لو كنتُ مدعوًا إلى حوار رئيس الحكومة، لوضعت أمامه هذه الأسئلة:

لو كنتُ مدعوًا إلى حوار رئيس الحكومة، لوضعت أمامه هذه الأسئلة:
رصد المغرب/توفيق بوعشرين
1/ السيد رئيس الحكومة، تقول بعض التحليلات انك كُلِّفت سياسيًا بطي صفحة العدالة والتنمية. وأُعطي لك الضوء الأخضر لتجنيد الأعيان وسماسرة الانتخابات من أجل كسب انتخابات 2021.الا انك لم تطوِ فقط صفحة الإسلاميين، بل طويت صفحة السياسة وجففت ينابيعها. والآن، وقد صرت جزءًا من المشكلة، عوض أن تكون جزءًا من الحل حسب البعض… هل ستنسحب من السياسة وتعود إلى مقر “أكوا” في الدار البيضاء بعد نهاية ولايتك الحكومية ؟
2/ السيد رئيس الحكومة، تقول إنك مرتاح وسعيد بخروج ملف الانتخابات، والإعداد لها سياسيًا ، من يدك إلى يد وزير الداخلية. هل تصدق عليه نكتة كانت تُقال في حق العثماني عندما كنت “super وزير” في حكومته؟ كان يُقال: سعد الدين العثماني رئيس حكومة منتدب لدى وزير الفلاحة والصيد البحري. هل صرت الآن، السيد عزيز، رئيس حكومة منتدب لدى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت؟
3/ السيد رئيس الحكومة، في عهدكم خرج الرئيس السابق لمؤسسة دستورية اسمها “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة”، البشير الراشدي.
قال إن الفساد يكلف البلاد، التي أنت رئيس حكومتها، 50 مليار درهم في السنة. فخرج الناطق باسمك يرد عليه. وهناك أخبار تحتاج إلى تأكيدك: أن مصالح الضرائب قصدوا شركة هو مساهم فيها لمراجعة ضريبية انتقامية جراء كلامه هذا. هل هذا صحيح؟
وهل ساهمت، السيد رئيس الحكومة، في إقالة الراشدي الذي كان يزعج راحتك بتصريحاته وتقاريره؟
4/ السيد رئيس الحكومة، علاقة دائمًا بملف الفساد… لأكثر من سنة، وخطاب انتقادك في الإعلام، يرفع في وجهك تهمة تضارب المصالح. في صفقتين على الأقل: الأولى: استفادت شركتك من صفقة تحلية الماء بالدار البيضاء بمبلغ كبير يصل إلى 10 مليارات درهم، رغم أن شركاتك لا تملك أي تجربة ولا سابقة في تحلية ماء البحر. ومع ذلك جلبت شركة من إسبانيا، وأدخلتها مع شركتين أخريين، وفزت بالصفقة.
عن طريق إخفاء معلومات مهمة عن شركائك:
• الأولى: الدعم المخصص للمشاريع الكبرى التي تمر من لجنة الاستثمار التي أنت رئيسها.
• الثانية: تخفيض الضريبة على الأرباح من 35% إلى 20% على هذا النوع من الشركات.
فلو كان لدى منافسيك هذه المعلومات، ربما قدّموا ثمنا أقل من الثمن الذي أخذت. نحن هنا، حسب بعض الأصوات في المعارضة، أمام جريمتين: الأولى تضارب المصالح، فأنت كرئيس حكومة أعطيت المشروع لشركتك. والثانية جريمة délit d’initié: الاستفادة من معلومة ليست لدى الغير، وفرها موقعك في السلطة
5/ الآن نمر إلى فوز شركتك “أفريكا” بصفقة تمويل الفيول إلى ONE، الذي تعتبر أنت رئيس مجلس إدارته. إذا لم يكن هذا هو تضارب المصالح، فما هو تعريفكم لتضارب المصالح؟ الفصل 36 من الدستور المغربي ينص على معاقبة المخالفات المتعلقة بتضارب المصالح، واستغلال النفوذ، والتسريبات التي تُخل بالمنافسة النزيهة.
6/ السيد عزيز أخنوش. كتب بعض المعلقين:
“سجل اسمه في التاريخ كأقوى رئيس حكومة في كل تاريخ المغرب. استطاع أن يشارك في الحكومة الواحدة بحزبين: حزب الأحرار وحزب أكوا. واستطاع بماله وعلاقاته أن يبسط سلطته على الحكومة، والبرلمان، والجهات، والجماعات الترابية، ومؤسسات الحكامة، والمواقع الحساسة في الإدارة، مستغلًا ظروف المرحلة. وكل من يقلق راحة السي عزيز يجد نفسه في السجن، أو يُعرض نفسه للإقالة مثل الكراوي، أو يُلقي بشركته بين أسنان المراجعات الضريبية. والباقي تتكفل به غابة المنابر الصحفية التي أنشأها أو يمولها”. بماذا تعلق على هذا التوصيف؟
7/ نزار بركة، وزير التجهيز في حكومتك، قال إن 13 مليار درهم ذهبت هباءً منثورًا كدعم وُجّه إلى الخرفان. وفي الأخير لم تنزل الأسعار. فدعت أحزاب المعارضة إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق. كان الأولى بكم، السيد رئيس الحكومة، أن تسمحوا بتشكيلها، لا بعرقلتها. مما عزز الاقتناع أن حكاية 13 مليار درهم، التي ذهبت إلى جيوب “الفراقشية”، صحيحة.
8/ تقييم الأداء السياسي لأي حكومة دائمًا ما يعرف اختلافات. لهذا تلجأ الصحافة إلى الأرقام، ومن مصادرها الموثوقة. اليوم، تقول HCP إن نسبة البطالة كانت 13٪. والآن ما زالت في حدود 12.8٪. وهي أعلى نسبة في كل تاريخ المغرب. وهذه النسبة تقترب من 49٪ لدى الشباب. هذا رغم الأوراش المفتوحة، ورغم المليارات التي تقترضونها من الداخل والخارج. بماذا تفسر عجز الحكومة عن تنزيل معدل البطالة؟
9/ المغرب صُنّف من قبل منظمة “مراسلون بلا حدود” في مرتبة مخجلة من حيث احترام حرية الصحافة وحرية التعبير. المرتبة 124. وأنت، السيد رئيس الحكومة، ساهمت في هذا التصنيف أولًا باتهامك كرجل أعمال، وبسماحك لوزير العدل برفع خمس دعاوى قضائية ضد الصحافي حميد المهدوي. ثم إن حكومتك ساهمت في رسم صورة سلبية لأوضاع الصحافة في البلاد، عن طريق قانون جديد لإعادة تشكيل المجلس الوطني للصحافة، مخالف للدستور وللأعراف الديمقراطية. قانون استنكره الجسم المهني بأغلبية ساحقة لمكوناته. ألا تشعر أنكم في ورطة حقوقية بهذه التصرفات؟
10/ يقول تشرشل: “السياسي يحتاج إلى القدرة على كتابة وعود لتتحقق غدًا، وأسبوعًا، وشهرًا، أو سنة. ثم يحتاج إلى القدرة على تبرير لماذا لم تحدث”. هل يمكن أن تفسر للمشاهدين لماذا لم تنزل أسعار المواد الغذائية في عهدك؟ ولماذا التضخم باق ويتمدد على القدرة الشرائية للمواطنين؟
11/ السيد رئيس الحكومة، دخلتم في سياسة بيع أصول الدولة: مستشفيات، جامعات، مدارس، عقارات… تحت عنوان جميل اسمه “التمويلات البديلة”. وحصلتم من هذه العملية على مليارات الدراهم في هذه السنوات الأربعة. هل يمكن أن تقول لنا ما هي المعايير التي تختارون بها الجهات التي تبيعون لها مؤسسات الدولة؟ ولماذا لا تنشرون عقود التفويت وعقود الكراء التي تبرمونها مع المالكين الجدد لهذه العقارات؟ وما هي دفاتر التحملات؟
12/ السيد رئيس الحكومة، البلاد صرفت أكثر من 100 مليار درهم، أي 10 مليارات أورو، على مدى خمس أو ست سنوات. وفي الأخير لم يجد المواطن خروفًا يذبحه في العيد، كما ملياري مسلم في العالم بعضهم في إفريقيا. هل تفكرون في هذه الصورة؟ ومتى تراجعون سياسة الفلاحة التصديرية لبلاد لا يجد بعض مواطنيها الماء للشرب؟
13/ السيد رئيس الحكومة، لدى حزبكم وحلفاؤكم الأغلبية في الغرفة الأولى والثانية والثالثة… عفوًا، ماذا تقول السيد أخنوش؟ لا توجد غرفة برلمانية ثالثة؟ نعم، لا توجد في الدستور، لكنها توجد عند صالح التامك في السجون. أقصد بالغرفة الثالثة التي لدى حزبكم الأغلبية فيها: مجموع البرلمانيين المعتقلين في السجون أو المتابعين أمام المحاكم. ألا يزعجك أن تجد أعضاء أدخلتهم إلى المكتب السياسي للحزب وترشحوا لازرق وتجدهم في السجون؟ ألا يؤثر ذلك في شرعية أغلبيتكم؟
14/ وصل الدين الخارجي فقط إلى أكثر من 70 مليار دولار، بزيادة تتجاوز 7% كل سنة. أي أن في ذمة كل مغربي، من الأطفال إلى الشيوخ العجائز، حوالي 19 ألف درهم. والعداد مازال يدور. فين غادي بينا أخونا؟ وهل من دراسة جدوى لمشروع تنظيم كأس العالم؟
في الختام:
سأل عادل إمام شيخًا في الحافلة يقرأ الجريدة: هل هناك خبر عن نزول أسعار المواد الغذائية التي تشعل النار في جيوب المواطنين؟ فأجاب الرجل: نعم، هناك أشياء كثيرة سترخص. فاستبشر عادل إمام وقال له: الله يبشرك بالخير! وما هي هذه الأشياء؟ فقال الرجل الغلبان: “أشياء كثيرة سترخص، وأولها أنت وأنا وذاك وكل مواطن يرضى بالحكومة ووزرائها وسياساتها…”.
لكل شعب رئيس الحكومة التي يستحق. لابد من أن نقولها بصراحة جارحة: انتهى الكلام.
إرسال التعليق