تركيا تستثمر في ذهب المواطنين لتعزيز الاقتصاد ومواجهة التقلبات

آخر الأخبار

تركيا تستثمر في ذهب المواطنين لتعزيز الاقتصاد ومواجهة التقلبات

رصد المغرب /

في خطوة تعكس توجها استراتيجيا جديدا لمواجهة التحديات الاقتصادية، أطلقت الحكومة التركية سلسلة من البرامج الرامية إلى استثمار الذهب المدخر لدى المواطنين، والذي يقدر وزنه الإجمالي بأكثر من 5 آلاف طن مخزنة خارج النظام المصرفي.

ويعد الذهب في تركيا تقليدا ثقافيا واقتصاديا راسخا، إذ يفضل ملايين الأتراك ادخاره على شكل مصوغات أو سبائك، كملاذ آمن ضد تقلبات العملة والتضخم، واليوم تسعى الدولة إلى إعادة توجيه هذا المخزون الهائل ليصبح جزءا من الدورة الاقتصادية الرسمية.

وتعمل آلية هذا البرنامج بالتعاون بين وزارة الخزانة والبنك المركزي التركي، حيث تم تطوير أدوات مالية تتيح للمواطنين إيداع الذهب في البنوك مقابل شهادات وقيم نقدية، أو فتح حسابات ذهبية تدر عوائد سنوية، وتتيح هذه الحسابات أيضا للمودعين استرداد ذهبهم الفعلي أو ما يعادله نقدا عند الطلب.

كما أطلقت الحكومة صناديق استثمارية مدعومة بالذهب، إلى جانب إصدار سندات خزينة ذهبية، يمكن تداولها في الأسواق أو الاحتفاظ بها كأدوات ادخار طويلة الأجل، حيث يهدف هذا التوجّه إلى تحقيق عدة مكاسب اقتصادية أبرزها، تعزيز احتياطي النقد الأجنبي من خلال إدخال الذهب إلى النظام المصرفي، وتقليل الدولرة من خلال الاعتماد على الذهب كأداة استثمار واحتياط، وتشجيع المواطنين على الادخار البنكي بدلا من التخزين المنزلي غير المنتج، وكذلك توفير سيولة داخلية تدعم ميزان المدفوعات وتخفف الضغوط عن الليرة التركية.

وفي تصريح سابق، أوضح وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، أن “تحويل الذهب من الخزائن الخاصة إلى خزينة الدولة عبر آليات آمنة وشفافة سيسهم في تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني، ويدعم جهود الاستقرار المالي”، حيث التحديات والثقة مفقودة، فرغم أن هذه البرامج قوبلت بترحيب في الأوساط الاقتصادية، إلا أن التطبيق يواجه تحديات على أرض الواقع، فالكثير من المواطنين لا يزالون مترددين في تسليم ذهبهم إلى البنوك، في ظل مخاوف متجذرة بشأن الأمان والثقة بالسياسات المالية، خاصة بعد تكرار تدخل الدولة في الأسواق خلال السنوات الماضية.

وكذلك يشكك بعض الخبراء في قدرة هذه البرامج على تحقيق أهدافها ما لم تستكمل بإصلاحات أعمق تشمل استقلالية البنك المركزي، وضبط التضخم، وتحقيق استقرار تشريعي واستثماري حقيقي.

ويرى البعض أن هناك أثر محتمل على الأسواق في حال نجحت الحكومة في جذب جزء معتبر من الذهب المخزن، حيث يتوقع أن يشهد الاقتصاد التركي دفعة في احتياطي العملات الأجنبية، ما قد ينعكس على تحسن قيمة الليرة، وخفض تكاليف الاقتراض، وخلق بيئة أكثر استقرارا لجذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن هذا النجاح يظل مرهونا بقدرة الدولة على تعزيز الشفافية، وضمان عوائد مشجعة، وحماية حقوق المودعين.

وبينما تمثل برامج استثمار ذهب المواطنين فرصة لإنعاش الاقتصاد التركي، فإن نجاحها يتطلب مزيجا من الحوافز الجذابة، والإصلاحات الهيكلية، وثقة المجتمع، ففي بلد تعد فيه المجوهرات أكثر من مجرد زينة، بل مخزنا للقيمة وأمانا في مواجهة المجهول، فإن تحويل الذهب إلى ركيزة اقتصادية وطنية سيكون اختبارا حقيقيا لسياسات الحكومة وفاعلية مؤسساتها المالية.

إرسال التعليق