مالي ترفع دعوى قضائية ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية

مالي ترفع دعوى قضائية ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية
رصدالمغرب / عبدالحميد الإدريسي
في خطوة تعكس توترا متصاعدا في العلاقات الثنائية، أعلنت جمهورية مالي عن رفع دعوى قضائية ضد الجزائر لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي، متهمة إياها بالتدخل في شؤونها الداخلية وبخرق التزاماتها الدولية اتجاه الجارة الجنوبية.
تعود جذور الأزمة إلى ملفات إقليمية معقدة، أبرزها الوضع الأمني في شمال مالي، حيث تلعب الجزائر دور الوسيط التقليدي بين الحكومة المالية والحركات المسلحة، غير أن باماكو ترى أن هذا الدور تحول في الآونة الأخيرة إلى ما تعتبره تجاوزا لسيادتها وتدخلا مباشرا في قضاياها الداخلية.
كما يعتقد أن الخلاف تعمق على خلفية الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية، إضافة إلى التباين في المواقف السياسية إزاء الأوضاع في منطقة الساحل الإفريقي.
محكمة العدل الدولية، الذراع القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، تختص بالفصل في النزاعات بين الدول استنادا إلى ميثاقها ونظامها الأساسي، حيث لجوء مالي إلى هذه المؤسسة القضائية يعني أن باماكو تسعى لإضفاء طابع قانوني دولي على شكواها ضد الجزائر، بما قد يضع الأخيرة أمام التزامات قضائية وأحكام ملزمة إذا قبلت الدعوى.
وبحسب خبراء القانون الدولي، يتطلب قبول المحكمة للقضية توافر شرط الاختصاص، أي وجود موافقة من الطرفين أو التزام مسبق عبر معاهدة أو إعلان، وهنا قد تواجه مالي تحديا قانونيا إذا لم تعلن الجزائر قبولها باختصاص المحكمة في هذا الملف.
هذه الخطوة من شأنها أن تزيد من تعقيد المشهد في منطقة الساحل، حيث تواجه مالي تحديات أمنية عميقة مع تنامي نشاط الجماعات المسلحة، إلى جانب الضغوط الاقتصادية والسياسية، وأما الجزائر التي لطالما لعبت دور “الوسيط”، فقد تجد نفسها اليوم في موقف “المدعى عليه”، الأمر الذي قد يؤثر على موقعها كقوة إقليمية محورية.
سواء قبلت محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى أم لا، فإن الخطوة المالية تمثل سابقة دبلوماسية في العلاقات بين البلدين، وقد تنعكس بشكل مباشر على مسار الوساطات الإقليمية وعلى التوازنات داخل منطقة الساحل، ليبقى السؤال هو هل ستفضي هذه المواجهة القانونية إلى تسوية سلمية تعزز الاستقرار، أم ستفتح بابا جديدا للأزمات الدبلوماسية بين الجزائر ومالي؟
إرسال التعليق