
تعطيل صلاة الجمعة بمسجد حي مولاي إسماعيل بسلا بسبب غياب الخطيب يثير سخط المصلين ويكشف خللًا في تدبير الشأن الديني
رصد المغرب/نعيم بوسلهام
في حادثة غير مسبوقة تُثير تساؤلات عميقة حول تدبير وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للشأن الديني، فوجئ مصلو حي مولاي إسماعيل بمدينة سلا يومه الجمعة 25 يوليوز 2025 بإلغاء صلاة الجمعة بمسجد الحي الوحيد الذي تقام فيه صلاة الجمعة والاستعاضة عنها بصلاة الظهر الأمر الذي خلف إستياء عارما لدى جموع المصلين، وذلك بسبب غياب الإمام والخطيب، دون تقديم أي تفسير رسمي أو بديل آنِيّ يعوّض غيابه.
الواقعة التي وُصِفَت من طرف عدد من المصلين بـ”الفضيحة الروحية”، دفعت بالمئات إلى أداء صلاة الظهر بدلًا من الجمعة، في مشهد نادر ومؤلم، يعكس هشاشة المنظومة التدبيرية للمساجد وافتقارها لأدنى شروط المرونة والاستعداد لمواجهة الطوارئ.
بيروقراطية قاتلة تشلّ بيوت الله
مصادر من داخل الحي أكدت أن مصالح مندوبية الشؤون الإسلامية بسلا فشلت في إيجاد بديل للخطيب الغائب رغم علمها المسبق بالوضع، مشيرة إلى أن الإجراءات الإدارية البطيئة والمرتبطة بتسلسل القرارات وعدم تفويض الصلاحيات، حالت دون التحرك السريع، ما أدى إلى ضياع خطبة الجمعة وإسقاط أحد أهم الشعائر الجامعة في الإسلام.
وقد انتظر المصلون داخل المسجد لأزيد من 45 دقيقة على أمل إيجاد حل عاجل، لكن دون جدوى. ومع حلول موعد الأذان الثاني، اضطر القيمون على المسجد إلى إغلاق المنبر وتأدية صلاة الظهر بدلًا من الجمعة، وهو ما اعتُبر خرقًا غير مسبوق لحُرمة الشعيرة في قلب العاصمة الروحية للمملكة.
أسئلة محرجة لمسؤولي الشأن الديني
الحادثة أعادت إلى الواجهة الانتقادات الموجهة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، خاصة في عهد الوزير أحمد التوفيق، الذي عمّر طويلاً على رأس الوزارة دون أن يواكب دينامية المجتمع وتحدياته المتغيرة. فالنموذج البيروقراطي المركزي الذي تعتمد عليه الوزارة في تسيير المساجد، يجعل من المستحيل التحرك بفعالية في حالات الطوارئ، حيث تظل كل خيوط القرار مشدودة إلى المندوبيات، التي بدورها تخضع لضوابط صارمة وتعليمات مسبقة، مما يجمّد أي مبادرة محلية قد تُجنّب المصلين الإحراج وتعطيل الفريضة.
صرخة من حي مولاي إسماعيل: أين الأمن الروحي؟
عبّر عدد من المصلين عن سخطهم الشديد من هذا “التقصير الإداري الجسيم”، معتبرين أن غياب الخطيب لا يُفترض أن يؤدي إلى إلغاء صلاة الجمعة، ما دام بالإمكان تعويضه بسرعة بخطيب آخر من نفس المدينة أو من المساجد القريبة. وأضاف أحد المصلين: “كنا ننتظر من مندوبية الشؤون الإسلامية أن تتدخل فورًا، لكن يبدو أن التعليمات والورق أهم عندهم من شعائر الله”.
دعوة إلى إصلاح جذري
الواقعة المؤسفة تضع المسؤولين أمام مرآة واقع مأزوم، يتطلب إعادة نظر شاملة في كيفية تسيير المساجد، عبر منح الأئمة والقيمين الدينيين والمندوبيات صلاحيات أوسع، وتوفير آلية تدخل سريعة في حالات الغياب أو الطوارئ، بدل الاعتماد الأعمى على التسلسل الإداري والقرارات المركزية.
فالمسجد ليس مجرد بناية، بل مؤسسة روحية يجب أن تُدار بكفاءة ومرونة ومسؤولية، تراعي قدسية الزمان والمكان، وتحترم حق المواطنين في أداء الشعائر الدينية دون تعطيل أو إذلال.
حادثة مسجد حي مولاي إسماعيل بسلا ليست مجرد خطأ إداري عابر، بل مؤشر خطير على اختلالات أعمق في تدبير الشأن الديني، وتحدٍ صارخ أمام دولة تُعلن في دساتيرها التزامها بحماية الأمن الروحي لمواطنيها. فهل تتحرك وزارة الأوقاف لمعالجة هذا الخلل، أم أن “الجمعة” ستظل رهينة لبيروقراطية تُعطّل حتى الصلوات؟
إرسال التعليق