
تحول براغماتي في موقفي الصين وروسيا من قضية الصحراء المغربية نحو دعم متزايد لمبادرة الحكم الذاتي
رصد المغرب / عبد الصمد الشرادي
في تطور لافت يعكس التحولات العميقة في المشهد الجيوسياسي الدولي، كشفت تحليلات سياسية حديثة عن تراجع ملحوظ في مواقف كل من الصين وروسيا من الحياد التقليدي اتجاه قضية الصحراء المغربية، لصالح توجه أكثر تقاربا مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام لهذا النزاع الإقليمي المزمن.
وأبرز تقرير صادر عن مركز “السياسات من أجل الجنوب الجديد” أن كلا القوتين العالميتين—بكين وموسكو—تبنتا في الآونة الأخيرة مواقف توصف بـ”البراغماتية”، مبتعدتين عن الخطاب الكلاسيكي الداعم لما يسمى بـ”حق تقرير المصير”، والذي شكل لسنوات طويلة مرجعية لهما في التعاطي مع هذا الملف المعقد.
وأوضح التقرير أن الصين، التي عززت خلال العقد الأخير حضورها الاقتصادي والدبلوماسي في القارة الأفريقية، باتت تظهر دعما صريحا للوحدة الترابية للمملكة المغربية، حيث يتجلى هذا التحول في امتناع بكين عن انتقاد مبادرة الحكم الذاتي، وتجنبها منح أي تمثيلية لجبهة البوليساريو في المنتديات الدولية، كما حدث في منتدى التعاون الصيني-الأفريقي عام 2024.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس مصالح اقتصادية متنامية للصين في المغرب، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والبنى التحتية، حيث تعد المملكة شريكا محوريا ضمن مشروع “الحزام والطريق”، ما يعزز من أهمية الاستقرار الإقليمي بالنسبة لبكين.
وأما روسيا، التي لطالما حافظت على علاقات تقليدية قوية مع الجزائر، فقد بدأت تنحو نحو “الحياد البناء”، وهو ما يتجلى في امتناعها المتكرر عن التصويت داخل مجلس الأمن بشأن القرارات المتعلقة بالصحراء المغربية، حيث يعتبر التقرير أن هذا الموقف الروسي يعكس نوعا من إعادة التموضع الاستراتيجي، خاصة في ظل التحديات التي تواجه موسكو على الساحة الدولية عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وفي مؤشر عملي على هذا التحول، خصص المغرب حصص صيد جديدة لروسيا في المياه الإقليمية المقابلة للأقاليم الجنوبية، دون أن يقابل ذلك بأي رد فعل سلبي من الجزائر أو البوليساريو، في دلالة على براغماتية موسكو الجديدة اتجاه النزاع.
ويربط التقرير بين هذه التغيرات في موقفي الصين وروسيا، وبين التحولات الأوسع التي يعرفها النظام الدولي، خاصة مع صعود أدوار القوى الإقليمية، وتزايد أهمية الأمن الطاقي والغذائي، فضلا عن الاستقرار السياسي، خاصة يبدو أن المغرب، بفضل موقعه الجيوستراتيجي وتقدمه في عدة قطاعات اقتصادية، بات يمثل شريكا أكثر جاذبية في نظر القوى الكبرى، ما يعزز من موقع مبادرته للحكم الذاتي كخيار توافقي يلقى قبولا متزايدا.
وفي خضم هذا التحول الدولي، تزداد عزلة الطرح الانفصالي وتتعزز فرص الحل السلمي تحت السيادة المغربية، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
إرسال التعليق