
من السجن إلى المرض… صرخة مغربي يُحتضر في صمت الدولة
رصد المغرب/عبد العالي بريك
إلى من بقي في هذا الوطن قلبٌ يسمع…
إلى من لم يُطفئ بؤس الواقع جذوة الضمير…
أخطّ هذه الكلمات من جراح سنوات الظلم والخذلان، ومن وجع جسد أنهكه السجن والمرض والإهمال.
وصلني مؤخرًا خبر قاسٍ من المستشفى: أنا مصاب بمرض خبيث يتطلب علاجًا فوريًا وعمليتين جراحيتين عاجلتين. لكن الواقع أبشع من التشخيص. فتكاليف العلاج باهظة، والتغطية الصحية للفئات الهشة لا ترحم، بل تُقايض الحياة بالمال: إمّا أن تدفع أو تموت.
في خضم هذا الألم، تواصلت معي مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، المعروفة اليوم بـ”الرعاية اللاحقة”، والتي لم ألجأ إليها طيلة سنوات ما بعد السجن، رغم الاعتقالات المتكررة والجائرة التي عانيت منها منذ 2003 إلى 2024، وما خلّفته من عاهات نفسية وجسدية.
طرقوا بابي، وقالوا إنهم مهتمون بمساعدتي. طلبوا مني تقديم مشروع مدر للدخل، وقدّمتُ عدة مقترحات نابعة من مهاراتي في التصوير وفي التجارة… فجاء الرفض تلو الآخر، ثم فُرض عليّ نموذج جاهز لا يخدمني، لكنني قبلتُ به تحت ضغط الحاجة إلى العلاج والاستشفاء.
تم تحديد المبلغ المخصص للمشروع في 70 ألف درهم، وتم خصم ضرائب وأوراق وضمانات وهمية، لأتفاجأ أن القيمة الحقيقية للمعدات التي توصلت بها لا تتجاوز 16 ألف درهم! هذا ليس فقط تلاعبًا ماليًا… إنه تلاعب بكرامتي، بوجعي، بأبنائي الذين أراهم يذبلون أمامي.
فمن المستفيد من هذا؟ هل أنا، المعتقل السابق، أم أولئك الذين حولوا مشاريع “الرعاية” إلى صفقات مربحة على حساب عذاباتنا؟
اليوم، وقد ضاقت بي السبل، ولم أعد أملك حتى ثمن الدواء، أعلن للرأي العام الوطني والدولي، أنني قررت خوض اعتصام مفتوح، متبوعًا بإضراب عن الطعام والماء، احتجاجًا على هذا الإذلال الممنهج، وعلى الإهمال الذي أوصلني إلى حافة الموت. أحذر من أي محاولة للمساس بي أو تلفيق التهم كما حدث في الماضي، فإنني أحمل الجهات المعنية كامل المسؤولية عمّا قد يحدث لي.
اللهم إني قد بلّغت… فقد بلغ السيل الزبى.
إرسال التعليق