الدوائر الإدارية والعمالات دون أن تحرك أي مسطرة قانونية في حقهم، في حين يجمع متتبعون على أن المسؤولية في نهاية المطاف تبقى مشتركة بين المنتخب والمعين.
وفي المقابل يعبر عدد من المواطنين عن قلقهم من انتشار هذه الحالات في الأحياء والأسواق، خصوصا عندما تظهر سلوكيات عدوانية أو غير مألوفة، حيث صرح بعض سكان مدينة سلا، بأنهم يروا يوميا أشخاصا يتحدثون مع أنفسهم أو يصرخون دون سبب، وبعضهم يتصرف بعنف، كل ذلك يبعث فيهم حالة الخوف وخاصة على أطفالهم.
ويحمل مهتمون بالشأن الاجتماعي المسؤولية لعدة قطاعات، أبرزها ضعف التنسيق بين وزارات الصحة والداخلية والتضامن الاجتماعي، إلى جانب قلة مؤسسات الرعاية المتخصصة وغياب برامج المتابعة الميدانية للمرضى بعد مغادرتهم المصحات.
ويرى خبراء أن الحل لا يكمن في عزل هؤلاء الأشخاص عن المجتمع، بل في إعادة تأهيل منظومة الرعاية النفسية وتفعيل برامج التدخل المجتمعي والمتابعة الطبية المستمرة، مع سن تشريعات واضحة تحدد مسؤولية كل جهة رسمية في حماية المرضى والمجتمع على حد سواء.
إن وجود أشخاص يعانون من اضطرابات عقلية حادة يتجولون في الشوارع دون رعاية ليس مجرد مشهد عابر، بل مؤشر خطير على تقصير مؤسسي يستدعي معالجة جذرية تحفظ كرامة المريض وتضمن سلامة المواطنين.
إرسال التعليق