آخر الأخبار

سمات شخصية جيل “Z-212”: قراءة على ضوء نموذج هكساكو للشخصية

سمات شخصية جيل “Z-212”: قراءة على ضوء نموذج هكساكو للشخصية

رصد المغرب/

بقلم:د. حسن بودساموت

أخصائي وباحث في القياس النفسي وعلم النفس الإكلينيكي  

 

يعتبر جيل “Z”– أي الشباب المولود تقريبًا بين 1995 و2010 – من أبرز الأجيال التي تشكل النسيج الديمغرافي للمغرب اليوم إذ يقدرون بحوالي: 8.2 مليون نسمة. لقد نشأ جيل”Z” في ظل التحولات الرقمية الكبرى التي شهدها العالم، بين الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والتعليم عبر الإنترنت، ما أضفى على شخصيته خصائص مختلفة عن الأجيال السابقة (جيلي “X”و”Y”) ولفهم هذه السمات، استعنابأحدث استبيان للشخصية لفهم أعمق لشخصيته، قائم على نموذج هكساكو (HEXACO) الذي يقيس ستة أبعاد أساسية للشخصية: الأمانة-التواضع، الانفعالية، الانبساط، المقبولية، يقظة الضمر، والانفتاح على الخبرة إلى جانب مقاييس نفسية أخرى. وقد قمنابتحليل نتائج هذه الدراسة من قاعدة معطيات إحصائية جمعناها على مدار عدة سنوات،وتكون من أزيد من (929) مفحوصا غطت الأجيال: “Z”و”X”و”Y”.

1.الأمانة – التواضع (Honesty–Humility)

تشير النتائج إلى أن جيل “Z” المغربي سجل درجات أقل مقارنة بجيل “X”و”Y”.هذا قد يعكس نزعة أقوى نحو البراغماتية والبحث عن حلول سريعة لتحقيق الطموحات، مقابل التشبث بالقيم التقليدية عند الجيل السابق. لقد أظهر جيل “Z”حسا كبيرا بالعدالة ورفضا متزايدا للفساد وللمحسوبية. فهو يتطلعإلى مجتمع أكثر شفافية، ويتفاعل بقوة مع القضايا الاجتماعية والسياسية عبر شبكات التواصل وأغاني الراب والهيب هوب. ومع ذلك، قد يشعر بعضهم بالإحباط حين لا يجدون انسجاما بين القيم المعلنة والواقع السياسي والاجتماعي المعيش.

 

 

  1. الانفعالية (Emotionality)

هذه السمة كانت أعلى عند جيل “Z” مقارنة بجيلي”X”و”Y”، مما يعني أنهم أكثر حساسية عاطفية، وأكثر عرضة للقلق والضغط النفسي. قد يرتبط ذلك بسرعة التغيرات الرقمية والاجتماعية التي يعيشونها، إضافة إلى التحديات الاقتصادية مثل البطالة والآثار النفسية لجائحة كورونا وصعوبات الاندماج في سوق الشغل. وقد كشفت دراسة أخرى أجريناها أن جيل زد كان أعلى عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية من جيل “X”و”Y”وفق “قائمة الأعراض المرضية “SCL-90-R و”مقياس بيك-2 للاكتئاب” و”مقياس التوتر والقلق والاكتئاب”DASS-21ومؤشر الاضطراب النفسي على اختبار الرورشاخ الإسقاطي للشخصية “بتقنية إريكسون-هاروير”، مما يدق ناقوس الخطر حول ضرورة الرعاية النفسية وتحقيق الرفاهية le bien-être لجيل “Z”.

  1. الانبساط (Extraversion)

كان جيلي:”X”و”Y” أكثر انبساطا من جيل “Z”الذي مال على العكس إلى الانطواء والانزواء في عالمه الرقمي الساحر بعيدا عن العالم الواقعي الملموسكالتفاعل ومشاركة المحتوى عبر وسائل التواصل والألعاب الإلكترونية الجماعيةوالمجتمعات الافتراضية، بينما في الواقع المباشر قد يظهرعلى بعضهم التحفظ أو القلق الاجتماعي.

  1. المقبولية (Agreeableness)

حصل جيلي: “X”و”Y” على درجة أعلى في بعد المقبولية مقارنة بجيل: “Z”، فهذا الجيل يعبر عن تعاطفه مع المجتمع عبر التضامن الرقمي والمبادرات الافتراضية، مدافعا عن قضايا اجتماعية وسياسية يعتبرها جوهرية كتوفير الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية متبنيا خطابا سلميا، في حين يتبنى جيلي”X”و”Y”أساليب وطرقا تقليدية في الدفاع عن هاته القضايا المجتمعية. لكن ما لاحظناه بداية هذا الأسبوع هو انتقال جيل: “Z” للنضال من العالم الافتراضي إلى العالم الملموس بأسلوب سلمي ومتحضر.

 

  1. الضمير الحي (Conscientiousness)

جيلي”X”و”Y” سجلا درجات أعلى مقارنة بجيل “Z”، فرغم طموحه الكبير، فإنه قد يعاني من تشتت الانتباه وضعف التركيز في الحياة اليومية. لكنه مقابل ذلك يبدي قدرا كبيرا من الالتزام في مشاريع العمل المستقلة أو المبادرات الرقمية. مما يتطلب توجيهه نحو مهن المستقبل واعتماد اختبارات الذكاء والقدرات العقلية ومقاييس الميولات المهنية في توجيهه بدل المعدلات الدراسية. فمن خلال دراساتنا حول ذكاء جيل “Z” أن طلبة المدارس غير التقليدية كمدرسة “1337” قد حصلوا على درجات ذكاء أعلى على “مصفوفات رافن المتقدمة للذكاء” مقارنة مع طلبة المدارس والمعاهد العليا التي تتطلب معدلات مرتفعة للولوج إليها.

  1. الانفتاح على الخبرة (Openness to Experience)

المفاجأة أن جيلي “X”و”Y” أظهرا مستويات أعلى في هذا البعد مقارنة بجيل “Z”، في حين يفترض أن الجيل الرقمي أكثر انفتاحا،وهذه النتيجة تتطلب المزيد من البحث والدراسة.

الخلاصة:

يكشف تحليل سمات جيل “Z” المغربي وفق نموذج هكساكوHEXACOيمتلك شخصية حساسة، شديدة الانفعال، متأثرة بالتحولات الرقمية من حولها، لكنها أقل التزاما بالقيم التقليدية والانضباط الذاتي مقارنة بالأجيال السابقة. هذه النتائج تدعوا الباحثين وصناع القرار إلى فتح قنوات الحوار مع هذا الجيل “Z” والإنصات لهمومه وتطلعاته بدمجه في المجتمع،وتحقيق الرفاهية النفسية، والعيش الكريم،والعناية بصحته النفسية، وإطلاق طاقاته وقدراته الإبداعية والابتكارية في المجالات الرقمية والتكنولوجية، كصناعة الألعاب والبرمجة والذكاء الاصطناعي والصحافة والتجارة الالكترونية وغيرها من مهن المستقبل.

إرسال التعليق