مسطرة الاستماع بين الاستدعاء والتوقيف

مسطرة الاستماع بين الاستدعاء والتوقيف
رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي
أثارت قضية الصحافي يونس أفطيط نقاشا واسعا داخل الأوساط الحقوقية والإعلامية حول طريقة التعامل معه في إطار ما يعرف بـ”مسطرة الاستماع”، فبينما يعتبر البعض أن الأمر لا يعدو أن يكون إجراءا عاديا من صميم عمل الشرطة القضائية أو النيابة العامة، يتساءل آخرون حول هل تستوجب هذه المسطرة اللجوء إلى التوقيف أو حتى الإكراه البدني؟ ولماذا لم يقتصر الأمر على استدعاء كتابي أو شفوي، كما هو متعارف عليه قانونياً؟
في القوانين الإجرائية المغربية، الأصل في مسطرة الاستماع أن تتم بناء على استدعاء، سواء كتابي أو شفوي، يوجه للشخص المعني ليمثل أمام الجهة المكلفة بالبحث أو التحقيق، بحيث اللجوء إلى الإيقاف أو التوقيف المؤقت، يفترض أن يكون إجراءا استثنائيا، مرتبطا إما بحالة التلبس أو بوجود خطر من فرار المعني أو عرقلة سير العدالة.
غير أن ما وقع مع الصحافي يونس أفطيط يثير تساؤلات جوهرية، وهي هل نحن أمام تطبيق متشدد للنصوص القانونية؟ أم أن هناك “رسالة مشفرة” يراد إيصالها لبقية المواطنين عبر هذا التعامل الصارم؟ أم أن المسألة مجرد سوء فهم لتأويل المقتضيات الواردة في قانون المسطرة الجنائية والمدنية معا؟
هذه الأسئلة تفتح الباب أمام نقاش أكبر حول حدود السلطة التقديرية للأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون، وحول مدى التوازن بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات الفردية والجماعية.
وبعيدا عن منطق الاتهام أو الانتقاد المجاني، ما يطرحه الرأي العام اليوم هو طلب تفسير شفاف ومفصل من طرف “الجهابذة” القانونيين والخبراء الحقوقيين، حتى تتضح الصورة للجميع، لأن المجتمع لا يعترض على تطبيق القانون، بل يتطلع إلى أن يمارس بعدالة، وبمنهجية تحترم فلسفة النص وروحه، لا أن تفهم منه قراءات متناقضة.
إن قضية الصحافي يونس أفطيط لم تعد مرتبطة بشخصه فقط، بل تحولت إلى مرآة تعكس علاقة المواطن بالقانون ومؤسساته، حيث السؤال الجوهري الذي يظل مطروحا هو هل نحن بحاجة إلى مراجعة بعض الممارسات، أم فقط إلى تفسير أوضح للقوانين حتى تزول الشبهات وتحترم الضمانات؟
إرسال التعليق