آخر الأخبار

قضية “دقيق الورق” النيابة العامة تدخل على الخط و”أونسا” تسحب تراخيص تسع مطاحن

قضية “دقيق الورق” النيابة العامة تدخل على الخط و”أونسا” تسحب تراخيص تسع مطاحن

رصدالمغرب / عبدالله بوشريط


تتفاعل قضية “دقيق الورق” التي فجرها البرلماني أحمد التويزي، لتتحول إلى ملف وطني يلقي بظلاله على المشهدين السياسي والإعلامي بالمغرب، حيث بعد اتهامات مباشرة بوجود شبهات فساد في منظومة دعم القمح، وجدت الحكومة نفسها أمام امتحان جديد عنوانه الشفافية والمحاسبة في تدبير المال العام، وذلك من تحت قبة البرلمان إلى قاعات القضاء.

بدأت القصة عندما أثار النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة تحت قبة البرلمان قضية وصفت بـ”القنبلة”، مشيرا إلى احتمال وجود تجاوزات خطيرة تمس جودة الدقيق المدعم، بل وذهب إلى حد الحديث عن “خلط الورق بالدقيق”، حيث تصريحات التويزي أشعلت الرأي العام، ودفعت السلطات إلى التحرك بشكل عاجل للتحقق من صحة الاتهامات.

وفي تطور لاحق، أعلن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) سحب تراخيص تسع مطاحن يشتبه في تورطها في مخالفات تتعلق بمعايير السلامة والجودة، مؤكدا أنه باشر تحقيقات ميدانية شاملة بالتنسيق مع السلطات المختصة، لتتحرك النيابة العامة بعد ذلك، وتفتح تحقيقا معمقا في القضية.

من جهته، أكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن النيابة العامة فتحت فعلا تحقيقا في الموضوع، مبرزا أن القضاء تحرك، ومن واجب الجميع احترام القرارات القضائية، لأن استقلالية القضاء خط أحمر، حيث أضاف خلال الندوة الصحافية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي:”القضاء هو الجهة المخولة للنظر في هذه المعطيات، ولا حاجة لأي تحقيق مواز من طرف الحكومة”.

التحرك القضائي جاء بناءا على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي أمر بفتح بحث رسمي حول ما أثير من شبهات بخصوص خلط مواد غير صالحة بالاستهلاك البشري في الدقيق المدعم، مستندا إلى مقتضيات الفصل 107 من الدستور المغربي الذي ينص على استقلال السلطة القضائية، وإلى المادة 40 من قانون المسطرة الجنائية التي تخول للنيابة العامة مباشرة الأبحاث في الجرائم المحتملة.

وبين المجاز والاتهام هناك جدل لا يهدأ، حيث في خضم التفاعلات، انقسم الرأي العام بين من يرى في تصريحات التويزي “مجازا تعبيريا” للتنديد بتردي جودة بعض أنواع الدقيق، ومن اعتبرها اتهاما صريحا بالفساد يستوجب المحاسبة، ولكن المؤكد أن هذه القضية فتحت نقاشا واسعا حول منظومة دعم القمح وطرق مراقبتها، في وقت يطالب فيه المواطنون بالكشف الكامل عن نتائج التحقيق وضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات، التي تذكر بصفحات سوداء من تاريخ البلاد مثل قضية الزيوت المسمومة في ستينيات القرن الماضي.

الكرة الآن في ملعب القضاء

بين تأكيدات الحكومة وتحركات “أونسا” من جهة، وتدخل النيابة العامة من جهة أخرى، يبقى الملف مفتوحا على جميع الاحتمالات، لأن الكرة الآن في ملعب القضاء، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات القضائية من نتائج قد تعيد رسم ملامح الثقة في منظومة الأمن الغذائي الوطني.

إرسال التعليق