آخر الأخبار

تصاعد خطاب تقرير المصير في القبائل يسبب توتر سياسي يربك المشهد الجزائري

تصاعد خطاب تقرير المصير في القبائل يسبب توتر سياسي يربك المشهد الجزائري

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


تعيش الجزائر خلال السنوات الأخيرة على وقع تصاعد أصوات تدعو إلى تقرير مصير منطقة القبائل، في مشهد يثير قلق النظام العسكرب قلقا واسعا، وأيضا لدى شريحة من الجزائريين، ممن يرون في هذه المطالب تهديدا للوحدة الوطنية، فيما يعتبرها آخرون فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمنطقة ذات الخصوصية الثقافية والسياسية، ولكن هو مكر حاق بصاخبه، بل هي حجر في “سباط” النظام العسكري.

ورغم أن الخطاب الانفصالي ما يزال خارج المشهد السياسي الرسمي داخل الجزائر، إلا أن بعض بيانات حركة انفصال القبائل، والمعروفة اختصارا بـ”الماك” ، تعكس توجها متصاعدا نحو المطالبة بالانفصال الكامل، بعد سنوات من الدعوة إلى الحكم الذاتي.

وفي الآونة الأخيرة، تداولت منصات رقمية حديثا عن نية الحركة الإعلان عن استقلال رمزي للمنطقة خلال شهر دجنبر الحاري، وتحديدا يوم 14 دجنبر 2025 كما جاء على لسان زعيمهم ” فرحات مهني”، عبر فعالية يخطط لتنظيمها في باريس، في ظل غياب تعليق رسمي جزائري حول هذه المزاعم.

ويستند الخطاب الانفصالي إلى سردية تعتبر أن “التجربة التاريخية بين الدولة والقبائل كانت بمثابة زواج فاشل”، وفق تعبير “فرحات مهني”، الذي يحمل السلطات الجزائرية مسؤولية ما يقول إنه “تهميش ثقافي وإقصاء سياسي وتضييق أمني المستمر، وفمع شبابها واعتقالهم، بل مطاردتهم أينما ذهبوا”، مطالبين بإنهاء ما يصفونه بـالحلقات المتكررة من القمع والاعتقالات وتراجع التنمية.

وفي المقابل يتمسك جزء واسع من الرأي العام الجزائري بفكرة الدولة الوطنية الموحدة، ويرى أن أي مسعى للتقسيم “خط أحمر” ومساس بمكتسبات تاريخية دفعت في سبيلها تضحيات باهظة، معتبرين أن “الجزائر بلد الشهداء الذي لا يقسم”، ناسين أن الجزائر هي دولة مركبة على مقاطع من دول الحوار، حيث تشبتوا بمبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار.

ومن الاحتجاج إلى الحركة السياسية، هو مسار “الماك” منذ 2001، حيث تعود نشأتها إلى عام 2001، عقب اضطرابات “الربيع الأسود” في منطقة القبائل، والتي خرجت فيها مظاهرات احتجاجية رفعت مطالب اجتماعية وحقوقية وثقافية تخص الهوية الأمازيغية والمسار الديمقراطي في البلاد، وهو ما جعل الحركة تنطلق حينها تحت اسم “حركة استقلال القبائل”، قبل أن تغير اسمها عام 2003 إلى “حركة تقرير مصير منطقة القبائل”، بما يعكس انتقالها من خطاب حقوقي إلى خطاب سياسي يتبنى مطالب الحكم الذاتي، ثم الانفصال الكامل.

تقدم الحركة نفسها كتنظيم قومي أمازيغي يسعى لبناء “كيان مستقل”، وتستند إلى تصور يعتبر أن المنطقة تمتلك “الكفاءات والقدرات” الكافية لتأسيس دولة ذات مؤسسات قادرة على الانخراط في المحافل الدولية، حيث يتمركز نشاطها خارج الجزائر، ويقع مقرها الرئيسي في باريس، و معظم قادتها يقيمون في فرنسا.

ومع غياب الرد الرسمي في إطار متابعة التطورات، تم التواصل مع وزارة الخارجية الجزائرية من طرف منابر إعلامية للحصول على تعليق رسمي بشأن تصاعد الخطاب الانفصالي، غير أن الوزارة لم تقدم ردا على الاستفسارات حتى لحظة نشر هذا المقال وسط مشهد مفتوح على عدة احتمالات.

ويبدو أن ملف القبائل ما يزال من أكثر الملفات حساسية في الجزائر، بالنظر إلى تداخل أبعاده التاريخية والثقافية والسياسية، حيث بين مخاوف التفكك وتطلعات التغيير، تستمر نقاشات الهوية والانتماء وإدارة الاختلاف في رسم المشهد، وسط تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الدولة والمنطقة، وما إذا كان الحوار قادرا على احتواء التوترات قبل وصولها إلى نقطة اللاعودة.

إرسال التعليق