
تصريحات بركة تكشف تصدعات الحكومة مجددا والمؤشرات تشير إلى تغيرات في المشهد السياسي
رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي
تثير التصريحات الأخيرة لنزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، جدلا واسعا في الأوساط السياسية المغربية، بعد أن عرت بشكل غير مباشر التوترات الكامنة داخل صفوف الأغلبية الحكومية، حيث هذه التصريحات التي لم تأت من فراغ، أعادت إلى الواجهة أسئلة محورية حول مدى تماسك التحالف الحكومي، وجدية الالتزامات التي تم التوافق عليها بين مكوناته.
وبركة المعروف بتموقعه المعتدل داخل المشهد السياسي، لم يخف تبرمه من بعض السياسات الحكومية، خاصة تلك المتعلقة بالتدبير الاقتصادي والاجتماعي، مما قرأه محللون على أنه رسالة سياسية مبطنة تعكس امتعاضا من طريقة قيادة الأغلبية الحالية، والتي يتزعمها حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث تصريحاته جاءت لتؤكد ما كان يتداول خلف الكواليس، مشيرا إلى وجود خلافات بنيوية بين مكونات الحكومة، رغم محاولات التغطية عليها إعلاميا، فهل هي أزمة صامتة أم بداية إعادة تشكل؟.
ورغم أن الحكومة حاولت في أكثر من مناسبة إظهار الانسجام، إلا أن التصريحات المتفرقة لعدد من قادتها، بما في ذلك بركة، كشفت عن وجود “أزمة صامتة” قد تكون في طور التحول إلى أزمة معلنة، حيث في نفس السياق، يرى مراقبون أن هذه الخرجات ليست مجرد تعبير عن اختلاف في وجهات النظر، بل قد تكون مقدمة لتغييرات أعمق في المشهد السياسي المغربي.
إن الجغرافيا السياسية للحكم في المغرب تمر بمرحلة ديناميكية، تتأثر بالتحولات الاقتصادية الضاغطة، وتحديات الأمن الغذائي والمائي، وتصاعد المطالب الاجتماعية، وكل هذه العوامل تجعل من الاستقرار داخل الأغلبية الحاكمة أمرا هشا وقابلا للاهتزاز عند أول هبوب لرياح الخلافات، وهو الشيء المحتمل الذي سينعكس على الاستقرار الحكومي.
وفي حال استمرت هذه التصدعات في الاتساع، فإن سيناريو إعادة تشكيل الحكومة أو حتى الدخول في أزمة سياسية جديدة، لن يكون مستبعدا كما أن تعاظم أصوات الانتقاد من داخل مكونات الأغلبية قد يدفع برئيس الحكومة إلى إعادة ترتيب بيته الداخلي، سواء عبر تعديل حكومي جزئي أو مراجعة منهجية الاشتغال الجماعي.
وبالمقابل قد تكون هذه التصريحات بمثابة صرخة داخلية تدعو إلى مراجعة المسار دون أن تصل الأمور إلى حد القطيعة، خاصة إذا أبدى قادة التحالف نية حقيقية في تصحيح الانحرافات ومعالجة الاختلالات.
وفي انتظار ما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة، فالمشهد السياسي المغربي على موعد مع تحولات قد تكون مفصلية، خاصة مع اقتراب مواعيد تقييم الأداء الحكومي، وتزايد الضغط الشعبي من أجل تحقيق نتائج ملموسة، حيث في ظل هذه الأجواء، تظل تصريحات نزار بركة بمثابة جرس إنذار ينبه إلى أن التماسك الحكومي لا يمكن أن يكون شكليا، بل يجب أن ينبني على انسجام حقيقي ورؤية موحدة، واستعداد للتنازل من أجل المصلحة العامة.
تعليق واحد