معطيات اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول المغاربة في مناطق النزاع

آخر الأخبار

معطيات اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول المغاربة في مناطق النزاع

رصد المغرب 

 

في إطار اهتمام البرلمان المغربي بتداعيات الظاهرة الإرهابية وعلاقتها بالمواطنين المغاربة، خصوصًا أولئك الذين التحقوا ببؤر التوتر في سوريا والعراق، تم تشكيل لجنة استطلاعية مؤقتة منبثقة عن لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج. وقد هدفت هذه اللجنة إلى استقصاء المعطيات المتعلقة بالمقاتلين المغاربة وعائلاتهم في مناطق النزاع، والوقوف على التحديات الأمنية، القانونية والإنسانية المرتبطة بعودتهم المحتملة إلى المغرب.

أبرز التقرير البرلماني، في ضوء إفادة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن تنظيم “داعش” أحدث تحولًا جذريًا في الظاهرة الإرهابية. فبعكس التنظيمات السابقة التي اعتمدت على نمط “المقاتل الفرد”، جاء “داعش” بمفهوم جديد يتمثل في “المقاتل وعائلته”، نتيجة تبنيه لمشروع إقامة “دولة الخلافة” والسيطرة على الأرض والسكان. وقد أدى هذا التحول إلى استقطاب عدد من النساء والأطفال، إلى جانب المقاتلين، وهو ما زاد من تعقيد الظاهرة وصعوبة التعامل معها من طرف الدول.

 معطيات رقمية دقيقة حول المغاربة في سوريا والعراق

أوردت اللجنة معطيات دقيقة تفيد أن عدد المغاربة الذين التحقوا بمناطق النزاع بلغ:

  • 1654 مقاتلًا، التحق 1300 منهم بتنظيم “داعش”، بينما التحق الباقون بتنظيمات إرهابية أخرى مثل “القاعدة” و”جبهة النصرة”.
  • 640 فردًا من النساء والأطفال رافقوا المقاتلين أو التحقوا بهم لاحقًا.
  • 740 مقاتلًا لقوا حتفهم في المعارك، بينما يُعتقد أن 350 ما زالوا أحياء.
  • 269 عادوا إلى المغرب، ويُعتقد أن 241 منهم معتقلون حاليًا.

وتتواجد بقية العائلات المغربية في ثلاثة مخيمات رئيسة داخل الشمال الشرقي لسوريا، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وهي: مخيم الهول، مخيم الروج، ومخيم عين عيسى.

المقاربات الدولية في التعامل مع العائدين

استعرض الوزير ثلاث مقاربات رئيسة تعتمدها الدول في التعامل مع رعاياها العائدين من مناطق النزاع:

  1. المقاربة الشاملة: استرجاع جميع المواطنين، بمن فيهم المقاتلون (كما هو الحال في طاجيكستان وكازاخستان).
  2. مقاربة استرجاع القاصرين فقط: وتُعتمد مثلًا في تونس.
  3. مقاربة “الحالة بالحالة: حيث يُنظر إلى كل حالة على حدة، كما هو الحال في فرنسا والنرويج والدنمارك.
  4. مقاربة إسقاط الجنسية: وتتبعها دول مثل الولايات المتحدة، أستراليا، كندا، بلجيكا، وسويسرا.

أما المغرب، فيتبنى مقاربة متحفظة نظرًا لغياب معطيات دقيقة، وصعوبة التواصل المباشر مع السلطات السورية والعراقية، مما يجعل الاعتماد على وسطاء دوليين أمرًا حتميًا (كالصليب الأحمر الدولي، والسفارات المغربية في لبنان والأردن). كما يطرح موضوع ازدواجية الجنسية تحديًا قانونيًا كبيرًا، لا سيما في حالة إسقاط جنسية البلد الآخر، ما يفتح النقاش حول من يُعدّ “مغربيًا” في هذه الحالة.

أشار الوزير إلى أن المعالجة الفعالة لظاهرة العائدين تقتضي النظر في ثلاثة تحديات مركزية:

  1. التحدي الإيديولوجي: لا تزال الإيديولوجيا المتطرفة فاعلة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويصعب احتواؤها دون استراتيجية دولية رقمية فعالة.
  2. تحدي الخطاب المضاد: غياب خطاب إعلامي وفكري متماسك يعادل الخطاب المتطرف يجعل المعركة غير متكافئة على مستوى التأثير والإقناع، رغم الإمكانيات التقنية المتوفرة لدى بعض الدول الكبرى.
  3. تحدي التمدد الجغرافي: يعرف العالم تحولًا في بؤر التوتر نحو القارة الإفريقية، حيث أصبحت مناطق مثل مالي ونيجيريا وبوركينا فاسو مركزًا جديدًا للعمليات الإرهابية، متجاوزة حتى أفغانستان من حيث عدد الهجمات والضحايا.

 

وفي سؤال وحهناه الى احد المسؤولين داخل التنسيقية حول ماجاء في تقرير اللجنة الاستطلاعية وايضا حول أسباب تاخير الملف كان جوابه كالتالي

تُعدّ مسألة تأخر الدولة المغربية في استرجاع المواطنين المغاربة المعتقلين في مناطق النزاع، بالإضافة إلى النساء المحتجزات لدى القوات الكردية، والأطفال اليتامى، من القضايا التي تثير العديد من التساؤلات حول جدية الدولة في التعامل مع هذا الملف الإنساني والأمني. وعلى الرغم من أن الدول الغربية قد نجحت في استرجاع رعاياها، إلا أن المغرب ظل مترددًا في اتخاذ خطوات فعّالة وسريعة في هذا المجال، مما يثير التساؤلات حول أولويات الدولة ومدى اهتمامها بحياة مواطنيها في مناطق النزاع.

وفي الوقت الذي تم فيه تشكيل لجنة استطلاعية برلمانية لفحص وضع المغاربة في مناطق النزاع، إلا أن هذه اللجنة لم تكمل مهامها بشكل كامل من خلال إحداث لجنة متابعة، كما فعلت العديد من الدول التي اتخذت إجراءات سريعة لتتبع ملفات رعاياها العائدين. إن عدم استكمال المهمة والتكاسل في متابعة مخرجات اللجنة قد يُفهم على أنه محاولة من بعض الأحزاب المشاركة في اللجنة لتهدئة الوضع والانتفاع من الملف سياسيًا، دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

هذا التأخير، إضافة إلى غياب استراتيجية واضحة لإعادة المواطنين المغاربة العائدين، يساهم في تعقيد الوضع الأمني والقانوني في البلاد. إن التحدي يتمثل في إيجاد توازن دقيق بين السيادة الوطنية والحقوق الإنسانية، وهو ما يتطلب إرادة سياسية حقيقية، لا أن تبقى الملفات الحقوقية والأمنية أسيرة الحسابات السياسية الضيقة.

من هنا، فإنه يتعين على الدولة المغربية أن تتخذ خطوات أكثر سرعة وفاعلية في معالجة هذه القضايا، وألا تسمح بتراكم المشاكل التي يمكن أن تزداد تعقيدًا بمرور الوقت.

 

إرسال التعليق