
على حاشية بيان الإعفاء الزكام لبنعلي الصادق التقي الهمام
رصد المغرب/د. إدريس أوهنا، المندوب الجهوي السابق لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
طلع علينا فضيلة الدكتور مصطفى بنحمزة، الذي نكن له كل المودة والتقدير، ببيان شفهي يحمل اسم: “بيان المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق” ليبرر قرار إقالة رئيس المجلس العلمي لفكيك باعتبارات إدارية، لا يخفى على أحد أنها ليست العلة الأصلية ولا السبب المؤثر أصالة في قرار الإعفاء، واستهل بيانه بالقول: “حديثي هذا أتفعال به إن شاء الله مع ما نشرته بعض وسائل التواصل الاجتماعي حول عزل رئيس المجلس العلمي لفكيك…”
وكنا ننتظر من الدكتور الفاضل أن يطلع ليقول: “حديثي هذا أتفاعل به مع ما يجري من إبادة جماعية بالقصف، وإفناء بالتجويع -لا يرحم صغيرا ولا كبيرا- لإخواننا في غزة، وأعبر به من موقع الأمانة العلمية وواجب النصرة عن مواقفي الآتية:……….”.
لماذا يبلع العلماء الرسميون ألسنتهم، ولا يصدعون بكلمة حق في أم القضايا وأعظم المظالم والرزايا، وينصحون للحكام، ويبرئون ذمتهم أمام الله؟!
لو أن رئيس المجلس العلمي المقال كتب تدوينة يغازل فيها الكيان، هل كان سيعفى من منصبه؟
ثم الإعفاء على خلفية الغياب، لو كان هو علة الحكم، لتم إعفاؤه قبل التدوينة لا بعدها. ولوجب إعفاء غيره ـ لا هو بالذات- استنادا إلى العلة نفسها.
ومن المعلوم في أعراف العقوبات وقوانينها أن الإعفاء في مثل هذه المخالفات الإدارية يكون مسبوقا بالإنذار والتوبيخ، فإن تمادى المخالف في مخالفته بعد إنذاره وتوبيخه، من حق الإدارة الوصية إعفاؤه. أما أن يتم الإعفاء دون سابق إنذار؛ فتلك قرينة واضحة على أن خلفية الإعفاء غير ما تم الإعلان عنه، وإن اختير للإعلان علم من خيرة الأعيان، نسأل الله له الثبات في زمن الفتن هذا.. وإنها لمكيدة شيطانية أن تهتز ثقة الجمهور بالقدوات عياذا بالله!!
ودع عنك رئيس المجلس العلمي لفكيك، وانظر في حال من سبق إعفاؤهم قبله من أئمة وخطباء ووعاظ ومسؤولين إداريين، هل تم إعفاؤهم لعلة إخلالهم بالواجب، أم لأنهم كانوا أحرص وأشجع من غيرهم في القيام بالواجب والصدع بمقتضاه.
شخصيا كنت أعظ الناس في المساجد بمناسبة شهر رمضان المبارك، وبحوزتي تزكية الوعظ والإرشاد، وفي رمضان الماضي تم التحفظ على إدراج اسمي في اللائحة، وتوقف ذلك الخير وإن لم يتوقف أجره عند الله إن شاء الله.
مع العلم أن دروسي كانت في الأخلاق والقيم ومقاصد العبادات، ولم يكن فيها أدنى إحراج أو استفزاز لشعور “صحاب الحال”. وقبله بأعوام كان “التوقيف” الذي تعلمونه جميعا، والذي نزل علي مغتسلا باردا، وشرابا حلوا لذيذا.
وحتى لا ننظر إلى الشوك في الورود ونعمى أن نرى الندى فوقها إكليلا؛ فإن تدوينة رئيس المجلس العلمي لفكيك المقال، وتصريحاته بعد الإعفاء، وبلاغات فضيلة العلامة الدكتور أحمد الريسوني (…) لتبعث على الفخر والشرف، وتنعش الآمال في النفوس، وتشعرنا بأن الخير باق في الأمة وعلمائها، وإن قل الصادقون الربانيون، وكثر المتملقون الوصوليون، الواقعون أسرى “حب الدنيا وكراهية الموت”.
وشكرا مرة أخرى ل “غزة” الفاضحة الكاشفة، التي تأبى إلا أن تخرج أمة الإسلام من ظلمات الوهم إلى أنوار الفهم، ومن ضلالات المزالق، إلى بوارق الحقائق.
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولله العزة ولرسوله وللمومنين.
إرسال التعليق