فوضى المهاجرين غير النظاميين من دول الساحل: بين غياب السياسة الاستباقية وتنامي قلق المواطنين

آخر الأخبار

فوضى المهاجرين غير النظاميين من دول الساحل: بين غياب السياسة الاستباقية وتنامي قلق المواطنين

رصد المغرب / عبدالعالي بريك


تعود إلى الواجهة من جديد قضية الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها مواطنون مغاربة على يد بعض المهاجرين غير النظاميين المنحدرين من دول الساحل الإفريقي. فرغم مرور سنوات على حوادث دامية خلّفت ضحايا بالعشرات، بين قتلى ومصابين بعاهات مستديمة، إلا أن المشهد لم يتغير كثيرًا، بل زاد حدةً في الآونة الأخيرة، وأصبح مصدر قلق واسع في صفوف المواطنين.

هؤلاء المهاجرون، الذين دخلوا التراب الوطني بطرق غير شرعية، غالبًا ما تكون وجهتهم أوروبا، لكن بعد تعثر حلم العبور، يجد كثير منهم أنفسهم عالقين في المغرب، يواجهون واقعًا صعبًا من التشرد والضياع، رغم محاولات الدولة توفير خدمات إنسانية أساسية من سكن مؤقت وتطبيب وتعليم.

غير أن شريحة من هؤلاء المهاجرين، للأسف، انخرطت في أنشطة إجرامية، مستغلة هشاشتها وظروفها غير المستقرة، ما جعل الشوارع في عدد من المدن المغربية مسرحًا لأحداث عنف وسرقات واعتداءات مقلقة. ففي مدن كفاس، والدار البيضاء، والرباط، وغيرها، يسجل المواطنون تزايدًا في ظاهرة التسول العدواني، وفرض الإتاوات على المارة، وتهديد السائقين، بل وحتى اقتحام ممتلكات خاصة والعنف المسلح.

ولعل جريمة القتل الأخيرة التي راح ضحيتها حارس ليلي بأحد المراكز التجارية بمدينة فاس، حين أقدم ثلاثة مهاجرين على تقييده وتعذيبه حتى لفظ أنفاسه، تمثل نقطة تحول خطيرة في هذه الظاهرة. كما أن حادثة بتر أصابع تاجر في المدينة ذاتها على يد مهاجر آخر بهدف السرقة، تعكس حجم العنف المستعمل، والخطر الداهم على الأرواح والممتلكات.

وفي 18 يونيو الجاري، تفجرت حادثة أخرى مثيرة، تمثلت في اعتداء مجموعة من المهاجرين على زوار “مقبرة الشهداء”، حيث فرضوا عليهم دفع أموال بالقوة مقابل قارورة ماء لزيارة قبور ذويهم، تلتها محاولة اقتحام فرع بنك في الدار البيضاء من طرف أزيد من 20 شخصًا، لولا تدخل الأمن في اللحظات الأخيرة.

وتتعدد الأمثلة، كحوادث احتلال الكنائس المهجورة بالقوة، ورفض إخلائها رغم تدخل السلطات، مما يضع البلاد أمام واقع معقد، يهدد الأمن المجتمعي ويطرح تساؤلات قانونية وسياسية مستعجلة.

فمن يتحمل مسؤولية هذه الفوضى؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع تزايد هذه الأحداث؟ وهل توجد رؤية واضحة لاحتواء تداعيات الهجرة غير النظامية وضمان حماية المواطنين، دون السقوط في دوامة التوتر المجتمعي أو ردود الفعل العنيفة من الطرفين؟

هذه الأسئلة الجوهرية تحتاج إلى أجوبة حقيقية، تتجاوز مقاربات التدبير الظرفي، نحو سياسات استباقية تراعي البُعد الأمني والحقوقي والإنساني معًا، حتى لا يتحول ملف الهجرة إلى قنبلة اجتماعية موقوتة.

إرسال التعليق