صمت الحكومة وسط العاصفة الرقمية: اختراقات إلكترونية تهز المغرب والملايير في مهب الريح.

صمت الحكومة وسط العاصفة الرقمية: اختراقات إلكترونية تهز المغرب والملايير في مهب الريح.

رصد المغرب /

في سابقة خطيرة تهدد الأمن السيبراني الوطني، تعرضت عدة مواقع حكومية مغربية حيوية لهجمات إلكترونية من نوع DDoS (الحرمان من الخدمة)، مما تسبب في توقف شبه تام لمنصات إدارية ووزارية تقدم خدمات يومية للمواطنين. هذه الهجمات التي يصفها الخبراء بكونها منسقة واحترافية، أماطت اللثام عن هشاشة البنية التحتية الرقمية للدولة، رغم عشرات الملايير التي تم إنفاقها في السنوات الأخيرة على مشاريع التحول الرقمي والأمن المعلوماتي ، فمن المسؤول؟ وأين الحكومة؟

بينما يتابع المواطن المغربي فوضى رقمية غير مسبوقة، تغيب الحكومة عن المشهد بشكل يثير الشكوك فلا بلاغ رسمي، ولا توضيح للرأي العام، ولا استراتيجية واضحة للتعامل مع الهجوم، ولا حتى ظهور رمزي لأي مسؤول يطمئن الناس.

فبينما يحدث كل هذا، وبينما تنفق الدولة سنوياً ميزانيات ضخمة ، تفوق أحيانا ميزانيات التعليم أو الصحة ، تحت مسميات “التحول الرقمي”، و”تعزيز الكفاءة الرقمية” و”الأمن السيبراني” ، فكيف يعقل أن تسقط مواقع حكومية بالكامل في ظرف ساعات، دون وجود خطط بديلة، أو حماية استباقية؟

الخبير المغربي حسن خرجوج، أحد أبرز الأسماء في ميدان الأمن السيبراني ، يؤكد أن ما يحدث هو “هجوم منظم من الطراز العالي”، مستدلا بخطة Kill Chain المعروفة في عالم الاختراقات الكبرى ، ويضيف أن “الهدف من هذا النوع من الهجمات لا يقتصر على حجب الخدمة ، بل إنها تستخدم كغطاء لإنهاك الفرق التقنية ، قبل تنفيذ عمليات أكثر خطورة مثل نشر برمجيات الفدية ، وسرقة البيانات ، أو التخريب الشامل

هذا فقط مجرد بداية ، و كتحذير أكبر ، لأن هناك مصادر تقنية تؤكد أن الهجوم يحمل بصمات خارجية ، والأصابع تتجه صوب الجزائر في ظل توترات متصاعدة في الخفاء بين البلدين ، وهجوم سيبراني بهذا الحجم لا يحدث صدفة ، بل هو نتاج شهور من التخطيط ، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول ما إذا كانت هناك هجمات قادمة أكثر تدميرا ،

والنتائج الكارثية المحتملة قد تشمل ، نشر فيروسات فدية تشفر قواعد البيانات وتطلب مبالغ ضخمة لفك التشفير ، وكذلك التلاعب المتعمد في البيانات الذي قد يفقد الدولة مصداقيتها أمام المواطنين والشركاء الدوليين ، وهناك زرع برمجيات تجسس متقدمة (APT) تتيح تسريب مستمر للمعلومات الحساسة دون كشفها ، ناهيك عن ضربات تخريبية ممنهجة تمحو النسخ الاحتياطية وتسقط البنية الرقمية تماما ، وكذا تسريبات إعلامية مدروسة تهدف لتشويه سمعة شخصيات ومؤسسات.

ومع كل ذلك ، فالحكومة تلتزم الصمت ، والسؤال هو  لماذا ؟ هل هو تجاهل أم  هو عجز ؟ أم أن هناك ما يخفى عن الرأي العام؟ ، فحين تنهار البوابات الرسمية للدولة ، يجب على الحكومة أن تخرج لتوضح و تشرح و تطمئن وتتحمل مسؤوليتها ، فالصمت في مثل هذه الأوقات هو تواطؤ مع العدو الرقمي.

الرسالة واضحة ، الشعب المغربي من حقه أن يعرف ماذا يحدث ، وأين صرفت الملايير؟ فما المطلوب الآن؟ هو خطة طوارئ وطنية شاملة لتأمين السيرفرات الحكومية والمنصات الرقمية ، و خروج عاجل للحكومة ببيان رسمي واضح يشرح تفاصيل الهجوم وخطوات المواجهة ، و فتح تحقيق شفاف حول الثغرات الأمنية التي سمحت بوقوع الهجوم ، و مساءلة المؤسسات المستفيدة من ميزانيات الأمن السيبراني ، ومراجعة العقود والخدمات التي تم تمويلها ، وكذلك إنشاء قيادة عليا دائمة للأمن السيبراني ، تعمل بشكل مستقل عن البيروقراطية الكلاسيكية.

فما يحدث اليوم ليس مجرد “عطل تقني”، بل هو جريمة سيبرانية منظمة ضد سيادة الدولة الرقمية ، وإذا لم تتحرك الحكومة الآن ، فإن السؤال القادم لن يكون “متى نهاجم؟” بل “كم من الوقت تبقى قبل الانهيار الكامل؟”

الساعة تدق… والشعب يترقب…

إرسال التعليق