آخر الأخبار

نتنياهو و”قطعة من إسرائيل في جيبك”، قراءة في دلالات التصريح

نتنياهو و”قطعة من إسرائيل في جيبك”، قراءة في دلالات التصريح

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


أثار تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال فيه: “إذا كان لديك هاتف محمول، فأنت تحمل قطعة من إسرائيل”، جدلا واسعا، خصوصا مع ربطه بالتقارير التي تتحدث عن استخدام إسرائيل لتقنيات تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة ضد شخصيات مستهدفة.

جاء كلام نتنياهو في سياق إبراز ما تعتبره إسرائيل “إنجازاتها التكنولوجية”، حيث تقدم الدولة العبرية على أنها واحدة من أبرز اللاعبين في قطاع التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، غير أن ربط هذه التقنيات بممارسات عسكرية وأمنية أثار موجة من التساؤلات حول الحدود الفاصلة بين “الابتكار المدني” و”الاستخدام العسكري”.

الهواتف الذكية التي تمثل أداة لا غنى عنها في حياة البشر اليومية، تحمل في داخلها أنظمة تتبع ومراقبة دقيقة، بحيث مع تزايد المعلومات عن دور شركات إسرائيلية في تطوير برمجيات تجسس مثل “بيغاسوس”، يصبح التساؤل مشروعا حول مدى اختراق الخصوصية العالمية لصالح أهداف استخباراتية.
تصريح نتنياهو لم يقرأ فقط كتفاخر تقني، بل أيضا كإقرار ضمني بأن إسرائيل تنظر إلى هذه التكنولوجيا باعتبارها أداة سيطرة استراتيجية.

خلال السنوات الماضية، تداولت وسائل الإعلام تقارير عن استخدام إسرائيل تقنيات متطورة لتحديد مواقع قيادات عسكرية وسياسية في المنطقة، ما ساعدها على تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة، حيث رغم أن تل أبيب غالبا لا تؤكد هذه العمليات بشكل رسمي، فإن التصريحات المتكررة لمسؤوليها تلمح إلى اعتمادها الكبير على البنية التكنولوجية في الميدان الأمني.

تصريح نتنياهو يكشف عن إشكالية عميقة، وهي كيف يمكن لدولة أن تقدم نفسها كـ”وادي السيليكون الجديد”، وفي الوقت نفسه تستثمر هذه القدرات في سياسات اغتيال ومراقبة؟ حيث هذا التداخل بين المدني والعسكري يفتح الباب لنقاش عالمي أوسع حول خطورة التكنولوجيا حين تصبح وسيلة للهيمنة السياسية، لا مجرد وسيلة لتسهيل الحياة اليومية.

كلام نتنياهو لم يكن مجرد جملة عابرة، بل رسالة سياسية ـ تكنولوجية تحمل في طياتها إقرارا بنفوذ إسرائيل العابر للحدود في مجال الاتصالات والمراقبة، لكن هذه الرسالة بدلا من أن تعزز صورة “التفوق التقني”، قد تسلط الضوء أكثر على الوجه المظلم للتكنولوجيا حين تتحول إلى أداة اغتيال وتصفية حسابات.

إرسال التعليق