عقار للأوقاف بمدينة تطوان يفتح ملف الفساد من جديد

عقار للأوقاف بمدينة تطوان يفتح ملف الفساد من جديد
رصدالمغرب / سالم الطنجاوي
في مدينة تطوان تفجرت خلال الأيام الأخيرة قضية أثارت جدلا واسعا بعد نشر تحقيق استقصائي على موقع “تطوان 7″، كشف معطيات صادمة حول تجديد عقد كراء عقار تابع لوزارة الأوقاف، حيث المفاجأة كانت أن المستفيد من العقد شخص مبحوث عنه منذ سنوات على خلفية ملفات الاتجار الدولي بالمخدرات، وهو ما وضع أسئلة ثقيلة حول نزاهة مساطر التدبير وحول الغطاء الذي سمح بمرور عقد من هذا النوع.
والمعطيات المنشورة أوضحت أن العقد جدد رغم الوضعية القانونية الحرجة للمستفيد، في وقت يفترض أن تخضع أملاك الأوقاف لمراقبة دقيقة بحكم مكانتها الدينية والاجتماعية، حيث لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل برزت شبهة تزوير في توقيعات ووثائق رسمية مرتبطة بالملف، ما يرفع القضية من مجرد نزاع عقاري إلى شبهة جنائية تمس نزاهة الوثائق وحرمة المال العام.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الرأي العام فتح بحث قضائي شامل يحدد المسؤوليات، فوجئ المتتبعون بإقدام ناظر الأوقاف بتطوان على رفع شكاية ضد الصحفي صاحب التحقيق، وهو ما وصفته هيئات مهنية وحقوقية بأنها محاولة للالتفاف على جوهر القضية، منها الجمعية المتوسطية للصحافة الرقمية التي اعتبرت في بيان لها أن “اللجوء إلى الشكايات الكيدية غايته التغطية على الفساد”، وأعلنت تضامنها مع الصحفي، مطالبة بفتح تحقيق عاجل يطال كل الأطراف.
قضية تطوان لم تأت معزولة، بل تعيد إلى الواجهة سلسلة فضائح عرفتها مدن مغربية أخرى خلال السنوات الأخيرة، من كراءات بأثمنة رمزية إلى تفويتات مثيرة للجدل وتجديد عقود بطرق غير شفافة، حيث هذه الوقائع المتكررة تكشف عن أعطاب بنيوية في تدبير الأملاك الوقفية، حين تغيب الشفافية وتضعف المراقبة، في وقت يفترض أن تصرف مداخيل هذه الأملاك في خدمة المساجد والتعليم العتيق والفئات الهشة.
واليوم يرى متتبعون أن قضية عقار الأوقاف بتطوان باتت اختبارا حقيقيا لمدى جدية الدولة في مواجهة الفساد وحماية المال العام، حيث استفادة شخص فار من العدالة من عقد رسمي، وظهور شبهة تزوير في وثائق عمومية، ثم ملاحقة الصحافة بدل فتح الملف، كلها عناصر تعزز المخاوف من أن تبقى الأملاك الوقفية رهينة شبكات النفوذ والزبونية.
ويبقى السؤال المطروح، هو هل ستتجه السلطات إلى فتح صفحة جديدة من الشفافية والمحاسبة في تدبير الأوقاف، أم أن الملف سيلقى مصير القضايا السابقة التي طويت دون محاسبة؟ والجواب وفق مراقبين، لن يحسم مستقبل عقار واحد في تطوان فقط، بل سيحدد صورة أوسع لعلاقة الدولة بملفات الفساد وحماية المال العام.
إرسال التعليق